كتب: روان مسعد -
03:24 ص | الجمعة 18 فبراير 2022
أمضت شبابها وما يقارب من نصف عمرها في تنظيف المقابر وما يحاوطها من شوارع، تلك الحارات التي احتوتها أكثر من برد الشتاء، فقد منحتها دفء الاكتفاء بعملها عن سؤال اللئيم، بعد وفاة زوج «أم محمد»، قررت أن تلجأ إلى منطقة من هم في دار الحق، فوجدت فيها عملا حلالا يغنيها عن التسول، حيث تعمل منذ 27 سنة لتصرف على أسرتها كاملة، مهما تمددت وأصبح لديها فروع جديدة كانت دوما «أم محمد»، موجودة لتكون هي صمام أمان الأسرة المتواضعة.
لطالما كانت هي رب الأسرة في إعالة أبنائها، وظلت هكذا حتى نجحت في تزويج نجلها ونجلتها إلا أن الثنائي عاد بعد الطلاق إلى كنف الأم، ولكن بأعداد أكبر، تقول أم محمد راوية قصتها لـ«هن»، «الحمدلله البنت رجعت باتنين ولادها والولد رجع بطفل، وكلهم في رقبتي لازم اصرف عليهم أمال أسيبهم للشارع؟، مستحيل طبعا، فكملت الشغل في الزبالة زي ما أنا وكل ما حمل يروح يرجع تاني».
من شدة تعفف «أم محمد»، تظنها غنية إلا أنها تعيش مع أبنائها الـ6 وأطفالهم في غرفة واحدة «شرك»، ولكنها تحمد الله على وجود سقف يحميهم في ليالي الشتاء الباردة ومن شمس الصيف الحارقة، ولكنها في كل الأحوال موجودة في الشارع بشكل يومي في كل المواسم، تنظف القمامة ومخلفات من يأتون زيارات للمقابر وما حولها من شوارع.
«كاب» من القماش و«جوانتي» من البلاستيك الرقيق، هو كل ما تتذرع به «أم محمد»، في مواجهة البرد والأمطار في عز الشتاء، فقد اعتادت التقلبات الموسمية إلا أن الشتاء الحالي كان الأكثر قساوة، «تعبت جدا من البرد لكن لازم انزل عشان اصرف على ولادي، والبيت يقف على رجله، بقالي كده 27 سنة اتعودت على الشقا خلاص».
ازداد العبء والمسؤوليات على السيدة المسنة منذ 4 أشهر، فقد أصيبت بالسرطان، وتأخذ حاليا جرعات الكيماوي للعلاج، ونجحت «بفضل الله»، على حسب قولها في تلقي العلاج المجاني، فهي تترد على واحدة من المستشفيات الحكومية لتلقي العلاج، لأنها تحتاج إلى صحتها في تربية أبنائها والصرف عليهم.
رغم كل تلك العكوسات في حياتها لا تريد «أم محمد»، من الدنيا سوى «الستر» لها ولأبنائها طوال العمر، «بحمد ربنا بيرزقني وبيرزق ولادي هحتاج إيه تاني غير الستر؟».