كتب: آية المليجى - غادة شعبان -
02:47 ص | الأربعاء 26 أغسطس 2020
قضت محكمة جنايات نجع حمادي بمحافظة قنا، الثلاثاء، بإعدام 3 متهمين باغتصاب واختطاف فتاة قاصر، والشروع في قتلها، وهي القضية المعروفة إعلاميا بـ"فتاة فرشوط"، وذلك بعد أخذ الرأي الشرعي.
تلك القضية التي هزت أرجاء الرأي العام، وتناقلتها وسائل الإعلام، كان ضحيتها "فرحة. ع. ر" 19 عاما، والمعروفة إعلاميًا باسم فتاة فرشوط، الفتاة التي تعرضت للاغتصاب على يد 3 ذئاب بشرية، شرعوا في قتلها، للتخلص من حياتها خشية افتضاح أمرهم، لكن مشيئة الله، كانت فوق تخطيطهم الشيطاني.
وقال إسماعيل سلاوي، محامي "فرحة"، إنَّ المحكمة أيدت حكم الإعدام في المتهمين الثلاثة، بعد أخذ رأي المفتي.
ويُقدم "هُن" القصة الكاملة لفتاة فرشوط منذ بداية واقعة الاغتصاب حتى إحالة المتهمين لمفتي الجمهورية، خلال السطور التالية.
تعود أحداث تلك القضية إلى أكتوبر 2018، عندما ضبطت الأجهزة الأمنية بمركز شرطة فرشوط بمحافظة قنا، "علي.ك.ا"، (21 عامًا)، وشقيقه "محمد"، (19 عامًا)، و"مصطفى.ر.ع"، (22 عامًا)، لاتهامهم بخطف واغتصاب "فرحة.ع.ر"، (17 عامًا - طالبة)، في الزراعات وفي منزل المتهمين الأول والثاني، وإحالة المتهمين للنيابة في القضية رقم 2550 لسنة 2018 إداري مركز شرطة فرشوط.
وتلقى اللواء مجدي القاضي مدير أمن قنا، إخطارًا من مركز شرطة فرشوط، إخطارا بأن أسرة فتاة قاصر تقدمت ببلاغ ضد 3 عاطلين اختطفوا ابنتهم في وقت متأخر، واغتصبوها، وحُرر محضر بالواقعة.
وكانت تشكلت قوة من مباحث مركز شرطة فرشوط، وألقت القبض على 3 متهمين "علي.ك.ا"، (21 عامًا)، وشقيقه "محمد"، (19 عامًا)، و"مصطفى.ر.ع"، (22 عامًا)، من بينهم سائق "توك توك"، لاتهامهم بخطف واغتصاب "فرحة.ع.ر"، كانت الفتاة أدلت بأوصافهم، وأحيل المتهمون للنيابة في القضية رقم 2550.
وكان أنكر المتهمون بخطف واغتصاب فتاة بفرشوط ارتكابهم الواقعة أمام النيابة العامة، قائلين: "مشوفنهاش ومنعرفش حاجة"، بينما أكدت المجني عليها ارتكابهم الواقعة.
وكانت قررت النيابة العامة حبس المتهمين 4 أيام على ذمة التحقيقات، على أن يُراعى لهم التجديد في الميعاد القانوني، وطلب تحريات المباحث حول الواقعة، وعرض المجني عليها على الطب الشرعي.
وعاينت النيابة العامة بمحافظة قنا، موقع الأرض الزراعية التى تم اغتصاب الطالبة "فرحة" بداخلها، وعثرت النيابة على قطع من الملابس الممزقة من ملابس الفتاة، وتم تحريزها وذلك بحسب مصدر أمني بمديرية أمن قنا.
كشفت الفتاة "فرحة"، إحدى ضحايا الاغتصاب، والمشهورة إعلاميا بـ"فتاة فرشوط"، تفاصيل الاعتداء عليها وهتك عرضها واغتصابها، بالإضافة إلى موقفها من والدها، مؤكدة استكمالها في القضية حتى تحصل على حقها.
وأوضحت "فرحة"، خلال حوارها في برنامج "القاهرة الآن"، مع الإعلامية لميس الحديدي، على شاشة "الحدث"، أنها وافقت على الظهور إعلاميا، لإيصال صوتها للجميع، كون مثل تلك الوقائع تتكرر بشكل كبير في الصعيد.
