كتب: آية أشرف -
05:38 م | الجمعة 27 أكتوبر 2023
لم يكن توقفها عن مسيرتها التعليمية منذ 45 عامًا عقبة أمام حلمها، فلم يراودها طيلة السنوات الماضية سوى محاولاتها لتعلم القراءة والكتابة، تمر السنوات ويمر العمر ولم يخفت شغفها تجاه الحلم، فكل عام كانت تخطوه السيدة نجاة نعيم، من عمرها، إذ أتمت 54 عامًا، كنت تشعل معها شرارة الأمل القديم، وهو إكمال التعليم.
الخوف من المجهول، ومن عدم الوصول لعنوان بعينه، أو مكان تريده، وعدم القدرة على قراءة نشرات الأدوية، أو حتى البصمة على ورقة لا تعلم محتواها، كلها أمور دفعت ابنة الصعيد بإحدى مراكز سوهاج؛ للبحث عن سُبل التعلم، والوصول للهدف المراد تحقيقه.
ظروف عائلية، تعيشها أغلب سيدات الصعيد، منعت السيدة من استكمال تعليمها الأساسي، إذ ودعت التعليم وهي في الصف الثالث الابتدائي، قبل أن تتزوج كنظيراتها من الفتيات وهي في عمرها الـ12: «قالولي سيبي التعليم وسبته واتجوزت وأنا 12 سنة، لما كملت 18 سنة كان عندي طفلين، وأنا 21 سنة بقوا تلاتة، ولما كملت 31 سنة بقى عندي 3 بنات وولد، وده لأن جوزي كان بيسيبني ويسافر وأنا أفضل لوحدي في بيت عيلة».
رحلة طويلة انتقلتها نجاة نعيم، مع زوجها من الصعيد إلى الإسكندرية، بعدما عاد من دول الخليج ليرافقها رحلتها هنا بوطنهما، فتزوج اثنين من أبنائهما وأنجبا لهم 8 أحفاد، إلا أن حلم محو الأمية لم يمُت بالتقادم، وفقًا لحديثها لـ«هُن»: «فضلت برده عاوزة أتعلم، وقررت بنفسي أدخل فصول محو الأمية»
من 15 عامًا قررت «نجاة» العودة للتعليم مُجددًا وهي في عمر الأربعين، لتلتحق بفصول محو الأمية: «استغليت إن جوزي رجع لمصر، فقررت أدور على حلمي، وروحت لوحدي محدش شجعني، وبقيت أروح مكتبات الكنيسة كمان أتعلم وأقرأ».
الخوف كان هو المحرك الرئيسي للسيدة الصعيدية، التي اجتازت شهادة محو الأمية، وتسعى اليوم للتقدم للشهادة الإعدادية: «خوفت من أي موقف معرفش أتصرف فيه، كان لازم أعرف أروح أي حتة من غير ما أتوه، وخوفت حد يمضيني على أي ورقة وأنا مش عارفة مكتوب فيها إيه، ومينفعش يكونوا ولادي في التعليم وأنا أمية»، مختتمة: «ناوية أقدم على الشهادة الإعدادية كمان الفترة دي».