رئيس مجلس الادارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

رئيس مجلس الإدارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

هي

الجدة "زينب" ظل طيف "صابر" يلاحقها رغم زواجها من آخر.. أول لقاء كان في "جنينة الأسماك" وكوبرى قصر النيل

كتب: روان مسعد -

10:58 ص | الأربعاء 13 فبراير 2019

الجدة

بيديها التي تملؤها عروق مشكلة أخاديد تشير لعمرها الذي تجاوز الـ70، جلست زينب مصطفى تروي لحفيدتها "البكرية" عن قصة حبها في زمن مضى منذ وقت طويل، تشيح بعينيها، تنظر إلى خارج الشباك وربما أبعد من ذلك بكثير، أصوات العصافير تأتي منه تساعد الجدة في السفر عبر الزمن، وتذكر قصة عمرها يزيد عن 50 سنة، حدثت في مكان قريب من بيت زواجها الحالي قصة بطلها محمد صابر.

ربما كان الوقت حينها لا يسمح لأي من الفتيات بالبوح والحديث عن ذكريات المراهقة، والحب، حتى لأكثر المقربات لديهن خوفا من الوشاية أو أن تصل القصة للأهل الذين يمنعوا بشدة حدوث مثل تلك الأمور، وكانت الفتاة التي تحلم بالحب عليها بالصمت، وكتمان الإحساس، كي تتمكن من رؤية حبيبها والعيش في هدوء.

تتذكر الجدة كيف كان اللقاء الأول، وقتما كانت في المرحلة الإعدادية، تذهب وتجيء من المدرسة على أمل أن ترى الموظف في المصنع الحربي محمد صابر، كان لا يزال في بداية عمله، وأوقات ذهابه للعمل تتزامن مع مواعيد مدرستها، تقول لـ"الوطن": "كان أكبر مني بسبع سنين، أشوفه أحس إنه أبويا وأخويا واتمنى يكون جوزي".

قصص حب تتصف بالبراءة، لم يكن من ورائها رغبة سوى الزواج، "زينب" ابنة الـ16 عاما وقتها لم ترد شيئا في حياتها سوى هذا الشاب، رغبة قوية في حمل اسمه كانت كل طموحات عمر المراهقة، ظلت قصة الحب قرابة العام، في البداية كان اللقاء يوميا، في صورة "توصيلة" سريعة للمدرسة قبل أن يذهب لعمله، والأمل على لقاء آخر كان وقود الحياة، ثم لقاءات أكثر قوة وقربا في "جنينة الأسماك"، وعلى كوبري قصر النيل.

مع بداية المرحلة الثانوية، تقدم "صابر" لخطبة "زينب"، لكنه قوبل بالرفض من قبل والدها قائلة: "كان عايزني اتجوز ابن عمتي، تقاليد قديمة احمدي ربنا إنك معشتيهاش، ساعتها حسيت إن أم كلثوم بتقولي إن أهل الحب صحيح مساكين، كنت فعلا مسكينة صغيرة ومملكش قرار اتجوز مين وأحب مين، صابر لحد دلوقتي حب وحلم حياتي، متجوزتش ابن عمتي عند في أبويا، وبرضه متجوزتش اللي بحبه".

رعشة خفيفة اعترت الجدة زينب حينها، يديها لم تعد ثابتتين، عدلت من شعرها الرمادي، ووضعت فوقه "البونيو"، قبل أن تعترف بأنها رغم خطبتها لآخر، ظل طيف "صابر" معها في يوم الزفاف يذهب ويجيء، تخيلت أطفالها أولاده، وحلمت بأن يكون سندها عندما شاخت، ربما لم يحالفها الحظ برؤيته ولو صدفة من يوم رفضه والدها، لكنه ظل حي طوال 50 سنة، في قلبها وعقلها، وأحلام اليقظة.