البداية من صرخة مولودة، أعلنت قدومها للحياة، تسارعت دقات قلب الأم الثلاثينية، رغبة في رؤية طفلتها، ضمة سريعة بين أحضانها، كأنها امتلكت الدنيا بين يديها، فرحة عاشتها شيماء رشدي، قطعها القلق والفزع المرسوم على وجوه الفريق الطبي، الذي كان بصحبتها في غرفة العمليات، لتدرك بعد ذلك، أن طفلتها مولودة بعيب خلقي، يلازمها طيلة حياتها.

"الصلب المشقوق"، هو المرض الذي لازم الطفلة نور إسلام، منذ ولدتها قبل 10 أعوام، تمثل في وجود كيس من السوائل خلال فتحة، في ظهر الصغيرة، وجزء من الحبل الشوكي أيضًا، ليفقدها الحركة والإحساس بالجزء الأسفل من جسدها، في البداية، قابلت الأم مرض طفلتها بالبكاء، خاصة بعدما أجرت الرضيعة عملية جراحية في ثاني أيامها بالحياة.

استردت الأم عافيتها، من صدمة مرض صغيرتها، وبدأت معها رحلة العلاج، التي لم تنتهي بعد، جولات بين عيادات الأطباء، في تخصصات مختلفة، فضلًا عن إجراء 6 عمليات جراحية، آملًا في علاج "نور"، وجعلها تسير على قدميها، لكن الوضع انتهى بالجلوس على الكرسي المتحرك، ومتابعة جلسات العلاج الطبيعي.

قاومت الأم الثلاثينية أحاديث أطباء، حاولوا زرع اليأس بداخلها تجاه مرض ابنتها: "في اللي كان بيقولي هتفضل قعدة على الكرسي.. واللي كان بيقولنا أنها هتموت ومش هتكمل"، وتبدأ مع طفلتها رحلة جديدة من التأهيل النفسي، لتعويدها على استخدام الكرسي المتحرك.

منذ عاما واحدا، اعتادت الصغيرة على استخدام الكرسي المتحرك، من الذهاب به لمدرستها، إذ أنها طالبة في الصف الثالث الابتدائي، وإظهار تفوقها الدراسي، وممارسة حياتها: "عودتها تعمل كل حاجة بنفسها.. بتعرف تلبس نفسها وبتنزل بالكرسي وبتروح في أي حتة".

مواهب كثيرة بدأت الطفلة في إظهارها، فهي الفتاة الرياضية التي تعشق ممارسة السباحة، رياضتها المفضلة، معتمدة فيها على استخدام يديها، كما أنها تنضم للماراثون بالكراسي المتحركة لتحصد المراكز الأولى: "ربنا أداها قدرات عالية". 

"آلاء" هي الفتاة المدللة التي تحب ارتداء على أحدث صيحة وعمل الفيديوهات عن موضة الجديدة، ونشرها عبر حسابها على "فيس بوك"، لتتلقى الكثير من العروض لبراندات: "نور بقت واخدة لقب.. ملكة جمال الكرسي المتحرك.. وبتعمل فيديوهات كتيرة".

"نور هي نعمة في حياتي بفتخر بيها.. وعمري ما زعلت أن ربنا رزقني بيها".. كلمات عبرت بها الأم الثلاثينية شيماء رشدي، عن حبها لطفلتها المعجزة التي تساعدها دائمًا على تنمية مواهبها.