رئيس مجلس الادارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

رئيس مجلس الإدارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

علاقات و مجتمع

«بيت روز» يجيب في جلسة واحدة عن سؤال: كيف تبدو المرأة من الداخل؟

كتب: سحر عزازى -

01:03 م | الثلاثاء 21 مارس 2023

عرض مسرحي يجيب عن كيف تبدو المرأة من الداخل؟

طاولة تحتضن 4 فتيات في سن الثلاثين، تجمعهن صداقة قوية تقارب نصف أعمارهن، يتقابلن مرة كل شهر داخل إحدى «كافيهات» وسط المدينة، يكشفن لبعضهن عما يتظاهرن به أمام أعين الناس، وحتى أمام أنفسهن من صلابة وقوة وتماسك، يزحن الستار عن مشاعرهن الخفية وهمومهن المحجوبة وراء ابتسامة ربما تتحول فجأة لبكاء شديد مصحوب بلحظات ضعف وقلة حيلة حين يتقابلن.

العرض المسرحي «بيت روز»

مشاهد صادقة وتلقائية يتفاعل معها جمهور مسرح الطليعة التابع لوزارة الثقافة كل ليلة، حين يلتقى ببطلات العرض المسرحي «بيت روز» يوميًا في تمام السابعة مساءً، وهن سالي سعيد التي قدمت دور «سارة»، ونادية حسن في دور «منار»، وسماح سليم في دور «سحر»، وهاجر حاتم في دور «نوران»، من تأليف وإخراج محمود جمال الحديني.

خلال فترة العرض يكتشف الجمهور الوجه الآخر للنساء، ينظر إلى دواخلهن، يشاهد حكاياتهن عن قرب، لا فصل بينهما، إذ تتوسط طاولة البطلات القاعة المسرحية وحولها يلتف الجمهور على باقي المقاعد، يتابع ويتفاعل، يضحك تارة، ويبكي أخرى، وما بينهما حالة من الاندهاش والإعجاب، متسائلين كيف لرجل أن يكتب هذا النص بدقة، ويغوص بداخل المرأة بهذا الشكل لتكوين حوارًا صادقًا ومميزًا وشديد الخصوصية، فعلها محمود الحديني ببراعة وشهد له الجميع بالتفوق والنجاح في استعراض هموم المرأة الثلاثينية عن جدارة.

مسرح الطليعة يحتضن مواهب الفنية

يقدمها في 4 صور مختلفة، مهن المتزوجة التي تبحث عن الاستقرار دومًا ورعاية أسرتها الصغيرة على حساب نفسها، وأخرى تزوج 3 مرات ولم توفق رغم أن بعض زيجاتها كانت عن حب وخرج من رحم معاناتها امرأة قوية ومتمردة، وفتاة عاشت قصة حب وردية، استيقظت منها على كابوس قاتم اللون، حجب عنها رؤية جمال حياتها لدرجة جعلتها تفكر في الموت، كي تهرب من تحكم المجتمع الذي يجبرها على الزواج، ويخيفها كلما اقترب عمرها من الثلاثيين، وآخرهن فتاة شديدة الحساسية والرقة، لم يسبق لها الحب من قبل وتحلم به، كي تنعم بعيشة هنية وحياة مستقرة.

يلتقى الصديقات، ويتطور الحوار بينهن تدريجًا، تبدأ اكتشاف كل شخصية، تسمعها وترى انفعالاتها ومبرراتها، وأفكارها، ربما ترى إحدى المشاهدات نفسها في حديث إحداهن، أو تكون الأربعة في آن واحد، المؤكد أن بطلات العرض جمعهن كل سمات بنات جنسهن، لن تخرج مشاهدة قبل أن ترى نفسها في مشهد وحوار وموقف.

حل مشكلات وهموم المرأة

يتناول العرض هموم المرأة الثلاثينية بجدارة، يعرضها ببساطة وعمق، يحول الدردشة لخطاب موجه للمجتمع يكشف له أسرار نصف سكانه من هموم وأوجاع في جلسة واحدة مدتها ساعة وأكثر، تبدأ بحديث «منار» عن العريس الذي رشحته لها خالتها، وترددها حول مقابلته أم لا بعد عيش قصة حب رومانسية انتهت بالفشل، وتتطور الأحداث بينهما.

تقول سالي سعيد، إحدى بطلات العرض، إن نقاش الصديقات الأربعة يبدو تلقائيًا وكأنهن جزء من الجمهور الجالس حولهن، وهذا كان أمرًا مقصودًا، لشعور الحاضرين بالأُلفة والتصديق دون تكلف، مشيرة إلى أنها قدمت دور «سارة» تلك المرأة التي أصبحت «بلوجر» و«فمنيست»، تقدم محتوي للسيدات، وتواجه انتقادات من الرجال، من بينهن زوج صديقتها «سحر» الذي طلب منها إنهاء صداقتها بها: «سارة محبة لحقوق المرأة، كتبت بوست عن الرجالة فبقت بلوجر، هي شايفة إن الست زي الراجل تقدر تعمل كل حاجة».

