من رحم المعاناة و صواريخ وطلقات الاحتلال، التي عاشت بها لأعوام في غزة، قررت التصدي للعقبات وللأزمات بالنجاح وتسطير اسم فلسطين عاليا بين دول العالم، إذ دخلت مجالا ربما عُرف في مجتمعاتنا العربية بإنه حِكر ومخصص للرجال، إذ حلقت سها القيشاوي، في سماء الكون باقتحامها مجال علوم الفضاء، حتى وصلت لمكانة مرموقة، وفتحت وكالة الفضاء الأمريكية «ناسا» لها أبوابها وثبتت أقدامها بها، وسجلت اسم وطنها في المعامل والمختبرات الأمريكية.

المهندسة الفلسطينية سها القيشاوي، تعمل كبيرة لمهندسي البرمجيات، والمسؤولة عن تكامل البرمجيات مع الهارد وير وفحص المركبة الفضائية الأمريكية في وكالة ناسا.

«الوطن» تواصلت مع المهندسة الفلسطينية سها القيشاوي، التي تعيش في الولايات المتحدة الأمريكية، للحديث عن مهامها ومشوارها في وكالة ناسا والفضاء، والعقبات و التحديات التي واجهتها، خاصة كونها عربية ومسلمة ومحجبة، و إلى نص الحوار:

قررت أن أكون أول عربية تدخل عالم ناسا واستكشاف الفضاء الخارجي

- لماذ فضلتِ اختيار تخصص هندسة الحاسوب ثم التوجه إلى الفضاء وناسا؟

بدأ حبي للهندسة من شغفي للعلوم والرياضيات في مرحلة الطفولة، إذ كنت متفوقة جدا بهم، من المرحلة الابتدائية حتى الثانوية، وحينما التحقت بالجامعة كنت أبحث عن تخصص استكمل به حبي وشغفي للعلوم والرياضيات، ومن هنا بدأت الرحلة وأثناء الدراسة كنت أفكر في مجال العمل عقب التخرج، وخلال تفكيري كنت دائمة أتابع وكالة الفضاء ناسا، وأخبار المكوك الفضائي ومراقبة للحظات صعوده وهبوطه، فضلا عن متابعة الاخبار ورواد الفضاء، حتى قررت أن أكون أول عربية تدخل عالم ناسا واستكشاف الفضاء الخارجي بعيدا عن الأرض التي نعيش عليها.

- دائما يقولون إن هناك مهنا وتخصصات للرجال فقط يصعب على المرأة خوضها.. كيف وضعتِ بصمتك في هذا المجال وكيف تفوقتِ على الرجال به؟

من رأيي أنه ليس هناك مجال مخصص للرجال فقط، وما هي الا مجرد قناعات من اختراع البعض، وليس لها أساس من الصحة، وما يدعو للأسف بأن هناك بعض الرجال والسيدات مقتنعين اقتناع تام بتلك المقولة وهو ما يمنعهم من الخوض في المجالات الأخرى، كون لديهم ظنون بأنهم غير مؤهلين بها، وبالطبع كل مجال موجود المرأة تستطع العمل به بإرادتها ومجهودها وشغفها، فأنا أؤمن بأن المرأة إذا وضعت شيء ببالها تستطع القيام به.. الله خلقنا بقدرات هائلة وعلينا استعمالها وهناك أمثلة لكثير من السيدات في شتى المجالات وعلى كل المستويات.

منصب القائد المسؤول وكبير مهندسي البرمجيات في ناسا

- شغلتِ منصب كبير مهندسي البرمجيات في مشروع بناء المركبة الفضائية «أورايون» في الإدارة الوطنية للملاحة الجوية والفضاء ناسا.. ماذا عن تلك التجربة وذلك المنصب؟

بدأت العمل في مشروع بناء المركبة الفضائية «أورايون» من الصفر منذ عام 2011، حتى عام 2020، كنت واحدة ممن وقع عليهم الاختيار للبدء في هذا المشروع، فقد اختاروا مهندسين بعينهم، وبدأنا في العمل ببرامج السوفت وير والهارد وير، وعمل الاختبارات اللازمة، ولم يكن التنقل بين مرحلة وأخرى سهلا، حتى تقلدت منصب القائد والمسؤول عن متابعة أعمال باقي المهندسين، إذ كنا مسؤولين عن عقد جميع الاختبارات على البرمجيات للمركبة الفضائية وكتابة الاختبارات وتنسيقها والتي كانت تستغرق أشهر لنفس المرحلة، للتأكد من عدم وجود أخطاء، إذ نؤهلها لتحمل الأرواح والبشر.

- أنتِ أول عربية تقتحم مجال علوم الفضاء وتفوقتِ على الكثيرين وحلقت عاليا ودخلت أبواب ناسا..كيف استطعت القيام بذلك؟

مجرد التفكير في ما يوجد خارج الكرة الأرضية التي نعيش بها وحب المعرفة والاستكشاف، وعقب التحاقي في وكالة «ناسا» وجدت أنها تجربة ممتعة جدا، العمل في مجالات لم تكتشف بعد.

صعوبات اللغة والمعيشة وأسلوب ونمط الحياة

- ما التحديات والمعوقات التي استطعت تخطيها واجتيازها؟

لم يكن المشوار سهلا خاصة على فتاة ترعرعت في فلسطين وتحديدا غزة، إذ لغتي الأصلية هي العربية وفور سفري للولايات المتحدة الأمريكية لم أكن أتحدث اللغة الإنجليزية قط، وقررت تحدي الصعاب وتعلم اللغة وعدم التراجع والاستسلام، رغم كل الصعوبات والغُربة واختلاف العادات والتقاليد وظروف المعيشة الذي كان يختلف عن أسلوب ونمط حياتي و مع الوقت تأقلمت على الحياة والوضع والدراسة، فكان الحافز يستمر حينما أتخطى مرحلة ما.

- انت فتاة عربية ومسلمة ومحجبة وسافرت لبلد أجنبية هل آثر ذلك على الحياة هناك وسط الأجانب؟

كفتاة محجبة وعربية ومسلمة، كان هناك بعض التحديات وحاولت اثبات الكفاءة والجدارة، أمام الجميع وبذلت مجهود كبير للتأهل للوظيفة، ومع الوقت اكتسبتُ احترام الجميع والتقدير، واصبحوا يعرفون جيدا من أكون حتى تغيرت فكرتهم عن الإسلام والعرب.

-عملت في شركة «لوكهيد مارتن» في أبريل 2021، ماذا عن طبيعة عملك في تلك الشركة؟

بدأت عملي في شركة «لوكهيد مارتن» وعُينت مديرة لأكثر من مجموعة، أجرينا تجارب واختبارات على السوفت وير، للتأكد من سلامته قبل خروجه للفضاء، تقدمنا في فترة قصيرة وسيتم ارسال أول رحلة للفضاء في أبعاد لم يصلها أحد في التاريخ من قبل خلال الفترة القادمة.