من داخل إحدى المناطق الريفية بمحافظة الجيزة، ولدت محروسة سالم، صاحبة الـ40 عاما، بشلل الأطفال وضمور الأعضاء، لم تستطع الهروب من نظرات من حولها، فهي أمامهم من ذوي الإعاقة، تحاول بشتى الطرق إثبات نفسها رغم الإعاقة الحركية، «محدش في الشارع أو حوالينا يعرف أن في بنت في البيت هنا معاقة، مكنتش بخرج كتير إلا على قد المدرسة الصبح وخلاص بس كان لازم انزل واواصل وأكمل».

كلمات بدأت بها «محروسة» التي أصبحت اليوم صاحبة مطعم لذوي الهمم، عقب سنوات من الشقى والتعب، تؤكد أن إعاقتها باتت تتطور بين العام والآخر دون علاج بسبب تقدم العمر، ما زاد عليها كسر مضاعف في الحوض جعلها تلتزم المقعد المتحرك.

استكملت دراستها «في السر»

حبها لذاتها جعلها تستكمل دراستها سرا رغم اعتراض أسرتها: «خدت دبلوم التجارة من وراهم كنت عاوزة أكمل، ولما عرفوا كسروا عليا مولة السرير»، هكذا بدأت «محروسة» أول تحدياتها مبكرا، قبل أن تنتقل إلى عش الزوجية.

اتجوزت أعظم راجل في العالم.. لكن للقدر كلمة أخرى 

تشير السيدة الاربعينية، التي تزوجت منذ ما يقارب الـ 20 عاما، إلى أنه عند تقدم زوجها لها، تحدثت معه عن إعاقتها التي لم يرها قط، فوجدها لا ينقصها أو يعوقها أمر بحسب حديثها لـ«هن»: «هو أحن واحد في العالم وطيب جدا، ربنا رزقني منه بولد وبنت بس للاسف بعدها تعب ربو وحساسية وبعدين جاله صرع».

باتت المسؤولية حمل يكسر الضهر، لكن لم تستلم له السيدة على الإطلاق: «اعتبرته ابني التالت، وكان لازم اشتغل، بقيت أسوق تروسيكل، انقل عفش، وانقل اجهزة، وانقل كل حاجة وأودي العيال المدرسة وهو عند الدكتور، كل حاجة بقيت أعملها ومش بحس أن عندي إعاقة ابدا».

مطعم لذوي الاحتياجات الخاصة

حلم «محروسة» لم ينته، بعدما قررت افتتاح مطعم يعمل به ذوي الاحتياجات الخاصة، بمدينة نصر: «التنمية المحلية ساعدتنا نفتح المطعم كله شغالين من ذوي الهمم، بكل أشكالها، وفي ناس عادية معندناش إعاقات لكن أن شاء الله المطعم يكبر ونقدم فيه كل حاجة في مطبخ ماما محروسة».