رئيس مجلس الادارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

رئيس مجلس الإدارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

علاقات و مجتمع

حكاية نبوية موسى أول فتاة مصرية تحصل على شهادة الثانوية العامة

كتب: غادة شعبان -

11:53 ص | الثلاثاء 04 أغسطس 2020

نبوية موسى

واحدة من رائدات التعليم والعمل الاجتماعي خلال النصف الأول من القرن العشرين، وأول فتاة مصرية تحصل على شهادة البكالوريا "الثانوية العامة"، تمردت على حجاب الرأس ورفضت أن تغطي به وجهها وشعرها رغم التزامها بالزي المتحفظ طيلة حياتها، هي الكاتبة والمفكرة والأديبة نبوية موسى.

مشوار كبير مليء بالتحدي والإصرار والصعوبات خاضته نبوية موسى، فلم يكن الأمر باليسير إذ عارضتها أسرتها في الثالثة عشرة من عمرها حينما تطلعت لاستكمال تعليمها، مرددين عبارات كانت بمثابة الصدمة لها، منها: "عيب، مش أصول بنات العائلات، سفور وقلة حياء، البنت للغزل مش للخط".

ويُقدم "هُن"، خلال السطور التالية مشوار نبوية موسى من محاربة العقول التي تحقر من شأن المرأة حتى إثبات أنها قادرة على الصمود، وأصبحت أول فتاة مصرية تحصل على شهادة البكالوريا وأول ناظرة مصرية لمدرسة ابتدائية.

ميلادها ونشأتها

داخل قرية كفر الحكما بندر الزقازيق، بمحافظة الشرقية، ولدت نبوية موسى، في 17 ديسمبر 1886، فكان والدها ضابطًا بالجيش المصري برتبة يوزباشي، وكان يمتلك في بلدته بمديرية القليوبية منزلًا ريفيًا كبيرًا وبضعة فدادين يؤجرها حين يعود لمقر عمله. 

عاشت نبوية ووالدتها وشقيقها محمد موسى، الذي يكبرها بعشر سنوات، في القاهرة، لوجود أخيها بالمدرسة، واعتمدت الأسرة على معاش الأب وما تركه من أطيان، وفي طفولتها ساعدها شقيقها على تعلم القراءة والكتابة في المنزل، معارضة أسرتها.

علمت نبوية نفسها مبادئ الحساب، وعلمها أخوها اللغة الإنجليزية، وحينما بلغت الثالثة عشرة من عمرها تطلعت لاستكمال تعليمها، فلم تجد أي مساندة من عائلتها عند اتخاذها هذا القرار، قررت نبوية الاعتماد على ذاتها إذ تحفت في ملابس خادمة ثم تقمصت دور أم تسأل عن تعليم ابنتها فقالوا لها أنه يجب تقديم طلب موقع بختم ولي الأمر حيث سرقت ختم والدتها، وكما تقول في كتابها"تاريخي بقلمي" لتقدم هي لنفسها بدلاً من ولية أمرها.

باعت نبوية سوارًا من الذهب حتى تحمل المدرسة على قبول طلبها الذي جعلته بمصروفات، فحصلت في النهاية على دبلوم المعلمات عام 1908، بعد أن قضت سنتين تحت التمرين في التدريس وثبتت في وظيفتها كمعلمة، وفي هذه الفترة بدأت تكتب المقالات الصحفية وتنشرها في بعض الصحف، مثل "مصر الفتاة" و"الجريدة".

التحاقها بالمدرسة السنية وحصولها على شهادة البكالوريا

التحقت "نبوية موسى" بالقسم الخارجي للمدرسة السنية عام 1901 بالقاهرة، وحصلت على الشهادة الابتدائية سنة 1903، ثم التحقت بقسم المعلمات السنية، وأتمت دراستها في 1906، وعُينت معلمة بمدرسة عباس الأول الابتدائية للبنات بالقاهرة، ولما كان مرتب المعلمة الحاصلة علي دبلوم المعلمات السنية ستة جنيهات مصرية في الوقت الذي يعين فيه خريج المعلمين العليا من الرجال بمرتب 12 جنيهاً، احتجت لدى المعارف فأجابتها بأن سبب التفرقة هو أن متخرجي المعلمين العليا حاصلون على شهادة البكالوريا"الثانوية العامة".

