رئيس مجلس الادارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

رئيس مجلس الإدارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

ماما

«سلوى» تبيع المشروبات الساخنة: «بربي بنت من ذوي الهمم ونفسي في كشك»

كتب: آية الله الجافي -

06:28 ص | الجمعة 29 يوليو 2022

سلوى إبراهيم

بجدار خشبي قديم، به أدراج متهالكة، ومساحة فارغة توضع بها غلاية مياه، وأكواب كرتونية، وملاعق متناثرة، واجهت الخمسينية «سلوى إبراهيم» الحياة، فطوال الـ35 عامًا الماضية لم تفارق ذلك الجدار إلا في أوقات مرضها، وعندما تشتد الأمطار في فصل الشتاء، وتمنعها من مواصلة عملها في إعداد الشاي والقهوة للمارة والسائقين.

بداية عملها في الشارع

بوجه شاحب، وابتسامة غير مكتملة بدأت سلوى حديثها مع «الوطن» قائلة: «بحب الناس تناديني بأم أيمن.. ابني الكبير.. بقالي 35 سنة واقفة نفس الوقفة دي»، حيث اضطرتها ظروف المعيشة لشراء ذلك الجدار الخشبي من بائع روبابيكيا، لتستقر به في ركن منزو بشارع المحطة، في الجيزة لتقديم المشروبات الساخنة، حتى تستطيع توفير مصاريف المنزل مع زوجها الذي ظل يعمل «أرزقي» طوال حياته، حسب وصفها.

إعالة ابنة من ذوي الإعاقة

«جوزي كان بيشتغل يوم آه وعشرة لأ.. وأنا عندي 5 عيال كان لازم أنزل الشارع وأشتغل»، وكانت المفاجآة التي احزنتها كثيرًا عندما رزقها الله بابنتها الصغيرة ياسمين، صاحبة الـ 23 عامًا، ولديها إعاقة في ساقيها، لا تستطيع السير سوى بمساندة أحد أو من خلال كرسي متحرك تستأجره في المشاوير الطويلة، وبرغم ذلك بدت ملامح أم أيمن راضية بقضاء الله، ونصيبها من الحياة.

لم تستطع أم أيمن أن ترتاح بعد الشقاء الذي واجهته في حياتها طوال السنوات الماضية، بل دفعها مرض زوجها المُسن أن تواصل مسيرتها في الشارع، حتى تستطيع الإنفاق على ابنتها المريضة، حيث يعمل زوجها الستيني كسائق توكتوك دورية واحدة مساءًا، نظرًا لكبره سنه وإصابته بتضخم في الكبد.

بيع ألعاب للأطفال بجانب المشروبات الساخنة

«المكسب بتاعي قل بعد ما فيه محل قهوة وشاي فتح جنبي»، ولذلك قامت بشراء كُرات بلاستيكية ملونة وبعض الاكسسوارت والألعاب، لبيعهم للأطفال، حتى تُعوض قلة دخلها في الفترة الأخيرة، وأبدت تقديرها لبعض أهل الحي الذي تعمل به، والسائقين نظرًا لمساندتهم الدائم لها، والإقبال على شراء مشروباتها، حتى في ظل افتتاح المحل الجديد المجاور لها، والذي يقدم المزيد من المشروبات التي لا تتوافر لديها.  

حلمها في توظيف ابنتها والحصول على كشك مرخص

رغم المعاناة التي عايشتها سلوى، إلا انها استطاعت تجهيز اثنان من بناتها بأقل الامكانيات، حتى اطمأنت عليهم في بيت الزوجية، ولكنها عبرت عن خوفها الشديد إذا توفاها الله وتركت ابنتها الصغرى، المصابة بإعاقة قدميها، دون دخل ثابت يضمن لها حياة كريمة، ولذلك تحاول منذ فترة أن تحصل لها على كارت الخدمات المتكاملة الذي يقدم تسهيلات لذوي الهمم من مختلف الجهات الحكومية ومنها «السكن والمواصلات والتعليم والرعاية الصحية وغيرها»: «نفسي حد يساعدني اجيبلها الكارت ده علشان اطمن عليها».

«الحياة كانت قاسية أوي معايا.. بس الحمد لله راضية»، فحاولت سلوى أن تنهي حديثها بابتسامة كاملة إلا أنها لم تستطع سوى النظر للسماء والتعبير عن رضاها بالحياة التي قسمها الله لها، متمنية أن تحصل على كشك صغير مُرخص، لتتناوب العمل فيه هي وزوجها، حتى يمكنهم الشعور بالأمان في نهاية حياتهم، حسب تعبيرها.