كتب: سامية الإبشيهي -
09:12 م | الثلاثاء 22 أبريل 2025
كشفت أزمة صحية مفاجئة عن تهديد خطير يواجه آلاف المستهلكين في فرنسا، بعدما أُعلنت حالة استنفار واسعة إثر رصد تلوث بكتيري في منتجات غذائية تابعة لشركة كبيرة عالمية متخصصة في صناعة الحليب البودرة، والقهوة سريعة التحضير والأيس كريم، ما أثار مخاوف من احتمالية إصابات بتلف الكلى، خاصة لدى الأطفال وكبار السن، وحذرت منظمة الصحة العالمية بشأن الأوكراتوكسين، وهو مكوّن سام قد يسبّب أضرارًا جسيمة للأعضاء الحيوية، على رأسها الكلى.
في تطور مفاجئ، أفادت مصادر صحفية فرنسية بأن الشركة أقدمت على سحب كميات ضخمة من منتجاتها الغذائية من الأسواق، بعد اكتشاف تلوثها ببكتيريا الأوكراتوكسين A، وهي مادة فطرية سامة شديدة الخطورة على صحة الإنسان، وتشير التحقيقات الأولية إلى أن المنتجات الملوثة تشمل مياه معدنية وأغذية مخصصة للأطفال، وذلك وفق موقع راديو فرنسا.
وبحسب منظمة الصحة العالمية، يُصنّف الأوكراتوكسين A ضمن السموم الفطرية القادرة على التسبب في تلف الكلى، وقد يؤدي التعرض المتكرر له إلى فشل كلوي مزمن أو تطور أورام سرطانية في الكلى.
وتشير دراسة منشورة في الدورية الأوروبية لسلامة الغذاء عام 2023، أن 68% من حالات التسمم المرتبطة بالأوكراتوكسين في أوروبا تعود لأطعمة غير مخزنة بشكل آمن، خصوصًا في فترات الرطوبة العالية.
أكدت الدكتورة مها جلال، استشاري التغذية العلاجية، في تصريحات خاصة لـ«الوطن»، أن السموم الفطرية مثل الأوكراتوكسين لا يمكن التخلص منها بسهولة عبر الطهي أو الغليان، لأنها تتحمل درجات الحرارة العالية، وأوضحت أن الخطر الأكبر يتمثل في تراكم هذه المواد داخل أعضاء الجسم الحيوية، لا سيما الكلى والكبد، مما قد يسبب تلفًا تدريجيًا لا يُكتشف إلا بعد فوات الأوان.
وتشير التقارير إلى أن المنتجات التي تأثرت بالتلوث تشمل أنواعًا من الحبوب الجاهزة للأطفال، وعدة علامات من المياه المعدنية الشهيرة التي تسوّقها الشركة في فرنسا ودول أوروبية مجاورة، وذكرت وكالة السلامة الغذائية الفرنسية (ANSES) أنها رصدت مستويات غير آمنة من الأوكراتوكسين تتجاوز الحد المسموح به أوروبيًا، والذي يبلغ 0.5 ميكروغرام لكل كيلوجرام من المنتج.
الأوكراتوكسين A نوع من السموم الفطرية الناتجة عن نوعين من الفطريات Aspergillus وPenicillium، وغالبًا ما يظهر في الحبوب والبن والفواكه المجففة، ويمكن أن يتواجد أيضًا في أغذية الحيوانات، ومنها ينتقل إلى الإنسان، وتكمن خطورته في تأثيره السام على الكلى والجهاز المناعي، وقد صنّفته الوكالة الدولية لأبحاث السرطان على أنه "مادة محتملة التسرطن للإنسان".
يتكوّن الأوكراتوكسين أثناء التخزين غير الآمن، خاصة في بيئات دافئة ورطبة، وبما أن "نستله" تستورد جزءًا من مكوناتها من مناطق ذات مناخ استوائي، فإن احتمالية تلوث المواد الخام قبل التصنيع واردة بشدة، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية تشمل أعراض التسمم بالأوكراتوكسين:
وقد تُظهر الفحوص الطبية لاحقًا وجود تليف جزئي أو كامل في الكليتين، وتُشير تقارير طبية إلى أن التعرض المزمن للسموم الفطرية مرتبط أيضًا باضطرابات هرمونية ومشاكل في النمو عند الأطفال.
وتوصي منظمة الصحة العالمية باتباع إجراءات صارمة لتخزين الأغذية، والحرص على جفافها وتبريدها بشكل مناسب، كما شددت على ضرورة مراقبة سلسلة الإنتاج بالكامل، بداية من الزراعة وحتى التوزيع، لتفادي تسرب السموم الفطرية إلى غذاء الإنسان.