كتب: ندى سمير -
02:10 م | السبت 10 أغسطس 2019
أثر الكلمات على الفتيات لا يغفل، فالكلمات مفعولها كالسحر، سواء إيجابيا أو سلبيا، كلمة من شأنها أن تجعل الفتاة سعيدة، محققة أحلامها، تشجعها، وتجعل منها شخصًا جديدًا محبًا للحياة ومقبل عليها، ويمكن لكلمة أخرى أن تفقدها شغفها، وتكسر فرحتها، وحبها للحياة وحتى وتقديرها لنفسها، وفيما يلي قصص لبعض الفتيات اللاتي تأثرن بشدة بما سمعن من المحيطين بهن، فكانت الكلمة نقطة تحول في حياتهن.
هند (اسم مستعار)، 21 سنة، واجهت انتقادات عدة عندما أخبرت عائلتها برغبتها في التحويل من كليتها إلى كلية أخرى، حكموا عليها بالفشل من قبل أن يعطوها الفرصة لتجرب، ولكنها لم تنصت لهم، وأقبلت على كليتها الجديدة وبالفعل نجحت فيها نجاحًا مبهرًا.
في هذا الوقت، بدأت "هند" تتلقى الدعم من عائلتها كلها، إلا شخص بعينه، ظل ثابت على رأيه، يكاد يجزم أنها ستفشل ولو بعد حين، بعد نجاحها في السنة الأولى لاحظت غضبه وعدم رضاه عن الأمر، ومرت الأيام ونجحت بتفوق في سنتها التالية، وعندما أخبرته سمعت منه جملة لا يمكن أن تنساها ما حيت: "سمعته بيقول مسيرها هتقع، مسيرها هتسقط في سنة من السنين"، لم تؤثر الكلمة عليها بشكل سلبي، ولكنها دفعتها للنجاح دفعًا، أجبرتها على إثبات ذاتها أمامه، حتى لا تعطيه الفرصة ليشمت بها في يوم من الأيام.
"اتقالي لو كنا بناخد بالشكل مكناش صاحبناكي" هذا ما سمعته سلسبيل أحمد، صاحبة الـ18 عاما، من إحدى صديقاتها المقربين، شعرت بالصدمة لوهلة، سألت نفسها أقالت صديقتي لي هذا بالفعل؟ أم إنني لم أسمع جيدًا؟، منعت نفسها من البكاء ولكن ملامح الاستياء ما سمعته ظهرت على وجهها، وعندها بررت صديقتها لها الأمر بأنه كان مجرد "مزاح"، ولكن هذه الجملة استقرت في نفسها حتى وقتنا هذا ولم تستطع تجاوزها بعد.
أما عن سلمى علاء، البالغة من العمر 21 سنة، والتي كانت تواجه مشكلة مع أحد أصدقائها، وقررت أن تنهي علاقتها به تمامًا، ولكن شخصًا آخر تدخل للصلح بينهم، وعندما أخبرته بأنها لا تنوي الصلح قال لها: "لو فضلتي تعملي كدا في الآخر هتبقى لوحدك معاكيش حد"، سمعت هذه الجملة ولم تعقب، ولكنها شعرت بالخوف والحزن ما قيل لها.
أثرت هذه الجملة على "سلمى" تأثيرًا سلبيًا، حيث باتت خائفة دائمًا من أن يتحقق ما قاله هذا الشخص وأن تكمل حياتها بمفردها، وحيدة لا يعبأ بها أحد، ولا يكترث لوجودها من عدمه أحد.
كما جعلتها هذه الجملة تتغافل عن الكثير من التجاوزات لإبقاء الود بينها وبين من حولها، أي أنها لم تعد تدقق فيما يقولون أو ما يفعلون حتى لا تضطر أن تخسرهم فتصبح وحيدة في يوم من الأيام: "بقيت أعدي حاجات كتير وباجي على نفسي كتير عشان بس أتحاشى أني أكون لوحدي زي ما اتقالي".
لكن الأمر لم يدم طويلًا، حيث استطاعت أن تسيطر على الوضع وأصبحت لا تعبأ بخسارة أي شخص في حياتها يؤثر عليها تأثيرًا سلبيًا أو يؤذيها بالفعل، ومع هذا ظلت مستقرة الجملة في قرارة نفسها، لم تقدر على نسيانها مهما حاولت.
"يا بنتي روحي انتحري بقى وريحينا" هذا ما سمعته سلمى سرور، الفتاة العشرينية، من إحدى أفراد أسرتها الذي قال لها هذه الجملة في لحظة غضب.
