كتب: سامية الإبشيهي -
06:03 ص | الجمعة 11 أبريل 2025
ضعف السمع من المشاكل الصحية التي تؤثر على ملايين الأشخاص حول العالم، ويتسبب في أزمات كبيرة في التفاعل الاجتماعي والتواصل، وعلى الرغم من أن الكثيرين يعتبرون فقدان السمع مشكلة معزولة، فإن الأبحاث الطبية الحديثة بدأت تكشف عن ارتباطات غير متوقعة بين ضعف السمع وعدد من المشاكل الصحية الأخرى، ومن بين هذه الارتباطات، كشفت دراسة طبية جديدة عن علاقة مقلقة بين ضعف السمع وزيادة خطر الإصابة بفشل القلب، وهذه العلاقة لم تكن معروفة إلى حد كبير في الدراسات السابقة.
في دراسة طبية حديثة أجراها باحثون صينيون، تم تحليل بيانات أكثر من 164 ألف مشارك من البنك الحيوي البريطاني في محاولة لفهم العلاقة بين ضعف السمع وأمراض القلب، والمشاركون في الدراسة خضعوا لاختبارات دقيقة لقياس قدرتهم على التمييز بين الأصوات وفهم الكلام وسط الضوضاء، وهي من أبرز التحديات التي يواجهها الأشخاص المصابون بضعف السمع.
وخلال فترة متابعة استمرت لأكثر من 11 عامًا، لاحظ الباحثون أن الأشخاص الذين يعانون من ضعف السمع، خاصة أولئك الذين يحتاجون إلى صوت أعلى لفهم الكلام، كانوا أكثر عرضة للإصابة بفشل القلب بنسبة تراوحت بين 7% للضعف البسيط و16% للضعف الشديد، ومن اللافت أن هذه العلاقة كانت واضحة حتى بعد الأخذ في الاعتبار العوامل التقليدية المؤثرة على صحة القلب، مثل العمر، ضغط الدم، والتاريخ الطبي.
أكدت الدراسة أن العوامل النفسية تُشكل دورًا محوريًا في العلاقة بين ضعف السمع وفشل القلب، فالأشخاص الذين يعانون من ضعف السمع يواجهون صعوبة كبيرة في التواصل مع الآخرين، مما يؤدي إلى عزلة اجتماعية وتزايد مستويات القلق والتوتر، وهذه العوامل النفسية تؤدي إلى زيادة إفراز هرمونات التوتر مثل الكورتيزول، والتي تساهم في ارتفاع ضغط الدم وزيادة العبء على القلب، مما يعزز من خطر الإصابة بفشل القلب على المدى الطويل.
وفي هذا السياق، أكد الدكتور مصطفى منصور، استشاري الأنف والأذن والحنجرة لـ«الوطن»، أن الدراسة تقدم رؤى جديدة في العلاقة بين السمع والقلب، وهي علاقة غير واضحة للعديد من الناس، وفي الناحية الطبية، العلاقة بين ضعف السمع ومشاكل القلب قد تبدو غريبة، لكن الحقيقة أن السمع ليس فقط عملية فسيولوجية مرتبطة بالأذن، بل هو أيضًا عملية عصبية معقدة تتداخل مع الوظائف الحيوية الأخرى في الجسم، بما في ذلك القلب.
وأضاف: عندما يواجه شخص ما صعوبة في السمع، خاصة عندما يحتاج إلى زيادة الصوت لفهم المحيط، فإنه غالبًا ما يعاني من ضغط نفسي مزمن، وهذه الضغوط النفسية تتراكم مع مرور الوقت، مما يؤدي إلى حالة من القلق والتوتر المستمرين، مما يؤثر بشكل مباشر على الجهاز العصبي الذي يتحكم في وظائف عدة في الجسم، منها ضغط الدم ومعدل ضربات القلب.
وتابع أن التوتر الناتج عن ضعف السمع يثير الجهاز العصبي السمبثاوي، المسؤول عن الاستجابة للتوتر، وهذا التفاعل يؤدي إلى زيادة مستويات الهرمونات مثل الكورتيزول، وهو ما يسبب ارتفاع ضغط الدم، ومع استمرار هذه الحالة على المدى الطويل، يتعرض القلب لضغط إضافي، مما يزيد من احتمالية حدوث فشل القلب.