كتب: سمر صالح -
05:37 ص | الخميس 21 أبريل 2022
سنوات طوال ظلت فيها ساحة مدرج باب العامود وساحات المسجد الأقصى بالقدس الشرقية ملاذًا للفلسطينيين والمقدسيين، خاصة في ليالي رمضان، لإقامة احتفالاتهم بالشهر الكريم وطقوسهم الدينية، إلا أنَّ شرطة الاحتلال حرمتهم هذا العام من تلك المظاهر، فقد تبدل المشهد، فبدلًا من أصوات الموسيقى التراثية الفلسطينية وضحك الأطفال والشباب، ارتفعت أصوات القنابل المسيلة للدموع وهرولة المتظاهرين.
في النصف الأول من شهر رمضان، اقتحم جنود الاحتلال الإسرائيلي حرم المصلى القبلي في «المسجد الأقصى المبارك»، واعتدوا على المصلين فيه بإطلاق الرصاص المطاطي وقنابل الصوت ما أدى لـ إصابة العشرات بجروح، ولا تزال المواجهات المستمرة بين الفلسطينيين وقوات الأمن الإسرائيلية، وأشعل فتيل الأزمة قرارًا بمنع تواجد الفلسطينيين في المنطقة التي اعتادوا ممارسة طقوسهم الرمضانية فيها، وباتت تجبر الجميع بالقوة على مغادرة المكان.
لم يرضخ المقدسيون لقرارات الاحتلال الإسرائيلي، عزموا على البقاء في ساحات الأقصى إما للصلاة أو لممارسة طقوس شهر الصيام كما اعتادوا، أقامت السيدات والفتيات موائد الإفطار الجماعي في ساحات المسجد، وفي السحور كلٌ يأتي بوجبته في مشهد جماعي اعتادوه سنوات طوال.
كأُم حُرِمَت من طفلها، هكذا شبهت المرابطة المقدسية ميرال دجاني، نفسها عندما قررت سلطات الاحتلال الإسرائيلي إبعادها عن المسجد الأقصى ثلاثة أيام كعقوبة لها؛ فالمكان لم يعد مجرد ساحة للتعبد والصلاة بل بات لها ولغيرها من من مئات المرابطات المقدسيات جزءا من تفاصيل حياتهن، قررن ألا يتركنه وحيدا ورابطن في أكنافه وعلى أبوابه لحمايته من تهديدات الاحتلال، «بنزل كل ليلة ومعايا وجبة السحور وبنتفق كلنا نتسحر سوا في الساحة رغم أنف الاحتلال»، تقول في بداية حديثها لـ«الوطن».
مع الثانية صباحا من كل يوم، تغادر «ميرال» بيتها متوجهة إلى ساحات الأقصى ومعها وجبة السحور الخاصة بها، ووجبات أخرى للمقدسيين المرابطين هناك، «بنعمل حسابنا في وجبات إضافية نوزعها على المرابطين هناك وبنتجمع كل يوم في المعاد المحدد، ده حقنا وأرضنا»، لافتة إلى أن أهل القدس اعتادوا تلك الأجواء مع كل رمضان وكل مناسبة دينية «كأنهم حالفين ما نحتفل بمناسباتنا الدينية».
«ميرال» ابنة القدس، كغيرها من الفتيات والسيدات المرابطات، لم يسلمن من التعرض للضرب والاعتقال على أيدي جنود الاحتلال والإبعاد عن الأقصى، لكن هذا لم يرهبهن، يترددن كل صلاة وكل مناسبة إلى ساحاته رغم إجراءات الاحتلال بحقهن، بحسب روايتها.
قبل أذان المغرب بنصف ساعة أو أكثر يتوافد المقدسيون إلى ساحات الأقصى، كل عائلة تأتي وفي يدها فطورها يجلس الجميع أرضا في حلقات صغيرة تملأ الساحات الخارجية لأولى القبلتين، رغبة منهم في إثبات حقهم بالأرض رغم اعتداءات الاحتلال، «مفيش وقت بتخلو منه ساحات الأقصى من الناس ع الفطور وع السحور قاعدين متجمعين»، بحسب رواية ميرال دجاني.