كتب: هبة حسنين -
02:35 ص | الإثنين 16 مارس 2020
بين الملفات المرتبة بعناية في خزانة دار روضة الحبيب للرعاية الإنسانية، التي تؤوي السيدات المشردات داخل شقة في بولاق الدكرور، والتي تحوى البيانات الخاصة بالنزيلات وأماكن العثور عليهن ومحاضر استلامهن وتقاريرهن الطبية، برز ملف مدون عليه اسم رشا حسين صادق، يحوي معلومات مهمة عن نزيلة بالدار، جاءتها عن طريق وحدة الإنقاذ السريع وأقامت فيها شهراً واحداً وبعده حدث ما لم يتوقعه أحد، ليكشف هذا الملف عن قصة أشبه بالقصص الدرامية التي تنضح في خيال المؤلفين.
الاسم: "رشا حسين صادق"، السن: 45 عاماً، الحالة: مشردة عُثر عليها في شارع رمسيس بوسط البلد، لا تعاني من أي أمراض ظاهرية، وفور دخولها الدار تَجَهز فريق الإنقاذ لإتمام مراسم الاستقبال من تحميم وتلبيس وتهذيب شعر وقص أظافر، ثم مرحلة تعديل السلوك التي تستغرق وقتاً أطول.
تحكي سامية عبدالحفيظ، مديرة الدار، أن "رشا" فى البداية كانت تبدو طبيعية أكثر من السيدات الأخريات، هادئة، شحيحة الكلام، لا تفتعل الشجار مع أحد، وكانت دائماً ما تدين بالفضل لمسؤولة الدار عندما يهاجمها أحد بقولها: "كتر خيرها اللى لمانا من الشارع".
أيام معدودات وتبدل حال "رشا"، هدوؤها تحول إلى عصبية، كلامها القليل أصبح ثرثرة، ودفاعها عن الدار صار سباً وقذفاً في حق النزيلات، لم تكتف بذلك بل كانت تقف في شرفة الدار وترهب الأطفال فى الشارع بالنظر إليهم بعينين جاحظتين وهي تشير بعلامة الذبح.
ساد القلق والتوتر أرجاء الدار، انكمشت السيدات وتوقفت الفعاليات من حفلات وأنشطة وغيرهما لحين عرض "رشا" على طبيب نفسي، والذى أثبت بعد الكشف والفحص والجلسات أنها تعاني من انفصام في الشخصية وأن وجودها في الدار أصبح خطراً على النزيلات.
كان لزاماً أن تغادر الدار وترقد فى مستشفى الصحة النفسية بالخانكة لتلقى العلاج على أن تعود بعد التعافي: "لما ظهرت عليها أعراض غريبة، اتصلت بأختها واستفسرت منها عن حالتها النفسية وبعدها عرضتها على طبيب نفسي ومخ وأعصاب، وبعد ما كشفوا مرضها النفسى دفعت لها اشتراك شهر في مستشفى الخانكة ولو بقت كويسة هرجعها حسب تعليمات الأطباء".