"مين قال إن الراجل سند؟"، تقولها سُعاد ساخرة من "هاشتاج": "الراجل سند"، الذي انتشر مؤخرًا بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للرجل، وتتذكر زوجها الذي تركها بعد أن كسّر عظامها من كثرة الضرب، وفشل في العصور على مكان جديد يدهس فيه، ليأخذ طفليها ويرحل منذ 8 سنوات.

"كله بيقولي الحمد لله أنك عايشة لوحدك"، جملة وضعتها السيدة الخمسينية على حافة لسانها، تلقيها على كل من يتردد عليها، وهي جليسة وحدتها. وبعد أن انقطع سؤال الأبناء تمامًا ولم تعلم عنهم شيء تقول: "لا راجل بينفع ولا ابن بيشفع، كنت فاكراهم الضلع اللي هتحامى فيه؟ مشيوا وسابوني لوحدى بين أربع حيطان".

فقدت الحركة تمامًا بعد غياب الأبناء ورحيل الأم عن الحياة، لم تحاول البحث عن صغارها خوفًا من "الوحش" الذي كان يطاردها، حسب تعبيرها، مفضلة مرارة الوحدة عن العيش في جحيمه "مكنش بيبطل شتيمة وقلة أدب كل جيراني قالولي أحسن ربنا رحمك منه"، تجلس في "أوضة" بالإيجار بمنطقة عرب الطوايلة بعزبة النخل، تدفع 100 جنيه شهريًا تجمعهم من أيادي أهل الخير، تضع صورة حسين ومحمد أمام عينيها لتملى نظرها منهم الأول 16 سنة في دبلوم زراعة والثاني 13 سنة في المرحلة الإعدادية، لم تراهم منذ زمن بعيد، تشاور بيدها نحوهم "دي صورهم وهما صغيرين زمانهم دلوقتي كبروا وبقوا رجالة"، تعد الأيام لتعرف كم من العمر بلغوا، تتلقى أخبارهم من بعيد متشوقة لرؤيتهم وضمهم بين زراعيها "عايشين حياتهم وأنا اللي شايلة الهم"، تسند على الحائط بحرص لخدمة نفسها "لوكنت خلفت بنت كان زمنها نفعاني".

تصف زوجها بأنه "فنان قتل وتدمير" على أعلى مستوى يختار أدواته بعناية للقضاء على حواء، في إشارة منها على نفسها، تصرخ في وجه من يطلب منها البحث عنه للعيش معه مرة أخرى من أجل أبنائها "مقدرش أعيش معاه تاني كان بيضربني بالحزام وبالجلدة، لدرجة أن الباب أتكسر من كتر خبط راسي فيه".

تحكي أنها كانت رافضة لفكرة الزواج لسنوات طويلة ووافقت بناء على رغبة والدتها التي كانت تحلم برؤيتها عروسة ليطمئن قلبها وترحل "حققت أمنيتها ومشيت يارتني مسمعت كلامها يمكن كانت فضلت عايشة"، متمنية أن يصرف لها معاش يسندها بدلًا من زوجها وأبنائها.