كتب: سامية الإبشيهي -
06:14 م | الثلاثاء 15 أبريل 2025
يتجه المستهلكون في أنحاء العالم يومًا بعد الآخر نحو بدائل الألبان، ويُعد حليب الشوفان أحد أبرز هذه البدائل، ويفضّل كثيرون هذا النوع بسبب قوامه الغني ومذاقه اللطيف، بالإضافة إلى كونه خيارًا نباتيًا يناسب أصحاب الحساسية والباحثين عن نمط حياة صحي، وتتبنى شركات كبرى هذا التوجه وتبتكر منتجات تعتمد على مكونات طبيعية فقط، ورغم الشكل الجذاب لهذا التوجه، تظهر أصوات خبراء تحذر من أن تقليص المكونات قد لا يكون في مصلحة صحة المستهلك، بل قد يحمل مخاطر خفية على المدى الطويل.
أثار حليب الشوفان الجديد الذي أطلقته شركة «ماركس آند سبنسر» موجة من الجدل، بسبب اقتصاره على ثلاثة مكونات فقط، هي: «الماء، الشوفان، وملح البحر»، دون أي إضافات غذائية مثل الفيتامينات أو المعادن، ورغم أن المنتج يُسوّق على أنه «أنظف» وأكثر طبيعية، يرى كثير من المتخصصين في التغذية أن غياب هذه الإضافات قد يؤدي إلى نقص غذائي على المدى البعيد، خاصة لمن يعتمدون عليه كمصدر أساسي بديل لحليب البقر.
يقول الدكتور أحمد علام، أخصائي التغذية العلاجية، في تصريحات لـ«الوطن»، إن الفيتامينات المضافة في الحليب النباتي ليست مجرد تحسين للمنتج، بل ضرورة طبية لتعويض ما لا يمكن الحصول عليه من الشوفان وحده، مثل فيتامين B12، وفيتامين D، والكالسيوم، مشيرا إلى أن نقص هذه العناصر، خصوصًا لدى النباتيين أو الأشخاص المصابين بحساسية من الألبان، قد يؤدي إلى مضاعفات صحية خطيرة، مثل هشاشة العظام، فقر الدم، ضعف الجهاز المناعي، واضطرابات عصبية على المدى الطويل.
يحتوي حليب البقر الطبيعي على عناصر غذائية أساسية بشكل طبيعي، مثل الكالسيوم والبروتينات وفيتامين B12، في حين يحتاج الحليب النباتي إلى تدعيم صناعي للوصول إلى نفس القيمة الغذائية، بحسب علام، مؤكدا أن الشركات الكبرى مثل «أوتلي» تفهم هذا جيدًا، لذا تضيف إلى منتجاتها فيتامين D، الكالسيوم، والريبوفلافين، لتوفير خيار غذائي متوازن.
ويضيف أن غياب هذه الإضافات يجعل المنتج غير كافٍ من الناحية الطبية، خاصة للأطفال أو كبار السن أو الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة تحتاج لتغذية دقيقة ومتزنة.
ينبه علام المستهلكين إلى أهمية قراءة المعلومات الغذائية على العبوات بدقة قبل اتخاذ قرار الشراء، إذ أن اختيار منتج «نظيف» من الإضافات لا يعني بالضرورة أنه صحي، بل قد يفتقر لعناصر أساسية يحتاجها الجسم يوميًا، مضيفا: «أن المستهلك الواعي لازم يدور على القيمة الغذائية، مش بس على قصر قائمة المكونات، فالبساطة أحيانًا تكون خادعة».
بحسب أخصائي التغذية العلاجية، فإن الحليب النباتي المدعّم هو الخيار الأفضل، إذا قرر الشخص الاستغناء عن حليب البقر، ويمكن اختيار حليب الشوفان أو اللوز أو الصويا، بشرط أن يكون مدعّمًا بفيتامين B12 وD، والكالسيوم، لضمان تلبية احتياجات الجسم الغذائية، كما نصح بضرورة تنويع مصادر الغذاء وعدم الاعتماد الكامل على نوع واحد من المنتجات، لضمان توازن النظام الغذائي.
أشار علام إلى أن النباتيين، والأطفال، والنساء الحوامل، وكبار السن، هم الفئات الأكثر عرضة لمضاعفات نقص الفيتامينات في حال الاعتماد على حليب نباتي غير مدعّم، مؤكدا أن هؤلاء يحتاجون إلى إشراف غذائي دقيق، وأحيانًا إلى مكملات غذائية بجانب النظام الغذائي العادي.
ورغم أهمية الاتجاه نحو الأطعمة الطبيعية، يرى الخبراء أن التوازن هو الأساس، فالتخلص من المواد المضافة المفيدة تحت شعار «منتج نقي»، قد يؤدي إلى آثار عكسية، إذ يشدد علام، على أن الحفاظ على الصحة لا يعني فقط الابتعاد عن المواد الصناعية، بل يعني أيضا ضمان حصول الجسم على كل العناصر التي يحتاجها، سواء من الأطعمة أو المنتجات المدعّمة بشكل علمي مدروس.