رئيس مجلس الادارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

رئيس مجلس الإدارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

موضة وجمال

فتاة الكورشيه.. «حسناء» فشلت في الالتحاق بالثانوية العامة فحققت ذاتها بـ«الإبرة والخيط»

كتب: محمد خاطر -

08:09 م | السبت 19 يونيو 2021

حسناء هاني مهدي.. فنانة الكورشيه

عندما كانت حسناء، في الصف الثالث الإعدادي، لاحظت خلال راحة اليوم الدراسي، زميلة لها تمسك بإبرة وخيط وتقوم بصنع شيء لم تتبينه في البداية، لتتابعها في شغف غير عادي، وتنبهر في النهاية من المنتج الذي استطاعت أن تخرجه باستخدام إبرة وخيط فقط، ومنذ حينها وتعلقت بالفن الذي عرفت أنه يسمى «الكروشيه»، فقررت أن تتعلمه من زميلتها، لكن العام الدراسي كان قد أوشك على الانتهاء، فلم تتمكن من إتقان هذا الفن بشكل كبير، لتأتِ الامتحانات سريعا، ومن ثم تتفرق عن صديقتها، بعد أن التحقت الأخيرة بالثانوية العامة، بينما التحقت هي بالدبلوم الفني الصناعي.

صدمة وفرقة

ومنذ يومها الأول في المدرسة بقسم الإلكترونيات، لم تهوَ حسناء هاني مهدي، من بني سويف، الدراسة أو تتعلق بها، بل كانت تكره الظروف التي ساقتها للالتحاق بالتعليم الفني، وليس بالثانوية العامة، التي فصلتها عن زميلتها التي علمتها بوادر فن الكورشيه، لدرجة أنها كانت تعد الأيام، حتى تنتهي الدراسة سريعا ولا تعود مجددا للمدرسة، لكن في أحد الأيام حصل شيء لم تكن تتوقعه حسناء، حيث لاحظن إحدى معلمات المدرسة وهي تفعل الشيء نفسه الذي كانت زميلتها في الإعدادية تفعله من قبل، حيث وجدتها ممسكة هي الأخرى بالإبرة والخيط، لتنسج أحد منتجات الكورشيه، لتمثل هذه اللحظة فارقا في مسيرة حياتها بالكامل. 

القدر والكورشيه

وتكشف «حسناء» في بداية حديثها لـ«الوطن»، كيف تغيرت نظرتها للمدرسة بعد أن وجدت معلمتها تتقن فن الكورشيه، قائلة «كنت مبحبش المدرسة دي عشان مرحتش ثانوي زي زميلاتي، وبالأخص صحبتي ريم، اللي كانت هتعلمني كورشيه، لحد ما شوفت المس بتاعتي معاها إبرة وخيط زي اللي كانوا مع صاحبتي» ففي تلك اللحظة، أدركت الفتاة التي لم تكمل عقدها الثاني، حتى الآن، أن القدر يقودها نحو هذا الفن، وعليها أن تتجرأ وتسأل معلمتها، عما يمكن أن تفعله بهذه الإبرة وهذا الخيط.

وتضيف «حسناء»: «حينها قعدت أتفرج عليها، وحاولت أعمل غرز زيها، برضه معرفتش، فقلت لأ أنا لازم أتعلم بقا»، موضحة أنها أقدمت على سؤال مُدرستها من أين تشتري هذه المعدات، وهو ما جاوبت عليه المُدرسة وأرشدتها على المكان.

تعليم ذاتي

هنا بدأت الفتاة المراهقة، حينها، في تعليم نفسها بنفسها، من خلال الفيديوهات التعليمية والإرشادية المتواجدة على «يويتوب»: «جبت فيديوز للمبتدئين، وقعدت أعمل حاجة وتبوظ، فأفك وأعمل تاني، لحد ما أول حاجة عملتها كانت لكلوك للأطفال».

فرحة الأب والأم

ومع أول منتج استطاعت «حسناء» أن تصنعه من الكورشيه، كانت سعيدة للغاية، وليس هي فقط بل والداها أيضا، اللذين منحاها مبلغ 50 جنيها مكافأة، لتشتري كل الخيوط والمعدات التي ترغب في شرائها وتظل تمارس هذا الفن.

وتوضح الفتاة، أن الأمر كان بالنسبة لها أشبه بحلم تعيشه، فبالأمس فقط كانت فتاة بلا هدف، لكن اليوم أصبحت تصنع من الكورشيه الكثير من المنتجات التي كانت تنال إعجاب جيرانها ويحرصون على شرائها.

مشروع

وهذا ما نبه ابنة محافظة بني سويف، إلى أنها يجب أن تعلم نفسها أكثر وتطور من نفسها أكثر وأكثر، حتى تنشئ مشروعا لها تستخدم فيه مهاراتها بهذا الفن، الذي ساعدها في زيادة شهرتها أيضا بين زميلاتها ومدرسينها بالمدرسة الثانوية الفنية بنات.

وتواصل: «بعدها شفت المُدرسة بتاعتي بتعمل فستان من خيوط الكورشيه، فرجعت لـ(يوتيوب) من جديد وبحثت عن فيديوهات لصناعة فساتين من الكورشيه، واتعلمت الطريقة وبدأت أعمل فساتين من الكورشيه من تصمياتي الخاصة».

ومع مرور الوقت، أصبحت الفساتين وباقي منتجات الكورشية التي تصنعها الفتاة حديث المدرسة كلها، من الطالبات للمعلمات وأيضا المعلمين، فالجميع منبهر بهذه المنتجات التي تصنعها بالإبرة والخيط.

وهنا توجه «حسناء» الشكر لكل مدرسيها وزميلاتها بالمدرسة على تشجيعهم لها، وبالأخص الأستاذ أيمن عبد الملاك، والأستاذة هناء خلف الله، ومن قبلهما والدها ووالدتها، اللذين دعماها بشكل مستمر وشجعانها دائما على الاستمرار في مشروعها بالكورشيه.

وأخيرا حصلت حسناء، 19 عاما، على دبلوم فني- قسم إلكترونات من مدرسة الثانوية الفنية بنات ببني سويف، لكنها في المقابل حصلت على مشروع لحياتها أيضا من خلال الكورشيه، فقد استطاعت وفي خلال 5 سنوات، أن تنفذ مئات «الأوردارت»، وتجعل من هذا الفن مورد رزق لها، يحقق لها دخلا ماديا جيدا.

أكل بيتي

ويبدو أن النجاح رفع من شهيتها نحو احتراف المزيد من الأعمال، إذ لا تكل الفتاة ابنة بني سويف، أو تمل من الاجتهاد والسعي، فهي تبحث عن النجاح ولن تهدأ حتى تصل إليه، ولهذا لم تكتفِ بمشروع الكورشيه فقط، بل أقدمت أيضا على إنشاء مشروع أكل بيتي «حلو وحادق».

وتختتم في نهاية حديثها مع «الوطن»: «الأكل أصلا أنا بحبه وبحب أعمله وأفنن فيه، ولما لقيت الناس أكلي بيعجبها قولت ليه مجربش في المجال ده، والحمد لله نجحت فيه برضه وعملت أوردرات كتير أوي، ومتأكدة دايما أن أخرة السعي نجاح».