أوضحت فرحة كواليس الاعتداء عليها، أنها كانت متجهة للبنك من أجل جلب الفيزا لجدتها، وجرى اختطافها من خلال سائق توك توك: "ضربني على راسي بآلة حادة، ولم أفق إلا عندما وجدت نفسي وسط زراعات القصب، وقام سائق التوك توك بتكتيفي من ظهري بواسطة حبل، وجردني من ملابسي واغتصبني هو وزميله".
وتابعت: "تعرضت لحالة إغماء لأنهم حاولوا خنقي واعتقدوا أنني مت، واصطحبوني لمنزل مهجور ليس به أحد، وحاولت الصراخ ليساعدني أحد، وصعدت للطابق الرابع ووجدت فتاة متجهة لأخذ دروسها، وقعدت أنادي عليها، وأشاور لها بأيدي، استجاب ربنا لدعائي، ورأتني الفتاة، ودخلت المنزل واستدعت جدتها لمساعدتي".
وواصلت: "للأسف جدة الفتاة مكنتش قادرة تساعدني، وأخدت نفسها ومشيت لما عرفت هوية المغتصبين، تعرفهم وهم أصحاب نفوذ قوي في الصعيد، ولها صلات بناس مهمة، وعدتني جدة الفتاة بالمساعدة، لكن مشيت ومشفتهاش تاني".
وتابعت: "جاء أحد المغتصبين وأخوه، وبدأوا يتفقوا مع بعضهم قدامي يعملوا إيه معايا، واحد قال ندفنها في بير البيت المهجور ده، ومحدش هيعرف حاجة لأنه بيت مهجور، وواحد تاني اقترح أنه يتهم حد تاني أنه عمل الواقعة، أو نسفرها بره المحافظة، وتقول للناس أنها كانت مسافرة، وحد تاني غيرنا اللي عمل كده، وواحد تالت قال نرميها بره".
وواصلت: "قعدت أقول لهم حاضر وأجاريهم في الكلام، لحد ما هربت من سائق التوكتوك، ولقيت حاطط في التوكتوك كفن أبيض كانوا هيموتوني، وهربت وقعدت أجري، وارتديت عباءة وعبرت الجسر لحد ما وصلت بيت أقربائنا، اتصلوا بخالتي توجهنا لمركز الشرطة، وحررنا المحضر".
وأشارت إلى أنها أخذت القرار بالتوجه للشرطة، كي تأخذ حقها بالقانون، "لم أذهب إلى أمي، بل ذهبت للقسم بملابسي الممزقة، برفقة خالتي، لأن والدتي كانت تعاني من وجع قدميها".
والد فرحة يتنازل عن حقها والفتاة: حسيت حقي كله ضاعالكارثة التي انتابت "فرحة" لم تقف عند حد الاغتصاب، فالصدمة حينما ذهبت برفقة محاميها في أولى جلسات قضيتها المنظورة أمام محكمة جنايات نجع حمادي، يوم 15 ديسمبر الماضي، لترى توكيلا من والدها في يد محامي المتهمين، يعلن من خلاله التنازل عن حقها: "حسيت بصدمة.. حسيت أن حقي كله راح"، بحسب حديثها لـ"هن".
ذهول وصدمة ثم انهيار مشاعر مضطربة انتابت الضحية، ابنة الـ17 عامًا، فالأب الذي قرر مغادرتهم قبل 12 عامًا، وتركها طفلة صغيرة عمرها آنذاك لم يتعدَ الـ3 أعوام، وشقيقتها الرضيعة وقتها، ظهر في صورة متخاذلة: "معرفش حاجة عن أبويا من 12 سنة.. سابنا ومشي".
العلاقة بين "فرحة" ووالدها لم تكن في مسارها الطبيعي: "أبويا بالاسم فقط" وحينما علمت بتنازله عن حقها، أصابها الانهيار في الجلسة لتصر على أخذ حقها واستكمال إجراءاتها: "فضلت أقول أنا معرفش عنه حاجة.. وعاوزة حقي".
لم يهدأ حال "فرحة" إلا حينما رفض القاضي التنازل، وجعل منها وكيلة نفسها، الأمل الذي عاد إليها من جديد، لكن الضغوط والتهديدات من أسرة المتهمين ما زالت تطاردها، بحسب حديثها، لعل آخرها بأن والدها سوف يحضر بنفسه في الجلسة المقبلة ليعلن عن التنازل بشكل رسمي: "لغاية دلوقتي بيهددونا.. وآخر حاجة قالولي إن الجلسة الجاية أبويا هيجي يتنازل بنفسه مش بس التوكيل".
