رئيس مجلس الادارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

رئيس مجلس الإدارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

ماما

«حضانات زمن كورونا».. ضحك ولعب وكمامة وكحول

كتب: إيمان مرجان -

10:33 ص | الإثنين 14 مارس 2022

الحضانات في مصر

في أحد شوارع حي الدقي، انّتقت أوليفيا مكانا يصلح لحلمها «حضانة للملائكة الصغار»، لم تتخيل في أسوأ كوابيسها أن تضطر لإغلاقه لفترة غير معلومة، مدفوعة بـ«جائحة» عالمية لم تفرق بين صغير او كبير، لكن «كورونا» ضرب حلمها بقوة كما ضرب أعتى اقتصادات العالم.

خسائر الحضانات في كورونا

على مكتبها الخشبي، جلست «أوليفيا سمير» (30 عاما) منهمكة في عملها، تخطط للاحتفال مع الأطفال بـ شهر رمضان الكريم، على يمينها نهاية لطرقة صغيرة يخرج منها غرفة صغيرة للمطبخ حيث تعد وجبات صحية وساخنة الأطفال، وإلى جانبها غرفة للأطفال الرضع، وأخرى للأطفال في المرحلة العمرية (2 - 3) سنوات، ودورة للمياه، وأمامها «طرقة» أخرى تقودك إلى فصول التمهيدي والكبار، ثم حديقة صغيرة يقضي الأطفال جزءا كبيرا من وقتهم فيها، يلهون ويمرحون وينهلون من فيتامين د الذي تمدهم الشمس به، تنظر لهم ثم تحمد الله أنّ كابوس كورونا، وأنّ الخسائر التي لحقت بها بدأت تجاوزها.

صدمة السيدة الثلاثينية لم تكن في حلمها الذي كاد أن ينهار، لكن العاملين معها وعددهم يتجاوز 15، موزّعين بين مسؤولين عن نظافة المكان، ونظافة الأطفال، والطهي والتعليم، كانوا «صدمة» أخرى تجاوزتها بقرار «تخفيض الرواتب»، ورغم أنّه كان قاسيا عليها، لكنها أثرت التمسك بها، لتخفيف خسائر العاملين معها، بعد قرار الإغلاق وضبابية المشهد، وعلى الجانب الآخر، لم يُظهر صاحب المكان أي أزمة حال تأخرها عن دفع الإيجار الشهري، تقول لـ«الوطن»: «كان متعاون جدا ومضغطش عليا وقدّر الظرف اللي العالم كله بيمرّ بيه».

إجراءات حماية الأطفال بالحضانات من كورونا

«من الحاجات الصعبة اللي مريت بيها في فترة كورونا، إن الأولاد اختفوا من حياتي، بحبهم جدا وبعتبرهم ولادي ومعظمهم متربي هنا، بعدهم عني مكانش سهل».. قالت «أوليفيا»، التي أكدت أنّ قرار الفتح الجزئي رغم تخفيض الأعداد أطفأ شوقها لـ«أبناء روحها»، وبدأت التخطيط لحمايتهم من العدوى بفرض التباعد الاجتماعي، وإلزام العاملين لديها بالكمامة والتعقيم وإجراء تحاليل دورية، إضافة إلى الحصول على اللقاح فور اعتماده في مصر، و«طبيبة» للكشف على الأطفال والاطمئنان عليهم.

كاشف حراري

تستقبل «أوليفيا» الأطفال في الصباح بـ«كاشف حراري» للاطمئنان على حرارتهم، ثم بزجاجة كحول لتعقيم الأيدي، بعدها يدخل كل منهم إلى فصله الدراسي حسب فئته العمرية، وإذا شعرت بارتفاع حرارة أي طفل تتواصل مع ولي أمره هاتفيا لإخباره بالأمر: «مبقدرش استقبل أي طفل سخن أو عنده أعراض برد، من ناحية لازم يرتاح وياخد علاج، ومن ناحية تانية مقدرش أعرض الأولاد التانيين للعدوى».

في وقت الطعام، تحرص السيدة الثلاثينية على إعطاء الأطفال أطعمة صحية لتقوية مناعتهم، وتقدّم لهم وجبات بها خضراوات وفاكهة قد لا يأكلها الأطفال في المنزل، ومنها الكوسة والجزر والفاصوليا.

