كتب: سامية الإبشيهي -
02:55 ص | الثلاثاء 08 أبريل 2025
في ظل تسارع الاعتماد على التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي، باتت هذه الأدوات الرقمية جزءًا لا يتجزأ من حياة الأطفال والمراهقين، ما أثار تساؤلات جدية حول تأثيرها على الصحة النفسية، فقد رصدت دراسة سويدية حديثة أُجريت في جامعة أوبسالا، ونُشرت عام 2024، التأثيرات النفسية السلبية الناتجة عن الاستخدام المكثف للتكنولوجيا، وكشفت عن وجود ارتباط وثيق بين قضاء وقت طويل على مواقع التواصل الاجتماعي وظهور أعراض القلق والاكتئاب والعزلة الاجتماعية لدى هذه الفئة العمرية.
ووفقًا للدراسة، فإن الأطفال الذين يمضون ساعات طويلة على الإنترنت يعانون من مشاعر متزايدة من القلق والعزلة، كما تظهر عليهم علامات اكتئاب نتيجة المقارنات المستمرة مع الآخرين عبر المنصات الرقمية، كما أنّ هذه التأثيرات باتت محور اهتمام العديد من المختصين في مجال الصحة النفسية.
لا يمكننا إنكار أن التكنولوجيا تقدم العديد من الفوائد مثل تسهيل الاتصال، وتوسيع نطاق التعلم، ولكنها في الوقت ذاته تحمل في طياتها مخاطر تؤثر على صحة الأفراد النفسية، خصوصًا في مرحلة الطفولة والمراهقة، وهذه بعض التأثيرات السلبية الرئيسية التي يجب أن نأخذها في الحسبان:
تعد العزلة الاجتماعية من أبرز الأضرار النفسية الناتجة عن الاستخدام المفرط للتكنولوجيا، وتشير الدراسة السويدية إلى أن الأطفال الذين يقضون وقتًا طويلاً أمام الشاشات يعانون من تراجع في قدراتهم على التفاعل الاجتماعي، وهذا بسبب أن التواصل الرقمي لا يوفر نفس القدر من التفاعل العاطفي والجسدي الذي يحدث في اللقاءات الشخصية، وفي الواقع، يعاني الأطفال الذين يعانون من العزلة الاجتماعية من زيادة في الشعور بالوحدة وافتقارهم إلى المهارات الاجتماعية الحقيقية التي تمكنهم من التفاعل بشكل إيجابي مع الآخرين في الحياة الواقعية.
من أكثر الآثار السلبية وضوحًا للتكنولوجيا هو تأثيرها على الصحة النفسية، فأظهرت دراسة سويدية أخرى أن المراهقين الذين يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي بشكل مفرط يعانون من مستويات أعلى من القلق والاكتئاب، والسبب الرئيس وراء ذلك هو وجود محتوى مستمر يعزز من المقارنات الاجتماعية، حيث يعرض الآخرون على هذه المنصات حياتهم المثالية التي قد يشعر المراهقون بأنها بعيدة المنال، كما أن التعرض المستمر للمحتوى السلبي أو الأخبار المزعجة على الإنترنت قد يؤدي إلى زيادة مستويات التوتر والقلق.
التنمر الإلكتروني أصبح واحدًا من أبرز القضايا التي تواجه الأطفال والمراهقين في العصر الرقمي، فمع تطور وسائل التواصل الاجتماعي، أصبح التنمر أكثر سهولة وانتشارًا من أي وقت مضى، قد يواجه الأطفال تهديدات أو إساءات عبر الإنترنت تؤثر بشكل كبير على صحتهم النفسية، مما يؤدي إلى شعورهم بالخوف والحزن والعزلة، ووفقًا للدراسة فإن التنمر الإلكتروني له تأثيرات طويلة الأمد، مثل تدهور الصحة النفسية وفقدان الثقة بالنفس.
الإدمان على التكنولوجيا هو مشكلة متزايدة، إذ يعاني العديد من الأطفال والمراهقين من صعوبة في تحديد الوقت الذي يقضونه على الإنترنت، وتشير الدراسات إلى أن هؤلاء الأطفال يتعرضون لمشاكل صحية مثل اضطرابات النوم وزيادة القلق والاكتئاب، كما أن الإفراط في استخدام الشاشات يساهم في ضعف القدرة على التركيز في الأنشطة اليومية.
ووفقًا لمنظمة اليونيسيف، فيجب أن نكون حذرين عند التعامل مع التكنولوجيا في حياة الأطفال، ونحن نعلم أن الاستخدام المفرط للتكنولوجيا قد يؤدي إلى مشاكل نفسية مثل القلق والاكتئاب، ولكن إذا تم استخدامها بشكل سليم، يمكن أن تكون أداة قوية لتعزيز التعليم والدعم النفسي.
من جانبها، أشارت الدكتورة صفاء حمودة، استشاري الصحة النفسية، لـ«الوطن» إلى أنه بينما توفر التكنولوجيا إمكانيات عديدة، يجب أن نتذكر أنها لا تعني بديلًا عن التفاعل الواقعي، ومن المهم أن نعلم الأطفال كيفية إدارة الوقت الذي يقضونه على الإنترنت، والتأكد من أن هذه التكنولوجيا لا تؤثر على حياتهم الاجتماعية أو الصحية، موضحة أنّ مساعدة الأطفال على تحديد وقت استخدام التكنولوجيا ووضع حدود صارمة يمكن أن يساهم في تقليل الآثار السلبية التي قد تؤدي إلى اضطرابات نفسية.
من المهم أن تتم التوعية في المدارس والمجتمعات حول الاستخدام الآمن للتكنولوجيا، وتوضيح المخاطر المرتبطة بالاستخدام المفرط.
ينبغي أن تكون هناك ضوابط لحجم الوقت الذي يقضيه الأطفال والمراهقون على الإنترنت، سواء في المنزل أو في المدرسة، لضمان عدم تأثير ذلك على صحتهم النفسية.
يجب على الآباء والمعلمين تشجيع الأطفال على المشاركة في الأنشطة الاجتماعية والرياضية التي لا تشمل الإنترنت، لضمان توازن حياتهم.
يجب توفير الدعم النفسي بشكل مستمر للأطفال والمراهقين الذين يعانون من مشاكل نفسية نتيجة للاستخدام المفرط للتكنولوجيا.