قبل عام، وقفت الصغيرة «سما» أمام الرئيس عبدالفتاح السيسي، في فعاليات معرض النقل الذكي 2020، تتحدّث عن معاناتها وأسرتها من مغادرة أو ركوب السيارة، لم تتوقف دموعها لحظة وهي تروي ضيقها من نظرات التلصص التي لاحقتها كلما أرادت أن تصعد إلى السيارة أو تغادرها فوق كرسيها المتحرك، وعرضت فكرتها التي تمثلت في «عربية بأسانسير» لمساعدة ذوي الهمم وكبار السن على الصعود للسيارة بمفردهم دون الحاجة لمساعدة من أحد.
معاناة «سما أبوالعز» 16 عاما، كانت «طاقة القدر» للملايين في مصر، الذي يعانون من أجل الوصول لوجهتهم، حيث أشعلت الصغيرة فكرة «سيارة بمصعد» في رأس والدها «إيهاب أبوالعز»، وبعد عام من عرضها أمام الرئيس كـ«فكرة»، تحولت إلى «حقيقة» بعد أن أصبحت خط مواصلات خاص يخدم ذوي الهمم وكبار السن.
«مكنتش بحب أنزل وبحس إني معتمدة على الناس».. كلمات بسيطة لخصت بها «سما» معاناتها مع مغادرة السيارة العادية لتسكن فوق كرسيها المتحرك مرة أخرى، وما يقابلها من إحراج بالنظرات أو كشف جسدها وهي محمولة على الأيدي: «جيت مصر وأنا عندي 15 سنة عشان أكمل دراستي، بعدها بابا جا عربية بأسانسير من الإمارات، ولما الناس شافوها كانوا بيسألوا إيه العربية دي، ونظرات التلصص اتحولت لإعجاب بالفكرة ومناقشتها عشان تطبق، فاقترحت على والدي فكرة العربية بأسانسير تبقى مشروع ليه في مصر، وقد كان».
دموع سما تحولت إلى فرحة كبيرة، بعد تطبيق الفكرة في مصر، وقررت رفقة والدها أن تكون رحلات السيارة طوال شهر ديسمبر، مجانا لمرضى ضمور العضلات: «عوزاهم يحبوا يتنقلوا من مكان لمكان زي ما حبيته، ونرفع عنهم الحرج».
«يصعد الشخص بكرسيه المتحرك إلى الأسانسير، ويدخل إلى السيارة مباشرة دون مساعدة، ويُثبت بحزامين داخل السيارة».. هكذا شرح الأب إيهاب أبوالعز، فكرة السيارة التي تخدم ذوي الهمم وكبار السن، كما تتيح وجود الأسرة كاملة مع الشخص القعيد، فهي مجهزة بمقاعد عادية، تتيح لأفراد الأسرة الخروج سويا، كما أنّها تحمل من 3 إلى 4 أشخاص من المستخدمين للكراسي المتحركة سواء يدوية أو كهربائية».
ولدت فكرة السيارة بأسانسير من رحم المعاناة الشخصية، حيث يرى «إيهاب» أنّ الشخص القعيد لا يعاني وحده، بل تعاني أسرته معه بالكامل: «فكرنا نسهل عليهم بوسيلة نقل داخلي مجهزة من غير حرج أو مساعدة».
إيمان أبوالعز بالمشروع نبع من فكرة بث الطمأنينة في نفس صغيرته: «سما عمرها ما كانت عبء علينا، كلنا من ساعة ما ربنا رزقنا بيها وهي بئر الرحمة اللي ربنا ادهالنا».