رئيس مجلس الادارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

رئيس مجلس الإدارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

علاقات و مجتمع

كفاح "نانسي".. لم يحالفها الحظ في الصين فتألقت بتعليم أطفال ماليزيا "العربية"

كتب: ياسمين الصاوي -

07:01 م | الجمعة 24 مارس 2017

نانسي الشيخ

قفص صغير تسكنه الفتاة في بلادنا، تقف وراء قضبانه تستمع إلى عبارات النهي والأمر، ولا تعرف سبيلا إلى التحليق والخروج من هذا القفص، فما زال جناحها صغيرا ولا يمكن أن يراها أحد حتى لا تقع في شباك غريبة يصعب إنقاذها منها، وفي ظل هذا الوضع الصعب استطاعت "نانسي الشيخ" خريجة كلية الحاسبات والمعلومات أن تحطم قفصها وتطير لتعلم الأطفال اللغة العربية بماليزيا.

رفضت عائلتها مبدأ السفر من الأساس كأي أسرة مصرية ملتزمة بالأصول والعادات، واستمرت في رفضها لمدة خمس سنوات، فلا يمكن لعصفور صغير أن يحلق بعيدا عن صاحبه الذي يوفر له كل الحماية والأمان والدفء، ويخشى عليه الغربة والوحدة، إلا أن إصرارها على السفر جعلها تتمسك به قائلة "أعشق الطائرات والثقافات المختلفة".

قررت "نانسي" تحقيق حلمها، وذهبت للمشاركة في أول "سفرية" إلى الصين نظمها فريق Have A Dream المهتم بعمل رحلات تطوعية وثقافية للشباب والفتيات لبلاد أخرى، فذهبت إلى مقر الفريق، وأجرت عدة اختبارات بعد اقتناع عائلتها بالفكرة لمجرد أن مؤسس الفريق مصدر ثقة حقيقية، ومعروف لدى عائلتها، وباتت تنتظر الرد بالموافقة.

"الفشل ببساطة هو فرصة جديدة لكي تبدأ من جديد، لكن هذه المرة بذكاء أكبر" لم تكن مجرد جملة قالها "هنري فورد" الرجل الاقتصادي الأمريكي الأشهر ومؤسس شركة "فورد" للسيارات، بل حقيقة تجسدت في رحلة كفاح "نانسي الشيخ" بعد أن خاب حلمها، وجاء رد الفريق على طلب سفرها للصين بالرفض، فقررت أن تحسن من مستواها في اللغة الإنجليزية وتعتمد على نفسها، وبالفعل انضمت كمتطوعة ضمن فريق Have A Dream لأكثر من 6 أشهر، ورسمت طريقا تسلكه، حتى جاءت الفرصة الثانية على هيئة رحلة سفر إلى ماليزيا، وتم قبولها بكل ترحيب بعد أن حققت إنجازا واضحا وأصبحت مؤهلة للسفر.

حلم تحقق بعد 5 سنوات من الانتظار، إحساس بالراحة والسعادة يداعب كل حواسها، فصار الآن لها دور حقيقي في العالم غير مقتصر على حدود بلادها فقط، حيث أدرج اسمها على قوائم المسافرين ضمن فريق تطوعي ينطلق من مصر في برنامج مدته 12 يوما على أرض ماليزيا وتحديدا في "ملاكا" تحت اسم "Live Like a Local" لتعليم الأطفال اللغة العربية، وتبادل الأنشطة الثقافية مع سكان ماليزيا.

دخلت، ولأول مرة، فصولا تعليمية في ماليزيا، لتجد التلاميذ أكثر إقبالا على التعلم واكتساب المعرفة، فصاروا يقلدون كل حركة تصدر منها، ويحاولون النطق باللغة العربية ليصيروا نموذجا مصغرا منها، فشعرت وكأنها سفير غير رسمي لبلادها وناقلا للغتها الأم، كما رأت أن بإمكانها صنع فارق حقيقي في نفوس أطفال صغار بعيدين كل البعد عن ثقافتها وبلادها، حتى إنهم يتواصلون معها وزملائها إلى الآن، ولم تكتفِ بمدة هذا البرنامج فقط، بل زادت بعض الأيام لاكتشاف العاصمة "كوالالمبور" و"جزيرة لانكاوي" و"كانيرون هلايندز" و"جينتج"، وتكتشف كل جزء صغير خارج حدود بلادها تاركة بصمة حقيقية في تعاملها مع الهنود والصينيين واليابانيين والماليزيين على حد سواء.

"للسفر مليون فايدة" هذا ما شعرت به هذه الفتاة الطموحة بعد أن صارت أكثر عقلانية وتحملا للمسؤولية واحتكاكا بالآخرين وأصبحت تجد حلولا لمشكلاتها بشكل أفضل منعمة برد فعل هادئ، وتعلمت العيش بسلام وسط جنسيات مختلفة دون أي تفرقة عنصرية أو تمييز.