رئيس مجلس الادارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

رئيس مجلس الإدارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

علاقات و مجتمع

هيفاء باحثة خطفتها كورونا من مناقشة الماجستير لتحصل عليه بعد رحيلها

كتب: هبة وهدان -

10:34 م | الخميس 24 ديسمبر 2020

الباحثة الراحلة هيفاء عبدالغني

الوقوف دقيقة حداد على روحها لم تكن تحلم به باحثة الماجستيرهيفاء عبدالغني حميد التي ربما تمنت الساعة التي تحتضنها أسرتها بدلا من أن يحتضنها التراب فور إعلان قبول بحثها التي مكثت لساعات وأشهر بين أوراقه والتنقل من مكتبة لأخرى ومطالعة الأبحاث السابقة وتدوين كل ما هو متعلق بالرسالة ورغم كل ذلك لم تجني ثمار مجهودها بنفسها وذلك بعد أن حال فيروس كورونا المستجد بينها وبين حلمها ورحلت قبل أن تدافع عن رسالتها بفضل اصابتها بكوفيد 19 .

وبداخل جامعة الموصل في بغداد أمس الأربعاء وتحديدًا كلية طب الأسنان جلس كل من الدكتورة مزاحم ياسين العطار والدكتورة ندى فاضل والدكتور عمار خالد جمال الدين، ورئيس الجامعة وزملائها الباحثين وأعضاء هئة التدريس يستمعون لمضمون البحث الذي قدمته ويناقشون الدكتورة إيمان عبدالعزيز مصطفى المشرفة على البحث بدلا من الفقيدة، إذ أنها لازمتها في جميع المراحل البحثية حتى الانتهاء من رسالة الماجستير والتي جاءت بعنوان "التشخيص المظهري والوراثي لأنواع المبيضات المعزولة من حالات التهاب الفم المصاحب لقاعدة الطقم".

وفي الصفوف الأمامية لحضور مناقشة رسالة الماجستير جلس 5 من أبناء الراحلة الخمسينية "هيفاء" وهم سيدة وأربعة رجال أصغرهم طالب بالجامعة يحاولون السيطرة على أعينهم التي لم تكل ولا تمل لحظة من البكاء خلال مناقشة الرسالة، وظلوا ينظرون لمقعدها الشاغر الذي ملئة الروب الخاص بها فقط.

البكاء الممزوج بفرحة كان عنوان المشهد لذي سيطر على الجميع على مدار المناقشة الرمزية التي جاءت كجزء من متطلبات نيل شهادة الماجستير في الاحياء المجهرية الفموية وتحديدًا خلال عرض الدكتورة "إيمان" الرسالة على اللجنة بدلا من الراحلة "هيفاء" التي حضرت المناقشة بصورها التي ملأت أرجاء المكان وهى تجري الأبحاث ملصق عليها شارة سوداء.

"كان حلم حياتها أن تقف أمام اللجنة وتعرض رسالتها التي كانت تصفها بأنها أشبة بطفلها الأول الذي آن الآوان أن يرى النور ويخرج من أحشائها"، بهذه الكلمات تحدثت الدكتورة إيمان عبدالعزيز لـ "الوطن" عن حلم طالبتها الخمسينية الراحلة التي وصفتها بأنها كانت لا تهاب شيئ حتى فيروس كورونا وأنها كانت تكمل بحثها رغم وجود اصابات كثيرة في محيطها .

وتضيف مشرفة الرسالة، أن الراحلة كانت تتواصل معها بشكل يومي استعداد لمناقشة الرسالة التي سلمتها لإدارة الجامعة قبل أيام من رحيلها حتى إختفى اتصالها ليومين فعاوت الأولى الاتصال بـ "هيفاء" فلم تجد إجابة ترضيها "الوالدة أصابتها كورونا إدعي لها حالتها صعبة"، فكانت تلك الكلمات بمثابة السهم الذي شق قلب مشرفتها ورغم ذلك كانت على يقين من أن الراحلة ستنتصر على الفيروس المستجد كونها تتمتع بشخصية قوية لا تعرف الإستسلام: "عرفتها عن قرب شخص يتمتع بالصدق والحرص والمثابرة والتفاني والاخلاص في إجراء البحث".

تحقيق حلم "هيفاء" لم تتنازل عنه "إيمان" ولا أسرتها التي قررت على الفور الاتصال بالجامعة لمعرفة الموقف القانوني من إمكانية مناقشة الرسالة وعلى الفور استجابة إدارة الجامعة للطلب لتصبح هيفاء أول طالبة تناقش رسالة الماجستير الخاصة بها بعد رحيلها وتحصل على الدرجة العلمية، حسب علاء عبدالكريم، نجل الراحلة لـ "الوطن".

تهدئة روح "هيفاء" المتعلقة بجثتها وطمأنتها أن تعبها لم يذهب هدرا كان بمثابة مباركة كل من أسرتها وزملائها وجامعتها الذين ترحموا عليها قبل وأثناء وعقب الانتهاء من المناقشة :"حصلنا على الشهادة وذهبنا لقبرها وهناك أدركت أن أمي قد رحلت بالفعل فلم أتمكن من احتضانها ومشاركتها فرحتها".