رئيس مجلس الادارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

رئيس مجلس الإدارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

علاقات و مجتمع

وردة وبليغ.. قصة حب قوية كالموت

كتب: روان مسعد -

09:13 ص | السبت 11 يناير 2020

وردة وبليغ حمدي

أخذت وردة حلاوة الحب كله، في يوم وليلة مع حبيبها بليغ حمدي، بل وزادت الأمر إلى أنها دوبت عمر الحب كله، لتشكل معه واحدة من أقوى قصص الحب التي عرفها الوسط الفني، فهما معروفان بالحبيبان أكثر منهما زوجان، تعبر عنهما "نسيت الدنيا وجريت عليه، سبقني هو وفتح إيديه"، من أول "لحن" و"لمسة إيد"، كان الثنائي قد وقعا في شباك الحب.. الذي اكتمل بكل المراحل من الشغف والفراق والزواج حتى الموت.

جمعتهما أغنية

قبل أن تراه سمعته، ألحانه شدتها إليه بقوة، حتى قررت أن تلتقي به، يجب أن تعرف ذلك الملحن العبقري الذي وضع لمساته على أغنية عبدالحليم حافظ "تخونوه"، بدأ الحب منذ كانت في قاعة السينما تشاهد فيلم "الوسادة الخالية"، وتستمع إلى "تخونوه"، وردة تلك الشابة التي نشأت في فرنسا أتت إلى مصر وكان ضمن خططها أن تلتقي به، واستطاعت ذلك بالفعل، وكان اللقاء الأول بينهما بمثابة إعلان قصة حب قوية كتلك الموسيقى التي يألفاها يتغنيان بها، وتسكن وجدانهما.

يقول بليغ عن اللقاء الأول بحسب وجدي الحكيم، الذي كان شاهدا كذلك على تلك القصة "أنا عمري في حياتي ما اهتززت لعاطفة امرأة إلا لما شوفت وردة أول مرة وأنا بسلم عليها"، وكان هذا اللقاء ليسمعها لحنا ألفه خصيصا لها، اللهفة كانت حاضرة وشرارة الحب كذلك قبل العمل.

وتكررت اللقاءات بينهما بعد تسجيلهما أغنية "أحبك فوق ما تتصور"، هنا بدأت قصة حبهما، ولاح الحديث عن الزواج في الأفق، حتى قرر بليغ أن يتقدم لخطبة وردة من عائلتها الجزائرية التي انتقلت للعيش في مصر.

فرقهما الأهل

استمرت قصة حب وردة وبليغ قبل أن يتقدم لخطبتها، وشهدت تلك الأيام أجمل ما جمعهما حتى جاء الوقت الذي يجب فيه أن يزور أهلها وفقا للعادات والتقاليد المتبعة في الوطن العربي، ولكن حدث ما لم يكن متوقعا، صحب بليغ معه مجدي العمروسي ووجدي الحكيم، ورُفض حتى قبل دخول البيت، فقد منعه والدها من تخطي عتبة منزلهما، وأبعده بعصا غرزها في بطنه من دخول المنزل قائلا "لا تدخل"، وكانت حجة الأهل أن ابنتهم لن تتزوج من الوسط الفني.

الموقف وصفه الناقد طارق الشناوي بأنه "غريب"، فكيف لأسرة تعمل ابنتهم في الوسط الفني أن يمنعوا زواجها من ملحن من المجال نفسه، فحينها قال أخيها عندما تقدم بليغ لخطبة وردة "لا تعد إلى هنا ثانية، أختي لن تبقى بمصر ولن تتزوج من الوسط الفني"، أحبط بليغ، واستمرت قصة الحب رغم ذلك، وكان الثنائي يلتقيان يوميا في سهرات فنية للعمل، خاصة أن بينهما أصدقاء مشتركين كثر، وكانت حينها تعود وردة إلى بيتها متسللة إلى شرفتها في الدور الأول كي لا يشك أحدًا فيها.

فراق 10 سنوات

رغم حرص الثنائي على جعل قصة حبهما في طي الكتمان، علم شقيقها مسعود بتلك العلاقة، ولكنه لم يخبر أسرتها خشية افتضاح أمرها والإكثار من الأقاويل والمشاكل، لذا قررت أسرتها أن تغادر مصر إلى الجزائر كي تقتل تلك القصة، وذهبت معهم وردة بالفعل إلى الجزائر وكانت هي أولى زياراتها لبلدها الأم عام 1962.

كان وجدي الحكيم وبليغ حمدي معها لتوديعها في المطار قبل المغادرة للجزائر، فأصرت الأسرة على أن تتزوج وردة في الجزائر، وهو ما حدث بالفعل، فقد تزوجت من ضابط جزائري وأنجبت منه وداد ورياض وابتعدت تماما عن الفن.

فترة غياب وردة لم ينساها بليغ مطلقا، ولكنها فتحت له كذلك مجالًا للزواج، وأعلن زواجه فجأة من فتاة قابلها في المعمورة، وقال عنها "آمال وينادونها أمنية طحيمر"، وأقيم حفل زفاف بسيط بحضور خالة العروس التي قالت إن الزيجة لن تستمر، وبالفعل حدث الانفصال بعد شهرين فقط، وكانت الأقاوبل تدور عن محاولته نسيان وردة دون جدوى. 

