رئيس مجلس الادارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

رئيس مجلس الإدارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

علاقات و مجتمع

"اطلبوا العلم ولو في الصين.. رحلة "خلود" الدراسية في بلاد المليار نسمة

كتب: ياسمين الصاوي -

10:11 م | السبت 04 مارس 2017

خلود عبد الحليم

على أحد مقاعد الطائرة المتجهة إلى الصين، تجلس لتلتقط أنفاسها وتغمض عينيها لحظة، فتسمع صوتًا ينادي الركاب بربط أحزمة الأمان، فمحركات الطائرة تستعد الآن للإقلاع في طريق طويل يخبئ لها خبرات جديدة في هذا الكون الواسع.

خرجت "خلود عبدالحليم" خريجة كلية الألسن قسم اللغة الصينية، من منزل صغير يوفر فيه الأب والأم والأشقاء كل الثقة والاحترام والدعم حاملة حقائب سفر ثقيلة لتصطحبها عائلتها إلى مطار القاهرة الدولي، فيخالط الجميع مزيج من مشاعر الفراق والحماس لخوض تجربة مميزة.

في إحدى جامعات بكين، تضع الفتاة العشرينية أولى خطواتها برحلة علم أدرج اسمها على قائمتها من قبل "معهد كونفوشيوس" بجامعة القاهرة، فتدخل إلى مبنى الطلبة الأجانب بالمدينة الجامعية الذي يشبه أفخر الفنادق، وتجلس برفقة فتاة واحدة فقط في الغرفة، وتتقاضى 1700 يوان كراتب شهري يعنيها على تكاليف الحياة اليومية والدراسية، وتخضع لنظام تعليمي على مستوى عالي يؤهلها للحصول على شهادة الماجستير في اللغة الصينية.  

مشاعر الغربة والحنين إلى عائلتها وأصدقائها لم تتسلل إلى قلبها لحظة، فوسائل الاتصال الحديثة "واتس آب" و"سكايب" سهلت التواصل في أي وقت، ولم تمنعها قيود اللغة من التحدث مع الآخرين، بل ساعدتها البيئة المحيطة في الاندماج والتعايش والاستمتاع بكل شئ تتعلمه هناك.

"أنا ممكن أنام في التاكسي وأنا مطمنة" عبارة قالتها بعد أن رأت بعينيها نظام كامل في بلاد توفر الأمان لسكانها وضيوفها، فلا مانع من المشي بمفردك في منتصف الليل وركوب العجل دون التعرض لأي نوع من المضايقات والأذى البدني أو النفسي، ولا مانع من ارتداء أي نوع من الملابس بكل حرية، أما احترام الوقت وانتظام المواعيد فهو بمثابة فعل مقدس لكل الشعب دون استثناء، حتى يمكنك ضبط عقارب ساعتك على موعد تناول الطعام في الجامعة.

 لفت انتباه "عبدالحليم" أن الصين تعتمد بشكل كبير على نظام دقيق من الدرجة الأولى، فشراء الخضراوات والأشياء يتم عن طريق الدفع "أون لاين" بأكواد محددة، وتقدم المحلات التجارية خصومات حقيقية لبضائع جيدة، أما على الجانب الإنساني، فيتم تطبيق المساواة على أكمل صورها بين الأستاذ والطالب، حيث يجلس العميد بجانب الطالب على نفس المقعد، ويمر بدراجته بين الطرقات دون أي شعور بالتعالي. 

تلزم الجامعة طلابها بالتدريب العملي والحصول على شهادة خبرة إما في تدريس اللغة الصينية للأجانب والعرب أو في مجال الترجمة الذي اختارته تلك الفتاة العشرينية لتعمل بنظام الدوام الجزئي Part time في إحدى الشركات الصينية، ما جعلها تحقق خبرة مهنية حقيقية.

تهبط من جديد إلى أرض الوطن مخبئة في حقيبتها كثير من المكاسب التي حصلت عليها من وراء تلك المنحة، فلم يتوقف الأمر عند تحسين مستواها في اللغة الصينية والعمل المهني والعيش وسط بيئة ثقافية كاملة والتعرف على نظام تعليمي مختلف يعتمد على اللوحات والمكتبات الإلكترونية وطرح الأسئلة والبحث والفهم بعيدا عن أسلوب الحفظ والتلقين، لكنها اكتسبت صفات شخصية مهمة كاعتمادها على نفسها والثقة في تصرفاتها وعدم السكوت عن أبسط حقوقها وعدم الخجل والاختباء وراء الآخرين.