أحاديث متضاربة سمعتها "فرحة" من وراء تنازل والدها: "ساعات بعرف أن عشان أخد فلوس اتنازل عن حقي.. وساعات بيقولوا أنه عشان هيجوزني حد من المتهمين".
قال إسماعيل سلاوي، محامي فرحة خلال حواره في برنامج "القاهرة الآن"، مع الإعلامية لميس الحديدي، على شاشة "الحدث"، أنه لا يترافع عن فرح في البرنامج التليفزيونية، حيث إن القانون في النيابة والمحكمة، لكنه ظهر في وسائل إعلام ليكشف مأساة فرحة، التي تعرضت للاغتصاب من اثنين أشقاء وسائق توك توك.
وتابع: "كانوا جايبين لها الكفن عشان يدفنوها، بس ربنا كتب لها الحياة من تاني، هي فرحة تعرضت للاختطاف وهتك عرض واغتصاب، يعني ثلاثة جرائم في آن واحد، وعرض عليها 200 ألف جنيه للتصالح في القضية، وأمها الشريفة رفضت ذلك، رغم أن والدتها تعمل فراشة في مدرسة بـ 150 جنيهًا".
وواصل: "قبل وصولي للبرنامج مراتي اتصلت بيا وقالت فيه ناس بتلعب في باب الشقة، بس برضه مش خايفين، وهنكمل يوم الجلسة، ومن قبلها تعرضنا لتهديدات وعرض مكافآت مالية ولكن فوجئنا قبل الجلسة بساعات بتوقف المكالمات الهاتفية من أسر الجناة، فأخبرت فرحة أن هناك شيئا غير مريح بعد توقف المكالمات".
حصلت "الوطن" على نسخة من قرار الإحالة الصادر من نيابة قنا الكلية في قضية "ف.ع.ر"، كما حصلت "الوطن" أيضًا على تقرير الطب الشرعي الذي أثبت تعرض المجني عليها للاغتصاب من المتهمين.
وجاء نص قرار الإحالة في قضية "فتاة فرشوط" المقدم من النيابة العامة في قنا إلى محكمة جنايات قنا، أنه بعد الاطلاع على أوراق القضية تتهم النيابة عامة، المتهمين "ع.ك.ش" طالب، ويبلغ من العمر 21 عامًا، و"م.ر" سائق توك توك، ويبلغ من العمر 23 عامًا، و"م.ك.ش" عامل ويبلغ من العمر 18 عامًا، بما يلي:
- أن المتهمين الأول والثاني "ع.ك.ش" و"م.ر" قاما بخطف المجني عليها "ف.ع" عنوة بواسطة "توك توك" قاده المتهم الثاني، بينما أوثق المتهم الأول يد المجني عليها بحبل كان بحوزته، ومن ثم اقتادها إلى منطقة نائية بالزراعات، ومن ثم مواقعة المجني عليها بالإكراه ومعاشرتها معاشرة الأزواج دون رضاها.
تهديدهات بالقتل منذ إطلاق القاضي حكمه، تروي "فرحة" تفاصيل ما تعرضت له منذ الـ2 ظهر أمس وحتى الآن، "والد 2 من المتهمين قالي كلها كام يوم وهتشوفي صور خالك على النت وهو مقتول"، بالإضافة إلى اتصالات متكررة من أرقام غريبة حذرها المحامي من الرد عليها، "قالي بلاش دلوقتي تردي على حد عشان محدش يأذيكي"، بحسب حديث الفتاة لـ"هن".
ذهبت فرحة أمس بعد النطق بالحكم إلى بيتها شاعرة بسعادة بالغة، إنها استطاعت أخيرا أن تأخذ حقها من الجناة، "الحمدلله أخيرا فرحت عقبال يا رب ما اشوفهم معدومين"، ولكن الأحوال انقلبت بعد حوالي الساعة 12 منتصف الليل، "جت عربية بيجو حمرا 7 راكب بدون نمر وسألت علينا عند بيتنا وطبعا الجيران مشكورين قالوا اننا مش هنا".
