تقف وسط الصبية، تربط ضفيرتها المنسدلة الصغيرة التي لم تصل إلى ظهرها، فهي لم تكمل الخامسة من عمرها، ترتدي قميصا لأحد الأندية وشورت مخصص للعب الكرة، تحت أقدامها الكرة تراوغ بها الأطفال في مثل عمرها وأكبر، تتحكم وكأنها لاعب محترف، لتكبر هواية كرة القدم بداخلها، لتحقق إنجازا تاريخيا.

عشق كرة القدم ظل يكبر داخل الفتاة المصرية فايزة حيدر، وخاضت رحلة طويلة معها، حتى نجحت في تحقيق طموحاتها به، لتصبح أول سيدة مصرية تتولى تدريب فريق كرة القدم للرجال، وذلك بعدما جرى تعيينها مدربا عاما لفريق إيديال جولدي، الذي ينافس في الدرجة الرابعة من الدوري المصري.

"كرة القدم هي اللي اختارتني".. بهذه الكلمات بدأت "فايزة"، حديثها لـ"الوطن"، فولدت معها موهبة كرة القدم، لتحاول الاستمرار مع تلك الموهبة، حتى التحقت بأول فريق لكرة القدم نسائي في نادي حلوان عام 1997، لتبدأ اعتراضات الأسرة، لتستمر في طريقها مع اللعبة، حتى نجحت في الحصول على بطولة كأس مصر مع النادي عام 1999، والالتحاق بالمنتخب الوطني في الفريق النسائي، النجاح معه في عبور تصفيات الأمم الأفريقية.

كاللاعبين المحترفين، اشترى نادي الطيران "فايزة"، من نادي حلوان مقابل 5 آلاف جنيه في عام 2006، لتستمر معه حتى الوقت الحالي، لتنجح معه في الحصول على عدد من البطولات منها بطولة عرب في عام 2006، وأمم أفريقيا عام 2016 مع المنتخب الوطني، "نادي الطيران كان نقلة كبيرة في تطور أدائي".

لم يكن رفض الأسرة للعب ابنتهم لكرة القدم العائق الوحيد أمام "فايزة"، لكنها واجهت العديد من الصعوبات الأخرى من بينها نقص المستلزمات الرياضية الخاصة بها لرفض الأم تلك الفكرة، "أوقات كنت بمشي من البيت للنادي، وبلعب بكوتشي مقطوع عشان مش معايا فلوسه"، لتدخر من مصروفها الخاص لتوفير تلك الاحتياجات.

تدريب الفتاة الثلاثينية فريق الرجال جاء بعد تلقيها عرضا من أحد المسؤولين بنادي إديال جولدي بالانضمام للجهاز الفني للفريق الأول رجال، مؤكدا لها أن إدارة النادي مقتنعة بتلك الفكرة ويثقون في نجاحها، "وافقت طبعا، ونفسي أعمل نتائج كويسة مع الفريق وأقدر أطور من الأداء وحصد بطولات".

ليست تلك هي المرة الوحيدة التي تدرب فيها "فايزة"، فريق كرة القدم للرجال، ففي عام 2009، تولت مسؤولية تدريب الفريق الأول لمركز شباب نهضة حلوان، في بطولة كأس محافظة حلوان "كان في حالة من السخرية وعدم الاقتناع بالفكرة بين اللاعبين بس نجحت في إثبات كفاءتي"، وذلك من خلال التطوير من أداء الفريق وإحراز نتائج جيدة، فنجلت في الوصول للمربع الذهبي بطولة الدوري، ونالت المركز الثالث، بالإضافة لحصولها على لقب أفضل مدرب من بين 64 مدربا من الرجال.

كذلك عملت في قطاع الناشئين في نادي الطيران، ثم مدربا عاما للفريق الأول النسائي، ثم مديرا فنيا للفريق وحصدت لقب الدوري، لكي أصبح متوجة به كلاعبة ومدربة، "محدش كان مصدق أني ممكن في يوم أحقق كل ده".

أمنيات عديدة تتمنى "فايزة" تحقيقها مع مجال التدريب من بينها "أحلم بتدريب أندية درجة ثانية رجال ثم الدوري الممتاز، وحلمي قبل 2030 تحقيق العمل بأندية درجة ثانية أو ممتازة في أوروبا".