كتب: أحمد الأمير -
07:26 ص | الخميس 03 مارس 2022
لا يفتأ قلب الأم عن العمل الدؤوب والتضحيات في سبيل إرضاء أبنائها لكن الريفية «سيدة محمد السجاعي» ضربت مثالًا على ذلك بمشاعرها التي أفضت بها على أبنائها لتشاركهم كل شاردة وواردة عندما طالبت ابنها على استحياء حضورها اللحظة التي يناقش فيه رسالة الدكتوراة لتضفي شعورًا يخلو من الماديات وعوارض الزمن وتقلبات الأهواء.
الشاب الذي عاش حياة تعليمية تنافسية هو وأشقاؤه الـ6 في كنف والدتهم الريفية وتدعى «سيدة محمد السجاعي» يحكي أنها لا تقرأ ولا تكتب لكنها كانت تمتلك كثيرًا من الشغف والأمل في أبنائها: «والدتي كل مناها أملها في حياتها إنها تشوفنا في مكانة كويسة ورغم ده كانت بتسخر إمكانياتها البسيطة قبل دخولنا المرحلة التعليمية، كانت بتساعدنا بالحساب نعد البرتقال مثلا واحنا في الزرع».
يقول الدكتور حمدي محمود خلال حديثه مع«الوطن» إن والدته صاحبة الـ73 عامًا سخرت كل ما تمتلك من رغبة وإرادة حتى ترى أبناءها الـ7 من خريجي الجامعات لا سيما بعد فقدانها رب الأسرة الأمر الذي ضاعف المشقة والمعاناة: «وفاة الوالد أثرت جدًا فيها، اتحملت كتير تعب ومشقة، لحد ما شافتنا كلنا خريجين جامعات».
بعد سنوات من الجهد المتواصل جاءت اللحظة التي يحصل خلالها الابن على شهادة الدكتوارة في «تكنولوجيا التعليم» من جامعة طنطا لتوجه الأم سؤالا مفاجئًا لنجلها: «سألتني هتاخدني معاك وانت بتاخد الشهادة يا دكتور ولا هتتكسف مني عشان أنا ست أمية متعلمتش؟ أنا قولتلها كل اللي عملته في حياتي بفضلك وخيرك واجتهدت في التعليم عشان دي رغبتك، بطيبة الست الفلاحة البسيطة كانت متحسسة من نظرة الناس».
يكمل الدكتور حمدي صاحب الـ40 عامًا حديثه قائلًا إنه أثناء وقوفه أمام اللجنة المكونة من كبار الأكاديميين بجامعة طنطا لاحظ دموع والدته تنهمر من عينيها: «افتكرت كلامها وشوفتها وهي بتبكي، هي عارفة قد أيه بار بيها، استأذنت الدكاترة وروحت ناحيتها ومسكت إيدها ووقفت وقولت دي أمي اللي بتشرف بيها..ورجعت كملت المناقشة لساعات عدة ولما حصلت على الشهادة أخيرا بدل ما ألبس الكاب والروب خليتها تلبسه، هي اللي تستحق هي التكريم التعب والمجهود ليها هي».
ويحكي الأكاديمي الحاصل على الدكتوراة قبل أيام موقفًا آخر خلال مناقشته رسالة الدكتوراة بجامعة طنطا يصف من خلاله مدى شعور والدته تجاهه بقوله: «كانت واقفة وسط القاعة بسبب 4 ساعات مناقشة، كانت على أعصابها، طمنتها قولتلها انا واثق من مناقشتي».
وحصل الأربعيني حمدي محمود ابن مدينة طنطا على شهادة الدكتوراة في مجال (تكنولوجيا التعليم) من جامعة طنطا عن فكرة توظيف وسائل التواصل الاجتماعي إلى محتوى أكاديمي رقمي إضافة إلى تحويله إلى مقررات إلكترونية تساعد في تطوير وإدماج محتوى فيسبوك وتيك توك وغيرها من التطبيقات الإلكترونية إلى محتوى هادف وتعليمي.