رئيس مجلس الادارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

رئيس مجلس الإدارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

علاقات و مجتمع

أسرتان فى شقة واحدة: البنات تشتغل والرجالة تلم الإيراد

كتب: مها طايع -

07:35 م | السبت 25 أغسطس 2018

أحمد عبدربه

منزل صغير يتسع لغرفتين فقط، تستخدم إحداهما كغرفة نوم، وهى ضيقة للغاية، بالكاد تكفى سريراً واحداً 120 متراً، بلا مرتبة أو مخدات، فقط بطانية ممزقة لا تخفى الفوارق بين «مُلل السرير»، يتقاسم هذه الغرفة 5 أفراد، وأحياناً يصل العدد إلى 9، عندما يكتمل أفراد الأسرتين اللتين تعيشان معاً، بعد عودة الفتيات من عملهن كخادمات فى منازل القاهرة.

الأسرة الثانية حولت الغرفة الأخرى من «صالة» إلى غرفة نوم، مساحتها لا تتعدى الـ2 متر طولاً ومثلهما عرضاً، يتعاملون معها كغرفة معيشة أيضاً، وهى مفروشة بحصيرة مهترئة تترك أثراً على جسد من ينام فوقها، كما تترك آلاماً لا تغادر فقرات الظهر لأيام.

حياة قاسية، وظروف معيشية صعبة تعيشها أسرتان فى هذا المنزل البائس، أسرة أحمد عبدربه، 32 عاماً، وأسرة شقيقته حنان، 41 عاماً، وهما من مركز بلبيس، محافظة الشرقية، فعلى الرغم من صغر عمر «عبدربه»، فإنه قلما يخرج للعمل، بدعوى أن بتر إصبعين من يده اليسرى، يجعله غير قادر على العمل فى مهنة النجارة، التى كان يعمل بها قبل إصابته، تكاثرت الديون على الرجل الثلاثينى فلم يجد أمامه مفراً من تشغيل ابنتيه «شيماء» 16 عاماً و«شهد» 12 عاماً، فى خدمة البيوت، على غرار رجال القرية الذين يكتفون بقدر ضئيل من التعليم لبناتهم مقابل تشغيلهن مبكراً لمساعدتهم فى الإنفاق.

«ما صدقت إن حد من أهالى القرية جه كلمنى عايز البنات تشتغل، وهيجيبلى مرتب ما يقلش عن 1200 جنيه للواحدة، أنا قلت كده كده البنات مالهاش سكة غير الجواز وقعدة البيت، أهو يخرجوا يشتغلوا يكفوا مصاريف البيت ويجهزوا نفسهم ونسترهم».. كلمات «عبدربه»، الذى كلما شعر بالاشتياق والحنين إلى ابنتيه، يحادثهما هاتفياً، ويحدث ذلك مرة واحدة كل أسبوع بناء على تعليمات أصحاب المنزلين اللذين تعملان فيهما.

تخضع كل فتاة من الاثنتين إلى النظام الذى يحدده صاحب المنزل الذى تعمل فيه: «بيشتغلوا طول الشهر وبياخدوا إجازة 3 أيام مع بداية كل شهر جديد، وممنوع يكلمونا فى التليفون إلا مرة فى الأسبوع»، رانيا عبدالفتاح، 32 عاماً، والدة الفتاتين «شيماء وشهد»، لا ترضى عن وضع ابنتيها لكنها لا تقوى على مطالبتهما بالعودة، فضيق المعيشة يجعلها تجمد قلبها وتتحمل بعدهما: «ساعات ما قدرش أمسك نفسى من العياط، خصوصاً لما البنات يرجعوا يحكوا عن المعاملة اللى بيشوفوها، والأكل اللى بيعملوه ومتحرم عليهم يدوقوه».. منذ طلاقها من زوجها قبل عدة سنوات، تعيش «حنان» مع شقيقها فى المنزل نفسه، ولضيق المنزل بالأسرتين قررت تشغيل ابنتيها «أسماء»، 20 عاماً، و«سارة» 18 عاماً، فى بيوت القاهرة أيضاً: «أسماء شغالة فى الرحاب وأختها فى مدينتى، بقالهم ييجى 5 سنين، بييجوا يومين بس فى الشهر»، تتقاضى الفتاتان 1100 جنيه شهرياً، تعتبرها الأم «غنيمة» وتنتظرها كل شهر بفارغ الصبر: «بناتى مش غاويين تعليم، قلت لهم خلاص اشتغلوا وساعدونى».

فضول الأم لم يسقها لزيارة أى منهما، تكتفى بالحكايات التى ترويها الابنتان: «بيكلمونى على طول فى التليفون، فى الأول كانوا متضايقين ويقولوا لى ياما احنا مش عايشين احنا مدفونين بالحيا، وأقولهم بكرة ربنا يرحمكم وتتجوزوا».