الأكلات جزء لا يتجزأ من ثقافة البلدان، حتى إن بعض الأكلات بمجرد رؤيتها تدلك على اسم الدولة، وفي مصر يرتبط الطعام بالمناسبات الدينية والثقافية، فلا توجد مناسبة إلا ولها طعام خاص بها، الرنجة والأسماك المملحة مرتبطة بعيد الفطر وشم النسيم، واللحم بعيد الأضحى، فضلا عن الطعام المحدد لوليمة كل مناسبة، كما ترتبط نوعية الطعام بالعادات والتقاليد ويظهر الأمر جليا وواضحا في الصعيد، فعلى سبيل المثال يحظر العديد من الأطعمة خلال فترات العزاء في الصعيد تصل في بعض البيوت إلى 40 يوما وفي البعض الآخر عام كامل

طعام مرفوض بالصعيد

ويقول عبد الرحيم سلام، باحث علم إجتماع وتراث لـ«الوطن»، إنّ العديد من الأطعمة، يعد طهيها في منزل المتوفى نقيصة تصل حد «المعايرة» بمحافظات الصعيد، لإرتباط تلك الوجبات بالسعادة أو الأفراح، أو حاجتها لمجهود يحتاج تفرغ، والنساء مشغولات بالحزن حيث يضربن الحداد لعام، مؤكدا احتفاظ المعظم حتى الآن بتلك العادات حتى فترة الأربعين، بينما يستمر البعض بالحفاظ على التقاليد القديمة بالمنع لمدة عام، ويشارك فيها أقارب المتوفى رغبة بمشاركتهم الأسرة للحزن، ويعد هذا تقديرا لبعضهم البعض فيما يطلق عليه مواقاة.

طعام العزاء في الصعيد

وأضاف أنّ طعام العزاء الذى يعده أهل المتوفى باليوم الثالث يكون خالى أيضا من مظاهر التصنيف، ويعتمد على وجبة واحدة، فيكون الأرز واللحم والملوخية الناشفة فقط، وذكر العديد من الأطعمة التى تمنع طوال عام أو 40 يوما، والتي نستعرضها في السطور التالية:

قائمة الطعام المرفوضة بالصعيد

1) الفايش: يطلق عليه في بعض القرى المخمر أو الفصوص، يعد خبيزة علامة للفرحة فلا يتم خبزة مضافا له مادة الكركم في منزل المتوفى أو أقاربه سوى بعد مرور عام أو مايعرف بالطلعة، بينما البعض يعده  للتوزيع بطلعة الأربعين مع عدم إضافة الكركم، فيجب أن يكون أبيض قبل مرور العام، وعادة ما يتم إعداده خارج منزل المتوفى، لدى الأقارب قبل مرور العام.

المحشى والتقلية من الممنوعات

2) المحشي: خاصة محشى الكرنب، يعد من مظاهر الفرح بالمنزل فلا يعده أهل المتوفى لمدة عام.

3) التقلية: المقصود بها الصلصة التى يصنع بها الفاصوليا والبامية وغيرها من الخضروات التي تطهى في الصلصة، فكما يقال «متتحمرش بصلة لسنة».

الفطير والرقاق الصعيدى محظور

4) الفطيروالرقاق: يمنع إعداد الفطير الأبيض أو ما يعرف بالرقاق، وكذلك الفطير المشلتت أو ما يعرف بالصعيد بالقروص طوال عام، «فلا يرق ولا تفرد نشابة طول السنة»، فضلا عن أنواع المخبوزات الأخرى مثل المخروطة والرشتة ومختلف العجائن أو مايطلق علية «رق».

عندما تصبح الحلويات محرمة

5) الحلويات: ممنوع إعداد الحلوى بمنزل المتوفى خاصة الكيك، فجميع أصناح الحلوى تعد محرمة صناعتها بل تعد جرما كبير وعيبا ونقيصة لدى صانعها، فقط تصنع الزلابيا حتى مرور عام على الوفاة.

6) الكفتة:لا تعد الكفتة أو البفتيك طول أول عام للوفاة، فقط يصنع اللحم المسلوق والمحمر بالسمن البلدى لدى البعض، ويعد دق الكفتة، نقيصة لدى أهل المتوفى وأقاربهم ودليل على الفرح حيث تصنع بالأفراح وعشاء العرائس.

الأرز باللبن والمخبوزات من مظاهر الفرحة

7) الأرز باللبن: دليل على الفرح، واستيفاء النذور فلا يصنع سوى ليلة الحول، وتعنى مرور عام على الوفاة، ويتم توزيعه على الأقارب أو يكتفى بإعداده داخل المنزل.

8) خبيز العيد: لا يصنع مخبوزات العيد سواء الكحك أو البسكويت أو الفايش أو البيتيفور، وعند وجود عروسة يجب تزويجها خلال العام، يتم شراء ذلك جاهز لها ويذهب لمنزل العريس دون دخوله إلى المنزل.

تحريم الحلوى على الأطفال والتقلية

وحول منع بعض الأكلات في حالات الوفاة، قالت منى علي ستينية من مركز سوهاج، إنّ إعداد الطعام يحتاج لراحة بال بينما الحزن يمنع ذلك، مرددة «يتقلى البصلة ويرق الفطير أبو بال رايق لكن القلب المجروح بيعدى يومه وخلاص»، مضيفة أن الحلوى وتصنيف الطعام يعد سعادة تتعارض مع الحزن الذى يستمر لأكثر من عام.

بينما تتذكر ليلي أحمد، ثلاثينية من مركز البلينا، أيام طفولتها عندما كان يوجد حالة وفاة عندهم في المنزل، «كان يمنع إعداد الطعام بحالات الوفاة سوى الملوخية والأرز والزلابية طوال عام، لافتة إلى أنها كانت تشعر بالضجر هي وأشقائها لحرمنهم من الحلوى، تنفيذا للعادات والتقاليد، فكانوا يحصلوا على الطعام والحلوى بمنزل جدهم بقرية أخرى، لحين كسر الحداد.