مع تسارع وتيرة الحياة، أصبحت العادات الغذائية غير الصحية أكثر شيوعًا، وعلى رأسها تناول الطعام بسرعة دون مضغ كاف، وهذه العادة لا تقتصر فقط على كونها سلوكًا يوميًا غير صحي، بل تتسبب في تداعيات خطيرة على الصحة العامة، بدءًا من اضطرابات الجهاز الهضمي، مرورًا بزيادة الوزن، وصولًا إلى ارتفاع احتمالات الإصابة بأمراض القلب والسكري، إذ يؤكد المختصون أن السرعة في الأكل تعيق عمليات الهضم، وتؤثر على إشارات الدماغ المسؤولة عن الشعور بالشبع، مما يؤدي إلى الإفراط في استهلاك الطعام دون وعي، ومع تزايد التحذيرات الطبية، يصبح التوقف عن هذه العادة ضرورة ملحة للحفاظ على صحة الجهاز الهضمي وتحسين جودة الحياة.

ماذا يحدث عند تناول الطعام بسرعة؟

يعد المضغ الجيد جزءًا أساسيًا من عملية الهضم، إذ يساعد على تفكيك الطعام وتحضيره لامتصاص العناصر الغذائية بشكل أفضل، إلا أن تناول الطعام بسرعة يعطل هذه العملية، ما يسبب مشكلات عدة مثل عسر الهضم، الانتفاخ، وتراكم الغازات، ويُجبر المعدة على العمل بشكل مضاعف، بالتالي، زيادة إفراز الأحماض والإصابة بارتجاع المريء والآلام المعوية المتكررة.

وأثبتت الأبحاث أن الأشخاص الذين يتناولون طعامهم بسرعة، يستهلكون سعرات حرارية أكثر من أولئك الذين يأكلون ببطء، ويرجع ذلك إلى أن الدماغ يحتاج إلى نحو 20 دقيقة لإرسال إشارات الشبع، وبالتالي، فإن الأكل بسرعة يجعل الشخص يستمر في تناول الطعام حتى بعد حصول جسده على حاجته الفعلية، وهذه العادة تُسهم في رفع مستويات السكر في الدم، مما يزيد من خطر الإصابة بمقاومة الأنسولين، وهي المرحلة التي تسبق مرض السكري من النوع الثاني.

الآثار النفسية والسلوكية لتناول الطعام بسرعة

لا تقتصر التأثيرات السلبية لتناول الأكل بسرعة على الأضرار الجسدية فقط، بل تمتد إلى الصحة النفسية والسلوكية، فقد أظهرت دراسات أن الأشخاص الذين يتناولون الطعام بسرعة يكونون أكثر عرضة للتوتر، وذلك بسبب اضطراب إفراز الهرمونات المنظمة للجوع والشبع، وفي هذا الصدد، يقول الدكتور وحيد مصطفى، أخصائي علم النفس، إن التروي في تناول الطعام يمنح الإنسان شعورًا بالتحكم والراحة، بينما الأكل بسرعة يؤدي إلى نوبات من الإفراط غير الواعي، التي ترتبط بمشكلات مثل القلق والاكتئاب.

عادات صحية للتخلص من الأكل السريع

• المضغ الجيد: يساعد على تحسين عملية الهضم، ويقلل من احتمالية الإصابة بالانتفاخ واضطرابات المعدة.
• استخدام أدوات طعام أصغر: تناول الطعام بأدوات صغيرة الحجم يبطئ من وتيرة الأكل، مما يسمح للجسم بالتفاعل مع إشارات الشبع.
• تجنب المشتتات في أثناء الأكل: مثل مشاهدة التلفاز أو استخدام الهاتف، إذ تؤدي هذه العادات إلى استهلاك كميات أكبر من الطعام دون وعي.
• التوقف عن الأكل فور الشعور بالشبع: يجب منح الجسم الوقت لاستيعاب إشارات الامتلاء وعدم الاستمرار في تناول الطعام بعد الإحساس بالاكتفاء.

مخاطر الأكل السريع

وفي هذا السياق، يؤكد الدكتور أحمد علام، أخصائي التغذية العلاجية لـ«الوطن»، أنّ الأكل السريع لا يمنح المعدة الوقت الكافي لهضم الطعام بشكل سليم، مما يؤدي إلى امتصاص غير متوازن للعناصر الغذائية، ويزيد من خطر الإصابة بالسمنة واضطرابات التمثيل الغذائي، والمضغ البطيء يساعد في تحسين عملية الهضم، ويقلل من الشعور بالانتفاخ والاضطرابات الهضمية، كما أنه يُسهم في تعزيز الإحساس بالشبع، مما يقلل من استهلاك السعرات الحرارية ويحد من مخاطر زيادة الوزن.

ويضيف أن العادات الغذائية الخاطئة مثل الأكل السريع تؤثر على الصحة النفسية أيضًا، إذ تؤدي إلى اضطراب الهرمونات المنظمة للشهية، مما يزيد من احتمالات الإفراط في تناول الطعام بشكل غير واعٍ، ويؤثر سلبًا على الصحة العامة، ويرفع من فرص الإصابة بالسكري من النوع الثاني.