رئيس مجلس الادارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

رئيس مجلس الإدارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

ماما

«حنان» تعوض حرمان الأمومة بكفالة طفلتين إحداهما من ذوي الإعاقة: لو رجع بيا الزمن هاختارهم

كتب: آية المليجى -

04:14 ص | السبت 13 نوفمبر 2021

حنان مع طفلتيها بالكفالة

اشتاقت لسماع كلمة «ماما» بعد جولة «كعب داير» بين الأطباء والمستشفيات، وباتت الإجابة ثابتة «مفيش أمل»، والتي زادت من حزنها وأشعلت بداخلها غريزة ربانية رغبت في إشباعها، وعلى مدار 12 عامًا، كانت حياة حنان حامد، جامدة خلت من «دوشة ملائكية»، حتى حدث ما أبدل حياتها رأسًا على عقب، ولم تهدأ نيران قلبها سوى باتخاذ قرار الكفالة فأتت بـ«رحمة» من ذوي الإعاقة ومن ورائها بـ«مريم» لتصبح أختًا لها، ومن هنا دقت الفرحة والأمل في قلب الأم الأربعينية.

الحكاية بدأت منذ 1999، حين تزوجت «حنان» من أحد أقاربها، مرت الحياة بينهما بسلام هادئة ولا يعكر صفوها سوى الخلافات الدائرة مثل أي زوجين، ولا تعطي لمسألة الإنجاب همًا، رغم عدم وجود مانع طبي، فلجأت للحقن المجهري الذي لم يأتي أيضًا بثماره، فسلمت السيدة الأربعينية أمرها للإرادة الإلهية راضية بقضاء الله طيلة 12 عامًا.

كان نفسي أخلف.. إحساس أشعل الغريزة داخل «حنان»

«كان نفسي أخلف»، مرت السنوات وباتت غريزة الأمومة مشتعلة داخل قلب السيدة الأربعينية، تطاردها الأسئلة الموجعة «مين هيشيلني لما أكبر.. ومين هيقف على غسلي لما أموت»، حتى أتت وفاة والدها وتجسدت المشاهد التي طالما رغبت فيها أمامها: «لما أبويا مات كلنا كنا حواليه.. ساعتها فكرت في نفسي مين هيكون معايا».

تحدثت «حنان» في كفالة طفلة مع زوجها، الذي عارضها في البداية، لكنها لم تقف صامتة لتعلن غضبها وتركها لمنزل الزوجية، ليطيب الزوج بخاطرها ويوافق على طلبها، فلم تنتظر السيدة الأربعينية حتى تعود لمنزل زوجها، فقصدت على الفور دارا للأيتام بجوارها «كنت عاوزة طفلة.. تديني إحساس الأمومة وأكسب فيها ثواب».

نظرة «رحمة» تشبع غريزة «حنان» من الأمومة

وطأت السيدة الأربعينية بقدميها دار الأيتام، تاركة الاختيار لمشاعرها فقط، حتى لمحت بأعينيها رضيعة خطفت قلبها وكأنها فتحت لها بابًا من السماء، لكن ظنت في البداية أنها ابنة للسيدة التي تحملها حتى أدركت أنها من أطفال الدار وتحمل اسم «رحمة»: «قبل ما أجي الدار جتلي رؤية في المنام باسم رحمة».

احتضنت «حنان» الرضيعة «رحمة» بشعور لم تذق حلاوته من قبل، كأنها وجد ضالته بعد سنوات عجاف، لم تأخذ من التفكير وقتًا وعلى الفور قررت أن الرضيعة صاحبة الـ8 أشهر هي طفلتها التي تعوضها عن غياب الأمومة، رافضة إجراء أي كشوف طبية «قولتلهم هاخدها كدا بخيرها وشرها».

خرجت السيدة الأربعينية من الدار والفرحة لم تسعها، ومن الدار إلى محلات خاصة بملابس الأطفال، تشتري ما تحتاجه الرضيعة «خرجت من الدار مش حسة بنفسي.. جريت على المحلات وجبتلها كل حاجة هتحتاجها»، ومن ثم إجراءات الكفالة التي انتهت خلال أسبوع «كنت عشمانة أخدها في نفس اليوم.. وربنا يسرلي الإجراءات».

تسلمت «حنان» ابنتها «رحمة» بالكفالة، ذهبت معها إلى المنزل، الذي وهبته الحياة من جديد، نزعت الحزن من قلب السيدة الأربعينية وحلت السكينة والفرحة، عاشت معها لحظات الأمومة المفقودة، أشبعتها من حنانها، وبدأت «رحمة» تكبر أمام أعينيها حتى عاد الشك من جديد لقلب الأم الكافلة.

«رحمة» صاحبة التأخر الذهني «هختارها تاني لو رجع بيا الزمن»

ملاحظة دقيقة أن «رحمة» تعاني من أمر ما، ذهبت بها الأم الكافلة للطبيب وهناك كانت الإجابة الصادمة التي كشفت عن الإعاقة الذهنية «عندها تأخر في النمو العقلي»، ارتضت «حنان» بأمر الله، فما يربطها بالطفلة كعلاقة أمومة كاملة لا يجوز فيها التخلي «مش ندمانة عليها ولو الأيام عادت بيا هختارها تاني.. هي بنتي أكيد مش هرجعها».

حياة طبيعية سارت عليها الأم الكافلة الأربعينية، تذهب بطفلتها إلى جلسات التخاطب وأطباء المخ والأعصاب، تؤهلها وتساعدها في تنمية المهارات الخاصة، حتى ألقت «رحمة» بثمار ما تعلمته «بدأت تتكلم بسيط وأنا بفهمها من نظرة العين عاوزة تقول إيه».

أدخلت «حنان» الصغيرة المدرسة قسم الدمج بين أصحاب القدرات الخاصة، وتتابع معها الدروس الخاصة بها وتساعدها على مواصلة التعليم، فهي الآن طالبة في الصف الخامس الابتدائي: «هي كل حياتي.. مقدرش أعيش من غيرها أو أسيبها بحس إني خلفتها فعلا».

مع نمو «رحمة» بدأت تفكر السيدة الأربعينية في كفالة طفلة ثانية تصبح أختًا لها وتكون عونًا لها في الحياة: «رحمة كمان بقت تقول ماما عاوزة أخت»، كإنها إشارة ربانية، وانصاعت إليها «حنان» التي ذهبت مرة ثانية للدار برفقة طفلتها وتختار معها أختا لها.

اختيار «مريم» أختا لـ«رحمة».. حياة مليئة بالشقاوة والفرحة

«مريم» كانت الطفلة صاحبة الـ5 أعوام، التي رأتها «حنان» ليتجدد بداخلها الشعور ذاته حين رأت «رحمة» للمرة الأولى: «لقتها بتجري عليها وتحضني.. قولت هي دي ومش هسيبها» وسارت في الإجراءات التي استمرت قرابة الـ3 أشهر.

«مش هاخد غير مريم» كان رد فعل «حنان» حين أدركت إصابتها بـ«لين العظام» لعدم رؤيتها للشمس بشكل مستمر، فأصرت على اختيارها والذهاب بها إلى المنزل الذي دبت فيه الحياة والضحكات التي لا تنقطع و«شقاوة» الطفال التي لم تهدأ حتى النوم: «لو لف بيا الزمن هختارهم هما».