رئيس مجلس الادارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

رئيس مجلس الإدارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

علاقات و مجتمع

حكاية "آنا جارفيس" التي أطلقت الاحتفال بـ "عيد الأم" وندمت عليه

كتب: وكالات -

04:23 ص | الثلاثاء 12 مايو 2020

آنا جارفيس

قبل أكثر من قرن، أطلقت سيدة تدعى لآنا جارفيس ما يعرف باسم عيد الأم الذي تم تحديده في العديد من البلدان في ثاني يوم أحد من شهر مايو وقد لا يعرف الكثير عن تلك الواقعة أو تلك السيدة.

ووفقا لهيئة الإذاعة البريطانية، كانت آنا جارفيس ابنة أسرة تضم 13 طفلا هي واحدة منهم، أربعة منهم فقط عاشوا حتى سن البلوغ، وكان شقيقها الأكبر هو الوحيد الذي أنجب أطفالا، ولكن مات الكثير منهم صغارا بمرض السل، وتوفي آخر أبنائه في ثمانينيات القرن الماضي.

وكانت فكرة حملة آنا جارفيس تكريس يوم خاص سنوياً للاحتفال بالأمهات قد ورثتها عن والدتها آن ريفز جارفيس.

وعن حكاية تلك السيدة تقول عنها المؤرخة كاثرين أنتوليني، إن جارفيس الأم قضت حياتها في تعبئة الأمهات لرعاية أطفالهن، وأرادت أن يكون هناك اعتراف بقيمة عمل الأمهات، وقالت جارفيس الأم بهذا الشأن: "آمل وأدعو أن يجد شخص ما في يوم ما يوما للاحتفال بالأمهات والاحتفاء بالخدمة التي لا مثيل لها واللائي يقدمنها للإنسانية في كل مجال من مجالات الحياة، يحق لهن ذلك".

وتقول البروفيسور أنتوليني، الأستاذة في كلية ويسلان بفيرجينيا الغربية، إن جارفيس الأم نفسها فقدت 9 أطفال، من بينهم خمسة خلال الحرب الأهلية الأمريكية (1861-1865) والذين ذهبوا على الأرجح ضحية للمرض.

وتضيف أنه عندما توفيت جارفيس الأم في عام 1905، وهي محاطة بأطفالها الأربعة الباقين على قيد الحياة، تعهدت آنا الحزينة بتحقيق حلم والدتها، على الرغم من أن نهجها في يوم الاحتفال كان مختلفا تماما.

ففي حين أرادت جارفيس الأم أن يحتفل بالعمل الذي قامت به الأمهات لتحسين حياة الآخرين، كان منظور آنا يتعلق بالابنة المخلصة، وكان شعارها في عيد الأم "لأفضل أم عاشت على الإطلاق، أمك".

وتقول أنتوليني: "تصورت آنا أن تكريس يوم ما لهذه العطلة مناسبة للعودة إلى المنزل، ويوم لتكريم والدتك، المرأة الوحيدة التي كرست حياتها لك".

عد ثلاث سنوات من وفاة جارفيس الأم، تم الاحتفال بيوم الأم الأول في كنيسة أندروز المنهجية في جرافتون، وقد اختارت آنا جارفيس يوم الأحد الثاني من مايو لأنه سيكون دائما قريبا من 9 مايو، وهو اليوم الذي توفيت فيه والدتها، وقد قامت آنا بتسليم المئات من زهور القرنفل البيضاء، زهرة والدتها المفضلة، إلى الأمهات اللائي حضرن الحفل.

وقد نمت شعبية الاحتفال يوما بعد يوم، وفي عام 1910 أصبح عيد الأم عطلة ولاية فرجينيا الغربية، وفي عام 1914 أقره الرئيس الأمريكي آنذاك وودرو ويلسون عطلة وطنية في الولايات المتحدة.

وكانت الجاذبية التجارية عاملا رئيسيا في نجاح هذا اليوم، وتقول أنتوليني: "على الرغم من أن آنا لم تكن تريد أبدا أن يتم تسويق اليوم، إلا أنه اكتسب هذا الطابع منذ وقت مبكر جدا، ويعود بعض الفضل لصناعة الزهور، وصناعة البطاقات البريدية، وصناعة الحلوى في الترويج لهذا اليوم".

لكن ذلك لم يكن ما أرادته آنا على الإطلاق، فعندما ارتفع سعر زهور القرنفل، أصدرت آنا بيانا صحفيا يدين باعة الزهور: "ما الذي بوسعك فعله لتقويم المشعوذين، وقطاع الطرق، والقراصنة، والمبتزين، والخاطفين.. فما الذي من شأنه أن يحد من جشعهم نحو أحد أرقى وأنبل وأصدق الحركات والاحتفالات؟ ".

وبحلول عام 1920، كانت تحث الناس على عدم شراء الزهور على الإطلاق، وتقول أنتوليني إن آنا كانت مستاءة من أي منظمة استغلت يومها في أي شيء بعيدا عن هدفه الأصلي والعاطفي، وشمل ذلك الجمعيات الخيرية التي استخدمت العطلة لجمع الأموال، حتى لو كانت تهدف إلى مساعدة الأمهات الفقيرات.

وتوضح أنتوليني: "لقد كان يوما مخصصا للاحتفال بالأمهات، وليس للشفقة عليهن لأنهن فقيرات، بالإضافة إلى أن بعض المؤسسات الخيرية لم تكن تستخدم المال للأمهات الفقيرات كما زعمت"، ويبدو أن آنا هي الوحيدة التي لم تستفد من عيد الأم، فقد رفضت الأموال التي عرضتها عليها صناعة الزهور، وعاشت آنا وشقيقتها ليليان، التي كانت تعاني إعاقة بصرية، على ميراث والدهما وشقيقهما كلود، الذي كان يدير شركة سيارات أجرة في فيلادلفيا قبل أن يموت بنوبة قلبية.

وتقول أنتوليني، أن مقالة نشرت في مجلة نيوزويك عام 1944  زعمت أن آنا رفعت 33 دعوى قضائية بهذا الشأن على كل المستغلين لهذا اليوم، وبحلول ذلك الوقت كانت آنا تبلغ من العمر 80 عاما، وكانت شبه كفيفة وصماء ومعدمة، وتتلقى الرعاية في مصحة في فيلادلفيا.

وكان أحد آخر أعمال آنا، بينما كانت لا تزال تعيش مع أختها، التردد على البيوت في فيلادلفيا تطلب توقيعات لدعم مناشدتها من أجل إلغاء عيد الأم. وبمجرد دخولها إلى المصحة، توفيت ليليان بسبب الاختناق بغاز أول أكسيد الكربون أثناء محاولتها تدفئة المنزل، وتوفيت آنا نفسها بسكتة قلبية في نوفمبرعام 1948.