لم تمر هذه الجملة على "سرور" مرور الكرام، ولكنها حطمت معنوياتها، أحزنتها، وجعلتها تفكر في إيذاء نفسها، حيث أقدمت على هذا بالفعل وجرحت يديها بآلة حادة: "قلت لنفسي ساعتها ياريتني ماكنت عايشة أو موجودة أصلًا في الدنيا دي".
أما عن نورهان صلاح، التي تبلغ من العمر 18 سنة، والتي قيل لها سابقًا: "أنت فاكرة وأنت وحشة كده حد هيبصلك أو هيفكر فيكي؟" من شخص مجهول الهوية على موقع "صراحة"، في هذه الفترة كانت تتعرض للكثير من التنمر وتسمع الكثير من التعليقات السلبية، ولكن لم يؤثر فيها أي تعليق آخر كما أثر فيها هذا.
بسبب هذه الجملة فكرت "نورا" مرارًا وتكرارًا في الانتحار، كما آمنت بأنها قبيحة بالفعل، لا تستحق السعادة ولا تستحق أن يحدث لها أشياء جيدة: "كنت بسأل نفسي كل يوم انت عايشة ليه؟ ما تموتي أحسن".
ولكن عندما انتبهت لنفسها وجدت أنها تستطيع أن تجعل هذه الفترة نقطة بداية لا نهاية، فعملت على تطوير نفسها، اهتمت أكثر بمظهرها الخارجي كما اهتمت لتطوير جوهرها، وبالفعل أصبحت شخصًا أفضل، وبشهادة كل من حولها، ولكن مع ذلك لم تستطع "نورا" أن تنسى ما شعرت به بسبب هذه الجملة.
"اتقالي قبل كدا في معرض من معارض رسالة إنت لو تعرفي عيالي بيتبسطوا إزاي بالهدوم اللي بجيبهالهم منكوا مش هتبطلوا تيجوا، إنتوا الوحيدين اللي حاسين بينا"، هذا التعليق سمعته يسرا سمير، صاحبة الـ18 عام، في أحد معارض الملابس التي تطوعت بها في جمعية رسالة للأعمال الخيرية.
ذكرت "يسر" في حديثها لـ"الوطن" أنها كانت تداوم على التطوع بنشاط "معارض" في جمعية رسالة الخيرية، ومع أن الفتور والكسل لطالما قيدوها وحاولوا منعها من الوصول لهدفها وهو إدخال السرور على قلوب المساكين، إلا أن كان لهذه الجملة مفعول السحر، فكانت تعد هي محفزها الأساسي، كلما شعرت بالملل من الأمر تذكرتها، وتذكرت حلاوة وقعها على أذنيها، لم تشعر في حياتها بشعور أجمل من هذا: "من ساعتها وأنا كل ما أكسل أفتكرها عشان أكمل اللي بدأته، وولا مرة فشلت في أنها تديني دفعة لقدام".
أما عن علياء علاء، 20 سنة، التي كانت تعاني من التوتر والأحباط وعدم الثقة بالنفس نظرًا لأنها كانت مقبلة على مرحلة جديدة في عملها، حيث كانت خائفة من فكرة الفشل التي لطالما راودتها، وعندما لاحظت أمها الاضطراب التي كانت تشعر به في هذه الفترة قالت لها: "انتي قوية، قدها وقد الأصعب منها كمان، وعمرك ما كنتي ضعيفة".
قلبت هذه الجملة كل الموازين، بثت في "علياء" الأمل، ودفعتها دفعًا للوصول لحلمها، باتت تتحدى نفسها وتخطت كل العقبات التي واجهتها وبالفعل تغلبت عليهم ووصلت للنجاح الذي لطالما كانت تحلم به.
سمعت نيرة صلاح، الفتاة العشرينية، ذات مرة جملة "أنا مش بطمن غير وإنتي موجودة" من أحد أصدقائها المقربين، شعرت وقتها ببهجة لم تشعر بها من قبل، جعلتها هذه الجملة تعيد حساباتها في أمور كثيرة، حيث بدأت تشعر وكأنها مسؤولة عن راحة وسعادة كل من حولها، دفعتها لفهمهم والتقرب منهم بشكل أكبر من ذي قبل، باتت تعتقد أنها مسؤولة عن توصيل نفس الشعور بالسعادة التي شعرت بها عندما قيل لها هذه الجملة لأي شخص يقابلها في الحياة: "بسبب الجملة دي فهمت أن من أحسن الحاجات اللي ممكن تعملها للناس اللي حواليك هي أنك تحسسهم بالأمان، فبقيت بسعى دايمًا أني أعمل ده، وكل ما كنت ببذل مجهود أكبر كل ما كانت سعادتي بتتضاعف".