كتب: سامية الإبشيهي -
06:00 م | الثلاثاء 08 أبريل 2025
تشهد الفترات الحالية ارتفاعاً ملحوظا في درجات الحرارة، ما يطرح تحديات صحية عديدة خاصة لمرضى الكلى الذين يعتمدون على استقرار توازن السوائل والكهارل في أجسامهم، ويُعد الحفاظ على وظائف الكلى أمراً حيوياً لتنقية الدم وتنظيم الضغط والأملاح بالجسم، لذا فإن أي تغيير في معدل السوائل، يمكن أن يؤدي إلى مضاعفات خطيرة.
يبدأ تأثير درجات الحرارة العالية على الجسم عبر زيادة معدل التعرق ومحاولة الجسم الحفاظ على درجة حرارته الطبيعية من خلال آليات التنظيم الحراري، إذ يعمل الجهاز العصبي على إرسال إشارات تؤدي إلى توسع الأوعية الدموية وزيادة تدفق الدم إلى سطح الجسم، ومع ذلك، فإن هذه الآلية تؤدي إلى فقدان السوائل مع العرق، ما يقلل من حجم الدم المتاح لدعم العمليات الحيوية في الجسم، بالنسبة لمرضى الكلى، يشكل هذا التغير خطرا، إذ أن نقص الحجم الدموي يمكن أن يؤدي إلى انخفاض الضغط، ما قد يؤثر سلبا على الكلى التي تعتمد على تدفق الدم الكافي لضمان نظافة وترشيح الدم.
عندما يعاني الجسم من نقص السوائل، يحدث اضطراب في توازن المعادن والأملاح الأساسية مثل الصوديوم والبوتاسيوم، وهي معادن تساعد على دعم نشاط القلب والعضلات، ويؤدي نقص المياه إلى ارتفاع تركيز هذه الأملاح في الدم، كما في حالة فرط بوتاسيوم الدم، ما قد يسبب اضطرابات قلبية خطيرة، كذلك، فإن تدهور توازن حمض القاعدي في الدم قد يؤدي إلى ظهور أعراض الحماض الاستقلابي، وهي مشكلة إضافية تواجه مرضى الكلى المزمنة.
مرضى الكلى المزمن والخاضعون للغسيل يعتبرون من الفئات الأكثر تعرضاً لمخاطر ارتفاع درجات الحرارة، إذ أشارت وزارة الصحة والسكان، في تقرير سابق، إلى أنه في الحالات المرضية المزمنة، يؤدي انخفاض حجم الدم إلى تلف تدريجي لوظائف الكلى، كما أن الفشل في تعويض السوائل المفقودة يساهم في تسريع عملية التدهور.
وبالنسبة لمن يخضعون إلى عمليات الغسيل الكلوي، فإن تنظيم مستويات السوائل بشكل يومي، يعد أمراً حساساً للغاية، إذ قد تتسبب أي تغييرات طفيفة في تراكم الأملاح وتذبذب مستويات السوائل، ما يعرض المرضى لمضاعفات حادة.
وفي ظل الظروف المناخية الحرارية المتطرفة، يظهر تأثير مباشر على مرضى الكلى، من خلال زيادة معدلات الجفاف، إذ أكدت وزارة الصحة، أن ارتفاع درجات الحرارة يؤدي إلى فقدان جسم المريض لكميات كبيرة من الماء عبر التعرق، ما يضغط على الجهاز الدوري، ونتيجة لذلك، يمكن حدوث اضطراب في الدورة الدموية مع انخفاض حاد في ضغط الدم، ويصبح الدم أكثر لزوجةً، ما يعيق عملية الترشيح في الكلى.
وتظهر الدراسات أن مرضى الكلى قد يتعرضون لنوبات حادة من التهاب الكلى الحاد ما قبل الكلوي، حيث لا تحصل خلايا الكلى على الدم الكافي المطلوب للحفاظ على وظائفها الحيوية.
ويؤدي ارتفاع درجات الحرارة إلى زيادة تركيز البول لدى المرضى، ما يشكل بيئة مناسبة لترسيب الأملاح والمعادن التي تؤدي لاحقاً إلى تكوين حصوات الكلى، وهي مشكلة تزداد خطورتها مع استمرار التعرض للحرارة دون تعويض كافٍ للمياه.
يقول الدكتور إسلام رشاد أخصائي أمراض الكلى لـ«الوطن»، إن ارتفاع درجات الحرارة يشكل أزمة حقيقية لمرضى الكلى، إذ أن التعرق المفرط وفقدان السوائل قد يؤديان إلى اضطرابات حادة في توازن الأملاح والضغط الدموي.
وأضاف أنه من الضروري أن يلتزم مرضى الكلى بتناول السوائل بانتظام، وأن تضبط جرعات الأدوية لتفادي أي مضاعفات، كما أن المتابعة الطبية الدورية تعد من الركائز الأساسية في الوقاية من التفاقم في الحالة الصحية.
أوصى أخصائي مرضى الكلى بمجموعة من الإجراءات الوقائية، التي يجب اتباعها لحماية مرضى الكلى من تأثيرات الحر من بينها:
التأكيد على شرب كميات كافية من المياه على مدار اليوم، حتى إن لم يشعر المريض بالعطش، مع مراعاة تحديد الكمية بالتنسيق مع الفريق الطبي.
ضرورة إجراء فحوصات دورية للضغط ومستويات الأملاح في الدم، خاصةً بعد فترات التعرض الطويلة للحر.
تجنب الخروج خلال ساعات الذروة الحرارية واختيار الأماكن المكيفة، كما يُنصح بارتداء الملابس الفضفاضة واستخدام وسائل الحماية مثل القبعات والنظارات الشمسية.
تعديل مواعيد وجرعات الأدوية بالتشاور مع الطبيب المعالج، لتفادي تأثيرات التغيرات البيئية على توزيع وتركيز الأدوية في الجسم.