وكان في تلك السيارة والد المتهمين ومعه أشخاص غرباء، رحلوا بعد نفي الجيران وجود فرحة وأهلها، ولكن عدة دقائق وجاء توك توك حاملا نفس الناس إلى بيت فتاة فرشوط وسألوا عنها مرة أخرى، ما أشعرها بالقلقل البالغ فتوجهت على الفور إلى المركز، تقول في تصريحات لـ"هن"، "أنا حاليا في المركز، اتصلنا بالمحامين وعملوا الواجب احنا في المركز من امبارح لحد دلوقتي معملتش محضر ولا حاجة بس حاسة لو خرجت من هنا هتقتل انا او حد من اهلي".
وأكملت منفعلة، "هو انا عملت ايه انا اخدت حقي وربنا نصرني بس انا مستنية اشوفهم معدومين انا فخورة باللي انا عملته وامي مبسوطة جدا لحد ما يحصل الاعدام وبنشكر ربنا، بس عايشة في خوف وقلق ومش قادرة اروح بسبب تهديدات والدهم".
بعد حالة الفرح والانتصار التي عاشتها الفتاة "فرحة"، المعروفة إعلاميًا بـ"فتاة فرشوط"، لإحالة أوراق المتهمين باغتصابها والشروع في قتلها إلى المفتي، سرعان ما دب الخوف في نفسها، بسبب تهديدات تلقتها من ذوي المتهمين.
داخل مركز شرطة نجع حمادي، باتت "فرحة" برفقة أسرتها، ليلة انتصارها، وبحسب مصدر أمني، أن الفتاة أخبرتهم، أن أشخاص استقلوا سيارة يحملون أسلحة، شوهدوا في منطقة سكنها خلال الساعات الأولى من الأربعاء 22 يوليو.
وبحسب إسماعيل سلاوي، محامي "فتاة فرشوط"، الذي روى كواليس ما حدث من تهديدات، بأن سيارة أقلت ذوي متهمين وهم يحملون أسلحة نارية، لكنهم أخطاوا في العمارة التي تقطن بها "فرحة" مع ذويها: "هما غلطوا في رقم العمارة بتاعة فرحة اتلخبطوا فيها.. وساعتها انكشف أمرهم، وحد اتصل بخال فرحة وحذرهم".
وتابع "سلاوي" لـ"هن"، أنه أخبر مركز شرطة نجع حمادي بما حدث، وعلى الفور انتقل رئيس المباحث للتأكد من الخطر، ونظرًا لصعوبة تأمين المنطقة السكانية، قرر رئيس المباحث أن تنتقل "فرحة" وأسرتها للمبيت، في مركز الشرطة لحمايتهم أمنيًا.
وأوضح محامي "فتاة فرشوط"، أن وزارة التضامن تدخلت على الفور لإنقاذ الفتاة، ونقلها إلى مكان غير معلوم لحمايتها، والإبعاد بها عن أي أذى.
ومن مركز شرطة نجع حمادي، إلى مكان غير معلوم تابع لوزارة التضامن الاجتماعي، كان آخر ظهور لـ"فرحة"، إذ انتقلت برفقة والدتها وخالها إلى إحدى دور رعاية "التضامن".
مازالت تمكث "فرحة" في الدار، وهو مكان غير معلوم عنوانه بالنسبة إليها، تشعر بقسط من الأمان محيطة بعدد من المشرفين والأخصائيين النفسيين لمساعدتها على تجاوز محنتها: "أنا كويسة ولسه قاعدة في الدار"، بحسب حديثها لـ"الوطن".
أيام مرت على "فرحة" داخل الدار تشابهت تفاصيلها: "مفيش حاجة معينة بعملها.. ممكن أقرأ الكتب أو أصلي.. والناس هنا كويسين ومحترمين معايا"، وعلى مدار اليوم، تستقبل "فتاة فرشوط" المشرفين النفسيين لمعرفة حالتها النفسية: "بنتكلم عادي.. ممكن يسألوني إيه اللي بيضايقك".
أصبحت والدة "فرحة" هي رفيقتها الدائمة، خاصة بعدما عاد خالها إلى منزله وأسرته في نجع حمادي: "أمي اللي قاعدة معايا دلوقتي"، ورغم تدخل الجهات المسؤولة لحماية "فتاة فرشوط" من غضب أهالي المتهمين لكنها تعاني من بعض القلق، فالتهديدات مازالت مستمرة: "أنا مشيت من بلدي بسبب اللي عملوه.. وعرفت ان أهلي لقوا شبابيك وأبواب بيتنا مكسورة".
