رئيس مجلس الادارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

رئيس مجلس الإدارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

علاقات و مجتمع

وجيه أمين عبد العزيز يكتب: صدمات بعد الزواج.. وحقوق الرجال والنساء عند اكتشاف عيوب خفية

كتب: هن -

04:19 م | الجمعة 24 سبتمبر 2021

وجيه أمين عبدالعزيز

عقد الزواج له قدسية خاصة باعتباره اللبنة الأولى في بنيان المجتمع، وبالنظر إلى كثير من القضايا التي تنظر في محاكم الأحوال الشخصية، نرصد تغيراً لافتاً في طبيعة المشكلات التي تعقد الحياة الزوجية، وتجر طرفيها إلى نزاع طويل ومرير، وهذا أمر متوقع في ظل اختلاف نمط الحياة والتطور السريع في جوانب تمس الرجل والمرأة على السواء، منها على سبيل المثال الطفرة الهائلة في جراحات التجميل، وأدوات الزينة التي يمكن أن تخفي عيوباً جوهرية لا تكتشف إلا بعد الزواج عندما تقع الصدمة، لكن بعد فوات الأمان.

بالنظر إلى تقارير عدة ناقشت هذه المسألة، نجد أن هناك أشخاصاً كثيرين حكوا بشجاعة وشفافية ما حدث لهم، وكيف آلت علاقتهم إلى الانفصال، بسبب ما اعتبروه خداعاً وتغريراً من قبل الطرف الآخر، فيما يتعلق بعمليات تجميل جوهرية، لم يتم المصارحة بشأنها قبل الزواج، وإذا رجعنا إلى عيادات التجميل المتخصصة، نكتشف أن هذه الجراحات أصبحت موضة، وأكد كثير من الأطباء والمتخصصين، أن الإنسان بطبيعته يتطلع إلى الأفضل، وهناك ارتفاع ملحوظ في عمليات التكبير والتصغير تحديداً.

وهذا وإن كان حق مشروع لكل شخص، أن يفعل ما يراه مناسباً في جسده، لكن في المقابل، يتيح لنا مجالاً للبحث والتحاور بعقل منفتح وسعة صدر حول حق الطرف الآخر في معرفة ذلك قبل الارتباط، وهذا لا يقتصر على حق الرجال فقط، لكن يتعلق بالنساء أيضاً، في حالة إذا لجأ الرجل لإجراء جراحة لإخفاء عيب، أو تغيير في جسده قد لا ترضى عنه زوجته بعد الزواج.

ومن القضايا المهمة جداً التي يمكن الاستناد إليها عند مناقشة هذا الأمر، دعوى أحالتها إحدى محاكم الأسرة إلى دار الإفتاء المصرية، تطلب فيها فتوى بشأن مدى أحقية رجل في إقامة دعوى فسخ عقد الزواج للغش والتدليس، بعد أن اكتشف أن زوجته تعاني من عيب جسدي يؤدي إلى صعوبة قيامها بواجباتها الزوجية.

وردت دار الإفتاء، بأن المذهب الحنفي الذي يحكم عقود الزواج في مصر، يعطي الزوجة فقط حق طلب التفريق إذا وجدت في زوجها عيباً مستحكماً تتضرر منه ولا يمكن شفاؤه، سواء كان ذلك العيب موجوداً بالزوج قبل العقد ولم تعلم به، أو حتى بعد العقد ولم ترض به.. أما بالنسبة للزوج فلم يعطه المذهب الحنفي الحق في طلب التفريق حال اكتشاف عيب مماثل في الزوجة، حتى لو كان العيب مستحكماً ويمنع مقصود عقد الزواج، وحتى لو شرط الزوج في العقد خلو الزوجة من أي عيوب، واكتشف وجوده بعد الزواج.

لأن الزوج –كما يرى الحنفية- متمكنٌ مِن رفع هذا الضرر بالطلاق، بخلاف المرأة؛ فإنَّه لا يمكنها رفعه إلَّا عن طريق القضاء، وهكذا ردت دار الإفتاء، بأن لا حق لصاحب الدعوى في فسخ العقد، رغم تعرضه للغش والتدليس! والسؤال هل يرفع الضرر كاملاً بالطلاق؟ وشخصياً لا أعتقد ذلك، فالزواج مشروع مكلف على الطرفين، وتزيد كلفته على الرجل في بلادنا، كما أن هناك حقوقاً تترتب للمرأة عند الطلاق، لكن لا يمكن أن تحصل على الحقوق ذاتها، إذا كان للرجل حق الفسخ، لأنه يلغي العقد وما يترتب عليه.

وقد اتفق جمهور العلماء، ما عدا الحنفية، على أن للزوج خيار الفسخ، إذا كان بالزوجة عيب يمنع الرجل من استيفاء المنافع، التي من أجلها شرع الزواج أو يمنع مقصود النكاح، خصوصاً إذا لم يكن على علم بهذا العيب قبل الزواج.

ومن الممكن أن نستفيد بتشريعات طبقت في دول عدة، انتبهت إلى هذه المسألة، وحصنت عقد الزواج بضمانات قوية، فأدرجت ما يعرف بأحكام التغرير، وجعلته موجباً لفسخ عقد الزواج، وفق اشتراطات واضحة ومحددة، منها توافر نية الخداع، وعدم علم الطرف المغرر به بالعيب.

نتعامل كمصريين بطرافة عادة مع التغيير الجوهري الذي يحدثه الماكياج، وتزخر السوشيال ميديا بعشرات الصور تقارن الوجه أو شكل الجسم أثناء الخطبة، وبعد الزواج، وكأنه لشخصين مختلفين، ونحن ندرك جيداً أن هذا سبب جوهري لحالات انفصال عدة.

وبشكل عام أرى أن تغيير الشكل بالعمليات أو التركيبات التجميلية، يجب النظر إليه وفق اعتبارين، الأول إذا أظهرت المخطوبة جمالاً مصطنعاً أخفت به مرضاً، أو عيباً مستحكماً تنفر منه النفس عادة، وكان لذلك أثر مباشر في إقبال الرجل على إبرام عقد الزواج، ومن دونه ما كان ليرضى بها، فإن ذلك يعد تغريراً، ويستحق مراعاة حق الرجل إذا ثبت ذلك.

أما الاعتبار الثاني، إذا كان استخدام الماكياج أو التجميل بغرض إخفاء عيوب بسيطة لا تنفر منها النفس، فهذا أمر عادي، إذ إن طبيعة المرأة وحبها للظهور بمظهر الجمال والكمال قد يدفعها إلى ذلك، حفاظاً على قدسية الزواج.

وختاماً أجزم أن المصارحة واجب أخلاقي على الطرفين، فالحب والاحترام قيمتان لا يمكن أن يخضعا للتجميل أو الزينة، وهما الأساس لكل زواج ناجح.