رئيس مجلس الادارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

رئيس مجلس الإدارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

علاقات و مجتمع

حكايات من قلب معاناة السيدات على أبواب المجلس الحسبى: «كلنا حنان»

كتب:  غادة شعبان -

03:21 م | الأحد 16 أبريل 2023

معاناة السيدات على أبواب المجلس الحسبى

كسرة وقصمة ظهر ودموع تسكن القلب وغصة فى الصدر تزلزل الكيان، بعد آخر أنفاس للزوج على قيد الحياة، لتصعد الروح إلى بارئها، ويُدفن مع الأب الأمن والأمان والسكن والطمأنينة ويحل محلها اختبارات الحياة وجفاء الأهل، لتجد الزوجة والأبناء أنفسهم أمام غدر الزمن وقسوة الحياة، ويظلون يتخبطون يبحثون عن الونس دون جدوى، هكذا هو حال كل أسرة غابت عنها اليد التى تحنو، والقلب الذى يحب بإخلاص، ليجدوا أنفسهم أمام أشخاص يبحثون عن الميراث ولا يهمهم سوى كم سيبلغ نصيبهم من التركة، وهنا تبدأ مواجهة الأم إعالة أطفالها القُصر، وتبحث هنا وهناك عن مصدر رزق ودخل لسداد ما على الزوج من ديون، فضلاً عن محاولة التحلى بالصبر لتخطى الإجراءات الروتينية داخل أروقة المحاكم والمصالح الحكومية.

«تحت الوصاية»، عمل درامى، جسّدته الفنانة منى زكى، لمس الواقع المرير الذى تعيشه كل أم وأبناء فقدوا الأب، يصارعون آلام الفقد ومرارته وتخبطات الحياة بعده، والأعباء التى تقع على عاتق الأم، بدءاً من مواجهة أهل الزوج للحصول على الوصاية على وحضانة الأبناء، مروراً بالولاية التعليمية والتصرّف فى ممتلكاتهم حال ترك الأب ما يؤمّن مستقبلهم، فتجد نفسها تصارع الجد الذى لا يزال على قيد الحياة، ومن حقه فى القانون وصاية أبنائها وفلذات كبدها، وهى ليس من حقها ذلك الأمر، مروراً بالصراعات والمشاحنات التى سرعان من تبدأ بمجرد دفن جثمان الزوج.

كل أرملة قد تجد فى حكاية «حنان»، التى تجسّدها الفنانة منى زكى، فى الدراما وأمام شاشات التليفزيون ذاتها من خلال مشهد من المشاهد، فهناك من توفى زوجها وهى فى ريعان شبابها وترك لها أطفالاً فى عمر الزهور، تحاول تأمين مستقبلهم بعد وفاة السند، بمحاولة البحث عن وظيفة مهما كانت، وأخرى تعانى من أخذ وصاية الأبناء، لوجود الجد على قيد الحياة ليُعرقل سير الحياة بسبب أولويته قانونياً فى إدارة شئون القُصر، وأخرى يعتقد أهل الزوج المتوفى أنها ستتزوج من بعده ولا يحق لها رعاية الأطفال، ليبدأ سيل من المضايقات من الأعمام والعمات، حتى يصل بهم الأمر إلى إجبارها على ترك منزل الزوجية.

«الوطن» تواصلت مع حالات مشابهة لما تجسده البطلة خلال العمل الدرامى، لتروى كل منهن مأساة وتعسف الأهل وقسوة الإجراءات الروتينية الحكومية.

«حسناء»: المجلس الحسبى رفض كسر شهادة لإجراء عملية لابنتى وبعت دهبى واستلفت فلوس

حسناء عارف، سيدة توفى زوجها قبل 13 عاماً، ترك لها 3 أطفال قُصر، كان أكبرهم 6 أعوام والأصغر عاماً واحداً، ذاقت مرارة الفقد والأيام، استطاعت بعد محاولات إقناع الجد بالتنازل عن وصاية الأطفال، حتى تستطيع إدارة شئون حياتهم، لكنها وجدت تحكمات من النيابة الحسبية، التى تفرض عليها قيوداً وتمنعها من التصرّف فى الأموال والممتلكات، إذ سردت معاناتها، قائلة: «عانيت من الروتين الحكومى، سواء فى البنوك أو المصالح الحكومية، إذ يرفضون التعامل إلا بعد إذن من النيابة الحسبية وموافقتهم وكله لازم بفواتير مختومة، حتى أبسط الأمور».

«كنت عايزة أعمل عملية لبنتى الكبيرة ومن يوم وفاة والدهم ماخدتش ولا مليم لمدة 10 سنين من فلوسهم وباصرف عليهم من شغلى»، عبارة واصلت من خلالها الأم التى تركها زوجها وأصبحت مسئولة عن أولادها، مضيفة: «لما طلبت أصرف لأول مرة وأكسر شهادة من بتوعها علشان العملية ودفعت فلوسها فعلاً، قالوا لى اعمليها وتعالى نصرف لك، بعد ما كنت دفعت 65 ألف جنيه، واضطريت أبيع دهبى علشان أرجع الفلوس اللى كنت مستلفاهم منهم».

