كتب: سامية الإبشيهي -
12:04 ص | الثلاثاء 11 فبراير 2025
يُعتبر القلق شعورًا طبيعيًا يختبره الإنسان في مواجهة مواقف جديدة أو خطرة، إذ يعمل كآلية حماية تحفِّزنا على اتخاذ الإجراءات اللازمة لتجنب المخاطر، ومع ذلك، فإن التحول من شعور القلق الطبيعي إلى اضطراب قلق دائم يُحدث تغييرًا جوهريًا في نمط حياة الطفل، حيث يبدأ هذا الاضطراب في التأثير على قدرته على الدراسة، اللعب، التفاعل الاجتماعي، وحتى على جودة نومه وطعامه.
تعرّف منظمة اليونيسف القلق على أنه شعور بالخوف أو التوتر تجاه موقف معين، وهو رد فعل طبيعي في كثير من الأحيان، إلا أنه عندما يصبح هذا الشعور متكررًا ومفرطًا إلى درجة تؤثر سلبًا على الحياة اليومية للطفل، فإننا نتحدث عن اضطراب القلق، حيث يتميز اضطراب القلق بأنه قد يستمر لفترات طويلة، وقد يؤدي إلى ظهور أعراض جسدية ونفسية تجعل الطفل غير قادر على ممارسة نشاطاته المعتادة، سواء كان ذلك في المدرسة أو أثناء اللعب.
تتنوع أسباب اضطراب القلق عند الأطفال وتختلف من حالة لأخرى، لكن يمكن تلخيص بعض العوامل الرئيسية التي تسهم في ظهوره فيما يلي:
الوراثة والتكوين العصبي، فتشير الدراسات إلى أن بعض الأطفال قد يكونون أكثر عرضة للإصابة باضطراب القلق بسبب عوامل وراثية تؤثر على وظائف الدماغ واستجابته للتوتر.
البيئة الأسرية، حيث تُشكل البيئة الأسرية دورًا حاسمًا في تشكيل شخصية الطفل، إذ يمكن أن تؤدي الظروف العائلية الصعبة، مثل الطلاق أو فقدان أحد الوالدين أو حتى الضغوط المالية والمشاكل الأسرية المستمرة، إلى زيادة احتمالية ظهور مشاعر القلق لدى الطفل.
تجارب الحياة الصعبة أو الصدمات، فـ التعرض لمواقف مرهقة أو صادمة، سواء كانت نتيجة حوادث مفاجئة أو تجارب سابقة مؤلمة، يمكن أن يؤثر بشكل كبير على الحالة النفسية للطفل، مما يدفعه إلى تطوير اضطرابات قلقية.
الضغوط المدرسية والاجتماعية، مع تزايد التنافس والضغوط التعليمية والاجتماعية، يجد بعض الأطفال أنفسهم في مواقف تؤدي إلى الشعور بالخوف والرهبة، مثل الانتقال إلى مدرسة جديدة أو مواجهة توقعات عالية من قبل المعلمين والأقران.
تظهر أعراض اضطراب القلق عند الأطفال بأشكال متعددة، وغالبًا ما تكون مزيجًا من الأعراض الجسدية والنفسية
وفيما يلي نستعرض أبرز هذه الأعراض وفقًا لما أكّدته اليونيسف:
ضيق التنفس وتسارع ضربات القلب، فقد يعاني الطفل من شعور بالاختناق أو زيادة في سرعة ضربات القلب، وهو ما يُعد من أبرز علامات القلق الزائد.
الصداع والدوار، إذ تظهر بعض الأعراض الجسدية مثل الصداع المستمر والشعور بالدوار، مما قد يجعل الطفل غير قادر على التركيز أثناء الدراسة أو اللعب.
مشاكل في الجهاز الهضمي، قد تظهر أعراض مثل الغثيان وآلام المعدة، بالإضافة إلى الإسهال أو الإمساك المتكرر، وهي أعراض ترتبط غالبًا بالتوتر المستمر.
صعوبة النوم وتغير الشهية، حيث يعاني بعض الأطفال من صعوبة في النوم أو الاستيقاظ المتكرر خلال الليل، ما يؤدي إلى نقص في الطاقة والتركيز أثناء النهار. كما قد يلاحظ الأهل تغييرات في عادات الأكل سواء بفقدان الشهية أو زيادتها.
زيادة التعرق أو الشعور بالحر المفاجئ، فـ يمكن أن يصاحب القلق حالة من التعرق الزائد أو الشعور بارتفاع درجة حرارة الجسم دون سبب طبي واضح.
الشعور المستمر بالخوف والرهبة، قد يعبر الطفل عن شعوره الدائم بالقلق والخوف، حتى في المواقف التي لا تستدعي ذلك، مما يعيق قدرته على الاستمتاع بوقته مع أقرانه.
صعوبة التركيز والإحساس بعدم السيطرة، فـ يجد الطفل صعوبة في التركيز أثناء الأنشطة الدراسية أو اللعب، كما قد يشعر بأن الأمور خارجة عن السيطرة، مما يزيد من حالته من التوتر.
تجنب المواقف الاجتماعية، قد يبدأ الطفل بالانسحاب من الأنشطة الاجتماعية أو المواقف التي تتطلب التفاعل مع الآخرين، خوفًا من مواجهة مواقف قد تزيد من قلقه.
الحاجة الدائمة للطمأنينة، وعادًة يظهر لدى الأطفال الذين يعانون من اضطراب القلق رغبة ملحة في الحصول على الطمأنينة المستمرة من الأهل أو القائمين على رعايتهم، حتى في أبسط المواقف.
توصي اليونيسف بعدة استراتيجيات لمساعدة الأطفال على التعامل مع مشاعر القلق، ومنها:
مناقشة القلق مع الطفل، عن طريق فتح حوار معه حول مشاعره، ومساعدته على التعبير عن مخاوفه بطريقة صحية.
تحويل التركيز، وتشجيعه على ممارسة أنشطة تساعده على تهدئة ذهنه، مثل الرسم أو اللعب.
تعزيز العادات الصحية، مثل ضمان حصول الطفل على قسط كافٍ من النوم وتناول غذاء متوازن، حيث تؤثر هذه العوامل بشكل كبير على الحالة المزاجية.
استخدام تقنيات التنفس العميق، كـ تدريب الطفل على التنفس من البطن لتهدئة الجهاز العصبي.
طلب المساعدة المتخصصة عند الحاجة، فـ إذا استمر القلق في التأثير على حياة الطفل اليومية، فمن الضروري استشارة طبيب أو اختصاصي صحة نفسية للحصول على التوجيه والعلاج المناسب.
تشدد اليونيسف على أهمية استشارة المتخصصين إذا بدأ القلق في التأثير على الأداء المدرسي، أو العلاقات الاجتماعية، أو إذا ظهرت أعراض جسدية مستمرة دون سبب طبي واضح، فاللجوء إلى أخصائي نفسي أو طبيب مختص قد يساعد الطفل في تطوير استراتيجيات لمواجهة القلق وتحسين جودة حياته.