رئيس مجلس الادارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

رئيس مجلس الإدارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

علاقات و مجتمع

"الختان وجع محفور".. حكايات الرعب والرفض على لسان الضحايا

كتب: روان مسعد -

03:37 م | الجمعة 07 فبراير 2020

ختان الإناث

منذ ما يقرب من 17 عاما، سارت "نادية" بجانب والدتها خائفة ومهزوزة، كانت حينها تبلغ من العمر 9 أعوام، في الصباح أخبرتها الأم بأنه "يوم التطهير"، عليها أن تكون مستعدة لألم قليل بعده ستحظى بحياة "عفيفة"، بعيدا عن المغريات، في خطوة لـ"تنسيق الرغبة الجنسية لدى ابنتها"، ورغم مرور كل تلك السنين، لا تزال كل التفاصيل محفورة في رأس "نادية" البالغة من العمر 26 عاما، بنفس الألم والرعب.

شرحت منظمة صحة المرأة، خطورة الختان للإناث، قائلة إن الضرر الأكبر نفسي منه جسديا، فالأضرار الجسدية يمكن تداركها بأكثر من طريقة، ولكن لأن الختان يتم لفتيات واعيات، يظل الألم النفسي مصاحبا لهن، حتى خلال الزواج.

تكمل نادية (اسم مستعار)، المشوار الذي بدأته مع والدتها، كانت حينها حملات وزارة الصحة على أشدها، لتجنب ختان الإناث، كرست الدولة كل مؤسساتها لمنع تلك العادة، فحرمها الأزهر، وجرمتها القوانين، ومنعت وزارة الصحة الأطباء من إجرائها في العيادات، ورغم ذلك، وداخل فيما يعرف بـ"عيادات بير السلم"، كانت تمارس تلك العادة على نطاق واسع.

بين الزراعات في إحدى قرى الدقهلية، سارت "نادية"، بجوار والدتها، جاهلة بما هي مقبلة عليه، ولكن الرعب الذي تملكها عندما طالبتها أمها خلع ملابسها، كان البداية، "مش قادرة أنسى تجهيز وشكل العيادة، بس أمي كانت مصبراني ماهي مستحيل هتعمل فيا حاجة وحشة"، ألم المشرط الذي جز جزءا من جسدها، ظهر جليا بعد العملية، "مكنتش بعرف امشي أو اتحرك وقتها، عرفت من غير ما حد يقولي إن له علاقة بالجواز".

وعي الطفلة لم يسعفها، ولكن بمرور الزمن وعندما أصبحت شابة قبل الزواج، بدأت تقرأ عما حدث، "أكيد أمي مكنش قصدها أني اتعذب كدة، وبقيت خايفة من خطوة الزواج جدا وأنا مخطوبة وخايفة اتألم، وأنا معرفش هو أثر عليا أزاي لأني معرفش غير اللي عايشاه، بس كفاية الألم والرعب اللي عيشته عمري ما هعمله في بنتي".

على مدار عشرات السنين، تستمر حملات وزارة الصحة في التوعية بخطورة ختان الإناث، وهو ما جعل "نادية"، تعكف على البحث عن خطورة الختان وأضراره، لذلك قررت أن تحمي ابنتها منه، وآخر تلك الحملات ما دشنته  اللجنة الوطنية للقضاء على ختان الإناث في يونيو 2019، "احميها من الختان"، لتوعية 20 مليون فتاة وسيدة ورجل في 1300 قرية.

ورغم ذلك، توفيت الطفلة "ندى"، البالغة من العمر 14 عاما، مؤخرا، من محافظة أسيوط جراء عملية الختان، ورغم القبض على الطبيب الذي أجرى عملية الختان، إلا أنه جرى إخلاء سبيله بكفالة قدرها 50 ألف جنيه، لكبر سنه.

لندى حالات مشابهة، رغم التوعية تجرى لهن عملية الختان، ربما لم يقتلهن المشرط، ولكن صاحبهن الألم النفسي على مدار عقود، منهن "سلمى" (اسم مستعار)، تبلغ من العمر 32 عاما، لا تزال تذكر هاتف خالتها الذي فيه اتفقت مع والدتها على ميعاد ويوم الختان، "يوم الجمعة هنروح نطهر البنت، شوفيلي الدكتور بتاع بنتك، خلاص سلمى بقى عندها 11 سنة ولازم نعمله"، لم تدرك الصغيرة حينها مما ستطهر، ولكنها أزعنت لرغبة خالتها ووالدتها.

داخل سيارة أجرة ومن القاهرة للمنوفية، سافرت سلمى، "أمي كانت بتقول دكاترة القاهرة بيخافوا يعملوها، وكمان مش ضامنينهم"، ورغم أن الأسر انتقلت للعيش في القاهرة، إلا أن المقربين في المحافظات كانوا يسهلون تلك العملية، "أنا أصلا مبحبش أروح هناك، المشوار كان تقيل على قلبي جدا، وفضل تقيل عليا طول العمر".

"عروستنا فين.. يلا عشان نبقى حلوين"، كلمات بدأ الطبيب بها عمليته، كان المشرط في يده عاليا، لا تزال "سلمى" تذكره، مسحت من ذاكرتها مدة العملية، إلا أنه بعدها عانت نزيفا استمر ليومين حتى كف، خضعت لرعاية الطبيب خلال تلك الفترة، ورغم الخطورة التي مرت بها، إلا أنها تحمد ربها في كل يوم على مرور العملية بسلام، "عرفت لما كبرت أن كان فيها موتي، وجع محفور جوايا معرفش سببه، الختان ده زي ما يكون شر، أهلي بيغصبوني عليه عشان (لابد منه)".

يقول صبري عثمان، رئيس خط نجدة الطفل، إنه في بيان صادر عن الأمم المتحدة، في عام 2016، أعلنت أن 2 مليون فتاة تعرضن للختان، ونصف هذا الرقم أي حوالي مليون فتاة في مصر والصومال فقط، ما يضع مصر في مقدمة الدول التي تنتشر فيها تلك العادة.

وأمس، أكدت دار الإفتاء المصرية على تحريم إجراء عملية الختان للفتيات، وقال الدكتور خالد عمران، أمين عام الفتوى بدار الإفتاء، إن الفتوى الرسمية الصادرة عن الدار بشأن ختان الإناث، أكدت أن هذه الظاهرة حرام شرعا، وأضاف أن مرتكب هذه الممارسات والتسبب في ضرر الأنثى آثم، لافتا إلى أن هذه الظاهرة انتهاك واضح لحق وجسد الإنسان، ولا ينبغي لأحد العبث فيه.