تقوية مناعة الأطفال

ولتوعية الأطفال بأهمية الطعام الصحي، تنظم بين الحين والآخر يوما لـ«الطعام الهيلثي»: «الخضار والفاكهة والعصاير الفريش مهمة للولاد، وبمنع دخول الشيبسي والعصاير المحفوظة والشوكولا عشان أحافظ على مناعتهم».

جمعتها علاقة طيبة بأساتذتها طوال فترة الدراسة، أوقعتها في غرام مهنة المعلم، وزادتها حبّا في أن تنتقل العلاقة التي جمعتها بمعلميها إلى تلاميذها الصغار، وهو ما حدث بالفعل، بعد أن بدأت مشروعها باستئجار مكان يصلح كـ«حضانة»، في حي شبرا الخيمة، حيث تسكن وزوجها وأبنائها.

كانت الأمور في الحضانة التي استأجرتها «إيمان سمير» (37 عاما) قبل نحو 9 أعوام، في منطقة بطن الجبل بحي شبرا الخيمة ثان في محافظة القليوبية، تسير على ما يرام، تذهب في كل صباح تعلم الأطفال القراءة والكتابة والأخلاق الحميدة، تعود إلى منزلها وأطفالها في المساء، وفي الصباح التالي تؤدي مهام «المعلم» كما يجب أن يكون، حتى حين وصل فيروس كورونا إلى مصر، لم تدرك «إيمان» أنّ الفيروس المستجد سيخلّف كل هذا الأثر السيئ، ليس على مكان عملها فقط، بل في أعظم اقتصادات العالم.

ظنّت «إيمان» أنّ أمر الإغلاق لن يدوم أكثر من المدة التي حددتها الحكومة منتصف مارس 2020، والتي كان مقررا أن تنتهي في مطلع أبريل 2020،  لكن الأمور وصلت إلى طريق مجهول بعد استمرار قرار الإغلاق: «خسارتي كانت كبيرة، في بيوت كتير مفتوحة من ورا الحضانة، وكنت بدفع إيجار من مصروف بيتي عشان مكانش في أي دخل، وللأسف مكنتش قادرة أدفع مرتبات اللي شغالين معايا ولا حتى جزء منها، دلوقتي الحمد لله تجاوزنا الخسارة والأمور بقت مستقرة زي الأول».

حماية الأطفال من كورونا

قرار عودة فتح الحضانات مع اتخاذ إجراءات احترازية، استقبلته «إيمان» بترحاب شديد، مؤكدة أنّها كانت تتخذ الإجراءات الاحترازية التي أعلنتها الحكومة قبل ظهور جائحة كورونا في العالم، لذلك فالأمر لم يختلف كثيرا حين عادت الحضانة للعمل: «التعقيم مهم جدا، ومن قبل ما كورونا يظهر وأنا حريصة على نضافة المكان والأولاد وبستخدم مطهرات طول الوقت عشان أحميهم من أي عدوى».

قرار تخفيض العدد لـ50% طبّقته «إيمان» مجبرة، فرغم أنّها كانت مؤيدة للقرار وبشدة، إلا أنّ الاستجابة من قبل أولياء الأمور كانت محدودة للغاية: «ناس كتير كانت خايفة وقلقانة والأعداد قليلة وعملنا مسافات بين كل طفل والتاني، وطمنّا الأهالي، وطبّقنا اشتراطات وزارة التضامن عشان نحمي الأولاد ونحمي نفسنا كمان».

لم تصادف «إيمان» حالة لإصابة بكورونا بين الأطفال في الحضانة، وحال ظهور أي عرض على الطفل كـ«القيء، الإسهال، الكحة، وارتفاع درجة الحرارة»، يتم التواصل مع ولي أمره فورا لاستلامه، كما تنصح صاحبة الحضانة أولياء الأمور بالتغذية الجيدة والحرص على النظافة: «الفاكهة والخضراوات والألبان حاجات بنطلب من ولي الأمر يجيبها في اللانش بوكس بتاع ابنه، عشان يقوي مناعته».