عقدت نبوية العزم على أن تحصل عليها واستعدت لها بمجهود ذاتي فلم يكن في مصر آنذاك مدارس ثانوية للبنات وتقدمت لهذا الامتحان متحدية مستشار التعليم الإنجليزي دانلوب، فأثارت ضجة في وزارة المعارف باعتبارها أول فتاة في مصر تجرؤ على التقدم لهذه الشهادة. وفي نهاية المطاف، نجحت نبوية في الامتحان وحصلت علي شهادة البكالوريا عام 1907 فكان لنجاحها ضجة كبرى، ثم حصلت على دبلوم المعلمات عام 1908.

كانت المساواة شعار نبوية موسى، فلم تقبل أن تأخذ المرأة نصف راتب الرجل، فقررت دخول معركة البكالوريا -الشهادة الجامعية- لتتساوى مع خريجى المعلمين العليا، ولذلك أنشأت الحكومة لجنة خاصة لامتحانها ونجحت في النهاية.

تمردت نبوية على حجاب الرأس ورفضت أن تغطي به وجهها وشعرها رغم التزامها بالزي المتحفظ طيلة حياتها، وبررت ذلك بأن المرأة لن تتمكن من القيام بأعمال نافعة إذا كانت تحت ضغط الحجاب، واعتبرت نفسها من أنصار "السفور"، وعني به وقتها كشف المرأة وجهها، لكنها خشيت أن تتكلم فيه أو تدعو إليه أو تعلن أنها من أنصاره.

رفضت الزواج من أجل العلم

رفضت موسى الزواج، الأمر الذي جعلها راهبة للعلم، ولخدمة قضيته التي آمنت بها منذ الصغر، فكتبت عن الزواج تقول: "أنا أكرهه وأعتبره قذارة، وقد صمّمتُ أن لا ألوث نفسي بتلك القذارة"، موضحة أنها انصرفت عن الزواج بتاتًا، وزادت قناعتها وإيمانها الشديد بتلك الفكرة، حينما رأت رجلًا يتشاجر مع امرأة في الطريق ويقول لها: "امرأة مثلك أقضي في جوفها حاجتي"، وقالت: "كرهتُ أنْ يقف منها رجل ذلك الموقف القذر المُريع، لهذا كنتُ أكره أنْ أسمع عن الزواج في شبابي"، وحينما تقدم بها العمر، فقد أصبح كوصمة ظلت مرافقة لها أينما ذهبت. 

"بعبع أفندي"

أطلق عليها تلميذاتها لقب "بعبع أفندي"،  لما كانت تبدو عليه، فكانت مشيتها  تشبه مس"هيمر"، الناظرة الإنجليزية، وكانت ترتدي ثوب أشبه بـ"التايير" أسود اللون، وجوربًا أسود، وتيربون أسود، وعيناها سوداوان مملوءتان سوادًا، كما وصفتها الطالبات.

فذكرت الكاتبة الدكتورة نوال السعداوي في مذكراتها "أوراق حياتي" عن معلمتها التي كانت هي تلميذة في مدرستها قائلةً: "كانت تفرض علينا نحن التلميذات ارتداء هذا السواد من قمة رؤوسنا حتى أخمص القدمين، مطّت خالتي هانم شفتيها، نبوية موسى لازم عانس زي طنط فهيمة وعاوزة كل البنات يبقوا عوانس زيّها".

من إدارة المدارس حتى انشاء مجلة الفتاة

إلى جانب إدارتها للمدارس قامت نبوية موسى بإنشاء مطبعة ومجلة أسبوعية نسائية باسم الفتاة، كما شاركت في كثير من المؤتمرات التربوية، ولها بعض المؤلفات الدراسية التي قررتها وزارة المعارف، وكان لنبوية موسى نشاط اجتماعي كبير من خلال الجمعيات والمؤتمرات النسائية على المستويين المحلي والعالمي. وأيضًا قامت بتأليف رواية تاريخية باسم "توب حتب" أو "الفضيلة المضطهدة"، ونشرت أيضًا في هذه الفترة ديوانها الشعري، وقد عرضت حياتها كاملة في كتاب "تاريخي بقلمي".

ومن ضمن الأسباب التي تجعل كتاب "تاريخي بقلمي" جديرًا بالقراءة أيضًا هو أن ملتقى المرأة والذاكرة، الذي قام بنشر هذا الكتاب، قد واجه صعوبات كثيرة في تقديمه للناس، فهو لم يتوفر في المكتبات الأكاديمية اللهم إلا "متحف التعليم في معهد البحوث والدراسات التربوية".

شاركت موسى في تأسيس الاتحاد النسائي المصري والعديد من الجمعيات النسوية.