وفاة الزوج المفاجئة تضع الزوجة والأطفال القصر فى مرمى نيران الطمع والمشكلات الأسرية.. وإحدى المتضررات: «كل همهم الورث»

وفاة الأب المفاجئة أربكت الجميع، الصدمة تسيطر على المشهد، آلام نفسية وجسدية أصابت الزوجة والأبناء، رحل السند دون مقدّمات أو إعياء، فهو لم يُمهد للأمر، وترك 3 أبناء فى مراحل عمرية مختلفة، الصغرى لم تبلغ السن القانونية، وفى نظر القانون قاصر، لم يتمهّل الأهل فى إعطاء ذوى المتوفى فرصة للإفاقة.

«سماح»: «أعمام أولادى كانوا عايزين ياخدوا حقهم بالقوة»

مما حل بهم حتى بدأوا فى تقسيم التركة قبل خروج الجثمان إلى مستقره الأخير، دون استحياء أو شفقة، حتى شعرت السيدة الأربعينية سماح محمود، من محافظة المنوفية، وكأنها هى وأبناءها فى كابوس يتمنون الخروج منه، وروت كواليس الحياة المريرة التى عاشتها بعد فقدان الزوج الذى عاشت معه أكثر من ربع قرن، قائلة: «توفى زوجى قبل أعوام فجأة، لم يكن يشكو من أى مرض، لفظ أنفاسه الأخيرة وهو بجوارى، ومنذ تلك اللحظة وأنا أعيش فى كابوس لا أستطيع تصديقه، وبدأ أشقاؤه يطالبون بحق والدتهم فى الميراث، لأنى عندى ولد يمنعهم من الورث، لكن بألاعيب ومحاولة عرقلة للأوراق وتعطيل المصالح، ومحاولة أخذ ما ليس لهم بالقوة، حتى وصاية ابنتى القاصر، وحينما قوبل طلبهم بالرفض من الصغرى، بدأوا يظهرون مخالبهم ومحاولتهم التدخل فى شتى الأمور، بداية من استخراج الأوراق الرسمية ومحاولة السيطرة على والدتهم للمطالبة بحقها فى الحال وتحت أى بند».

«أعمام أولادى كانوا عايزين ياخدوا حقهم بالقوة، رغم أنهم فى القانون والشرع مش ورثة لجوزى»، عبارة واصلت من خلالها السيدة الأربعينية الحديث عن المشكلات التى واجهتها بعد وفاة زوجها، مضيفة: «ساومونى على حق أمهم فى بيتى أنا وعيالى، ولما رفضت قالوا لى روحى شوفى لك مكان تانى تعيشى فيه، بخلاف عرقلة المصالح والأوراق ومنع جدة أولادى إنها تمضى على أى ورق لاستخراج المعاش، والتشكيك فى امتلاكى أى ممتلكات كتبها لى زوجى باسمى، وتزييف الحقائق والطعن فيها أمام محكمة الأسرة، زوروا شيكات علشان ياخدوا منى فلوس ويستولوا على حق عيالى».

السيدة الخمسينية نازك منصور، من سكان محافظة الأقصر، أرادت تأمين حياة أطفالها بعد وفاة الزوج، خاصة أنه لم يترك ما يؤمّن مستقبلهم، مما جعلها تضطر لإعطاء الدروس الخصوصية فى المنازل للطلاب، بعدما استطاعت الحصول على حق وصاية الأبناء، وتنازل الجد عنها، روت تجربتها قائلة: «كنت مسافرة أنا وزوجى خارج مصر، وماكانش ليا ولا ليه معاش نصرف منه، ولما أتوفى كان ولادى الـ3 ليهم شهادات باسمهم، والمجلس الحسبى رفض يصرف لى منهم لتعليمهم، وتعبنا كتير جداً من الإجراءات، ومش باخد منهم فلوس كاملة، رغم إنى باجيب فواتير من المدارس والجامعات، ممكن يدونى ربع المبلغ اللى عايزاه فقط، رغم إنى باقدم الإثباتات،  لو مش معايا أكمل فلوس لتعليمهم ماكنتش هاعرف أعلمهم».

«نادية»: كنت باروح بطولى للمحامين والمحاكم وباقضى المصالح وأهل جوزى واقفين بيتفرجوا من غير ما يساعدونى

سيناريو المجلس الحسبى يتكرّر فى حياة كثير من الأسر التى فقدت الأب، ويخضعون له تلقائياً حالة وجود قُصر لهم، والوصى يتبع كل الإجراءات التى يحدّدها، وهو ما تحدثت عنه نادية محمد، من محافظة الفيوم، التى توفى زوجها قبل والديه، وكان لديه أبناء الأكبر منهم لم يُكمل السن القانونية وتحت الوصاية.

وروت كواليس المعاناة التى عاشتها، قائلة: «من أكثر الأيام اللى حسيت فيها بالقهر وقت ما رُحت أمد إيدى علشان أعرف أصرف على عيالى من فلوسهم، حسيت بالعجز قدام أصغر أولادى اللى كان عنده 6 سنين، ماحسيتش بنفسى غير وأنا واقفة وبازعق وانهرت نفسياً وعصبياً، كنت باروح بطولى للمحامين والمحاكم وباقضى المصالح، وأهل جوزى واقفين بيتفرجوا من غير ما يساعدونى فى أى حاجة كنت محتاجاها، وكل همهم كان الورث فقط، مضيفة: «ماكانش مسموح ليّا آخد أى مليم من فلوسهم، علشان أقدر أصرف على أكلهم وعلى لبسهم وعلاجهم».