خلال تلك الفترة حاول بليغ أن يتقرب لأكثر من فتاة، بينهن سامية جمال وإش إش ابنة محمد عبدالوهاب، إلا أنه لم يجرؤ على أخذ خطوة الزواج مرة أخرى خوفا من الفشل، وكان ينخرط مع عبدالحيم في العمل وسافر معه إلى أكثر من بلد، لكنه لم يكن يعلم أن القدر يخبئ له لقاء آخر مع حبيبته وردة.

عادا بأغنية

"العيون السود"، لم يستطع بليغ حمدي أن يصمت عن ترديدها عندما دعته ورده مع لبلبة ووجدي الحكيم وعدد من الفنانين إلى الجزائر بمناسبة عيد الاستقلال كان ذلك في سنة 1972، حكت عينيه ما يمتلئ به من قلبه واشتياقه.

وعملت إيه فينا السنين عملت إيه..

فرقتنا لا.. غيرتنا لا..

ولا ذوبت فينا الحنين السنين..

لا الزمان.. ولا المكان..

قدروا يخلوا حبنا.. ده يبقى كان..

تبادلا النظرات وشعر الثنائي بالحرج، وردة سيدة متزوجة وهو لا ينفك يغني لها تلك الأغنية التي ألفها لنجاة الصغيرة ولكنه نسي وغناها أمام وردة فغنتها فيما بعد، لذا حاول الشاعر محمد حمزة تهدئة الموقف، قائلا "بليغ يعبّر عن رغبتنا جميعا في عودتك لجمهورك".

وبعد أقل من شهر كانت وردة قد أخذت قرارها، تم طلاقها، وعادت إلى مصر في أغسطس عام 1972، مع طفليها وداد ورياض، وكان حبها بليغ حمدي ينتظرها في المطار، وقدّمت من بعدها حفل العودة وغنت أغنية "العيون السود".

6 سنوات زواج

انشغل بليغ حينا في ألحانه وأعماله الفنية، إلا أنهما تزوجا وطول 6 سنوات كانت معظم أغنيات وردة من تلحين بليغ حمدي، ظهرا معا في برنامج بليغ حمدي "جديد في جديد" عام 1978 ليتحدثان عن اللقاء والحب، إلا أن بليغ لم يستطع أن يلتزم بالزواج فكان يوقظها مساء كي يسمعها ألحان وأفكار ثم يختفي في الصباح ويسافر دون أن يقول لها أي شيء.

فرقهما الفن

انشغال بليغ بألحانه وأعماله كان السبب الرئيسي وراء انفصال الثنائي، يبلغها برغبته في الإنجاب ثم ينساها، يتحدث معها عن أعماله ويسافر لشهور دون أن يقول لها مكانه قالت وردة عن تلك الفترة "الوضع لا يمكن أن يستمر هكذا"، يعدها بالتغيير ولكنه لا يستطيع الوفاء بوعوده، ثم يطلب منها إجازة زوجية لتهدئة الأوضاع بينهما ويترك بليغ المنزل وتفشل كل الوساطات الفنية كي يعودا.

ندم ما بعد الانفصال

حاول بليغ في فترة الابتعاد والانفصال أن يصالح وردة عن طريق المعارف والأصدقاء ولكنها لم تكن تحن له، وتقول له دوما حججا بأنها كانت مشغولة بأعمالها أو أغنياتها وفنها لذا لم تجب عليه، كان يذهب إليها في المسرح خلال حفلاتها حاملا باقة من الزهور علها تحن ولكنها كانت ترفض كل تلك المحاولات.

رغم ذلك وبعد فترة من البعد قالت وردة إنها عندما تابعت أسلوب حياة بليغ حمدي بينما هي بعيدة عنه عرفت أنها لم يكن عليها أن تنفصل عنه وندمت على هذا القرار بحسب رواية وجدي الحكيم.

أغنية الوداع

كالعادة الأغنيات هي محطات فاصلة في قصة حب وردة وبليغ، تحكي عنها وتوثقها، قرر بليغ حمدي بعدما أصيب بمرض مميت في الكبد وكان في باريس للعلاج أن يؤلف أغنية "بودعك" فقد كانت حبيبته وردة هي بطلة أفكاره في هذا الوقت، هاتفها تليفونيا ليخبرها بكلمات الأغنية دون مرضه، ولكنها عرفت من أحد الأصدقاء بحالته، وقررت أن تلبي له رغبته وتغني الأغنية التي كانت بمثابة وداع حقيقي بينهما.

بودعك وبودع الدنيا معك..

جرحتني قتلتني..

غفرت لك قسوتك..

بودعك من غير سلام..

ولا ملام ولا كلمة مني تجرحك..

أنا.. أنا.. أنا اجرحك

بسم الآلام ارحل قوام..

حبي الكبير هيحرسك في سكتك..

ويغيب الموت بليغ حمدي في سبتمبر 1993 عن عُمر 62 عامًا.