تعليقات جمهور العرض

أضافت، أن التعليقات عن العرض كانت إيجابية من بينها شعور الحاضرين بأهم جالسين بين «شلة صحاب» وليس داخل عرض مسرحي بمفهومه التقليدي، بجانب أن الرجال أول مرة يشاهدون عرض نسائي يحكي دواخل المرأة: «فيه منهم قالنا أول مرة نعرف الست بتفكر إزاى وبتحس بإيه، احنا عايزين قعدة رجالة».

وأشارت إلى أن السيدة ربما يكون لديها معاناة خفية لا تقدر على أن يراها الناس، تتظاهر بالقوة والصلابة لتحمي نفسها، تبذل جهد أكبر لتحقق ذاتها، تبحث عن سبل النجاح لتحافظ على مكانتها وقوتها: «ممكن أكون بعاني عشان أحقق حلمي مش لازم كل معاناة تكون سلبية، المعاناة نسبية وكل واحدة حسب ظروفها».

بينما تحكي سماح سليم، التي جسدت دور «سحر»، أن المخرج محمود الحديني، عرض عليها النص، وأعجبت به كثيرًا ووافقت على المشاركة فور انتهائها من قرأته: «استغربت إزاى كاتب الكلام ده أصلًا كراجل، الطبيعي إن ست اللي تكتبه، لأن فيه تفاصيل دقيقة جدًا وبيدخل جوه حياتنا واتشجعت أكون جزء من العرض ده».

تعرف البطلات على بعضهن، وجلسن معًا مرات عديدة للتدرب معًا وتكوين صداقة يشعر بها المشاهد: «اختارنا شكل لبس سحر ونبرة صوتها وطريقتها، والنموذج ده شوفته كتير في حياتي وكان نفسي طول الوقت أشوفها مبسوطة».

شخصيات المسرحية

شخصيات متباينة كل منهن تختلف عن الأخرى، يبدأن في دردشة تمس كل فتاة، وتتصاعد الأحداث وتهبط، دون أن تشعر كمشاهد بالملل: «فيه ناس كتيرة كانت بتيجي تقولي أنا شبه منار وأنا شبه سحر ونوران وهكذا وفيه اللي قالت أنها الأربعة».

تعبر شخصية «سحر» عن المرأة التي تزوجت مبكرًا خوفًا من التعليقات المجتمع، وأنجبت أطفال أصبحوا حياتها وما فيها، تحاول طول الوقت على الحفاظ على بيتها مستقرًا رغم معاناتها مع زوجها وتطاوله بالضرب عليها، لكن تختار الصبر حتى لا يخرب البيت.

تختلف عنها شخصية «نوران» التي جسدتها هاجر حاتم، فهي فتاة لم يسبق لها الحب والارتباط من قبل، شديدة الحساسية والرقة والهدوء الممزوج بالعقلانية، تخشى كلام الناس، وتحلم بعلاقة سليمة وشريك يعوضها عن سنوات حرمانها، تحب صديقاتها بكل ما تملك من مشاعر: «نوران مش شبهي خالص غير في حتة الحساسية بس وشوية كسوف متوقعتش أني هقدمها بس فرحت برد فعل الناس عشان كمان دي أول تجربة حقيقة ليا كتمثيل».

وأخيرهن «منار» أصغرهن سنًا، وأكثرهن ترددًا، التي جسدتها نادية حسن، طالبة بمعهد فنون مسرحية قسم تمثيل وإخراج، مشيرة إلى أنها سبق وشاركت في مسلسل «لايف شو» مع المخرج محمود الحديني، ووافقت على خوض تجربة «بيت روز» معه: «المسرحية بتتكلم عن البنات وانعكاس الصورة اللي مش واضحة أوي عنهم ومشاعر الست عموما، بتحسب إيه لو اتعرضت لأي موقف، بنشوف مشاعرها في الحب والصداقة وأي علاقة».

عرض نسائي يتحدث عن النساء

وأضافت، أن العرض المسرحي يتحدث عن النساء وبخاصة في فترة الثلاثين، يتكشف عن مشاعرها ومتاعبها ومعاناتها في الحياة، لافتة إلى أن الشخصية التي جسدتها تشبه الكثير من الفتيات في المجتمع، التي عاشت قصة حب ولم تكتمل، وفجأة تخطى عمرها الثلاثين، ومطالب منها أن تتزوج، فتعرض عليها خالتها عريس في نظر المجتمع كامل يمتلك شقة ووظيفة وراتب جيد، لكنها تترد في مقابلته وتحكي لصديقاتها وفي النهاية تقرر عدم الذهاب، لأنها لا ترغب في عيش حياة تقليدية وتحلم بالسفر.

ينتهى العرض بمشهد مثير للإعجاب يوضح ترابطهن وصلابة علاقتهن ويبرز طموحهن ومشاعرهن داخل قاعة العرض، ولم تنته حكاوي النساء في مجتمعنا والعوالم المجاورة، تظل مستمرة، حاضرة، تنبض بالحياة، والطموح والصبر، تقاوم وتتحدي وتحاول حتى النفس الأخير.