رئيس مجلس الادارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

رئيس مجلس الإدارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

علاقات و مجتمع

بينها «محفظ قرآن» و«معلم أجيال».. صور نمطية لمهن مزقتها وقائع التحرش

كتب: إسراء جودة -

06:23 م | الخميس 28 فبراير 2019

بينها «محفظ قرآن» و«معلم أجيال».. صور نمطية لمهن مزقتها وقائع التحرش

مكانة سامية كثيرًا ما ارتبطت ببعض الفئات الوظيفية في المجتمع المصري، جعلت مزاوليها محل إعزاز وتقدير لدى الكثيرين، فمنهم «ملائكة الرحمة»، الذين يساهمون بأدوارهم في إنقاذ أرواح بمختلف المراحل العمرية ومنحهم فرص جديدة للحياة، و«معلمي الأجيال» الذين يرسمون بأيديهم ملامح مستقبل النشئ بالمشاركة في تربيتهم وتشكيل وعيهم بالقراءة والدراسة والإبحار في المعارف العامة والمتخصصة، لكن فئة من العاملين بتلك المجالات أساءوا إليها، بعدما سيطرت عليهم غرائزهم، وتخلوا عن إنسانيتهم المعهودة مرتدين «ثوب التحرش».

وقائع تحرش عدة تكررت خلال الأعوام القليلة الماضية، ساهمت في تغيير الصور النمطية المتوارثة عن طبيعة بعض العاملين بتلك المهن، وقار والتزام ديني اقترنا بمحفظي القرآن ورجال الدين طوال الأعوام الماضية، دفع الكثير من الأهالي للثقة بهم والاطمئنان على أبنائهم برفقتهم، لكنّ أخَّل بعضهم بتلك الصورة، وآخرهم أحد محفظي القرآن بمنطقة الشروق.

وأصدرت محكمة جنايات القاهرة، المنعقدة بالعباسية، حكمًا بالسجن المشدد لمدة 3 أعوام على محفظ قرآن يدعى «جابر.ع.ع»، لإدانته بتهمة هتك عرض مراهقة تُدعى «فرح»، لم تبلغ من العمر 18 عامًا، بعدما استطالت يده إلى أماكن عفتها غير مبالٍ بمقاومتها وحداثة سنها، مستغلًا سلطته عليها حال كونه معلمًا ومحفظًا للقرآن لها.

ولم تكن تلك الواقعة هي الأولى من نوعها بين العاملين في تحفيظ القرآن الكريم وغيرها من المهن التي يحتفظ العاملون بها بصور نمطية سامية، إذ عادت إحدى الوقائع لشهر أكتوبر الماضي، عندما تم الإبلاغ عن واقعة تحرش جنسي من قبل «ممرض» يبلغ من العمر 23 عامًا، ويدعى «عبدالرحمن.م»، بمريضة تحت تأثير المخدر بغرفة العناية المركزة في مستشفى الدمرداش، بعد إجرائها عملية «زائدة دودية».

من جانبها، اتخذت الأسرة الإجراءات القانونية اللازمة لضمان حق ابنتهن، البالغة من العمر 18 عامًا، وحرروا محضرًا بالواقعة في نقطة الشرطة الموجودة بالمستشفى، الأحد الماضي، وبعدها تم استدعاء المتهم إلى قسم شرطة الوايلي، وأرسلت قوة شرطية إلى مستشفى الدمرداش لأخذ أقوال المجني عليها، وأُحيل المتهم إلى النيابة، وفقًا لما أعلنه مركز "تدوين" لدراسات النوع الاجتماعي.

وكما جاءت واقعة أخرى في المجال الطبي لعام 2015، حينما شعرت مريضة بآلام شديدة في البطن، فتوجهت بصحبة زوجها على الفور إلى الطبيب "أيمن. ع"، وبينما يجري الكشف المعتاد لها، ظل زوجها يراقبه من خلف الستار للاطمئنان على زوجته، لكنه فوجئ بيد الطبيب تتحرش بزوجته أمام عينيه، ونشبت مشادة كلامية بينهما انتهت بالذهاب معه إلى القسم.

الحادثة أثارت حفيظة مستشفى السويس العام محل الواقعة، ما تسبب في تحرير عدد من الأطباء والممرضين والمرضى مذكرة للشكوى من الطبيب ذاته بسبب تحرشه بالمرضى، وتوجهوا بها إلى النيابة الإدارية لمحاسبة الطبيب المنتدب من إحدى مستشفيات الحميات؛ لسد العجز بمستشفى السويس العام. 

صرخات استغاثة أطلقتها مريضة تبلغ من العمر 25 عامًا، بعيادة خاصة لطبيب عظام في مدينة طنطا، أنقذتها من تحرش الطبيب، الذي قالت إنه لامس أجزاء من جسدها عقب إنهاء الكشف الطبي عليها، ليتدخل المرضى المتواجدين بالعيادة ومرافقيهم لإنقاذها وإبلاغ الشرطة، رغم عروض الطبيب لإنهاء الأزمة حتى لا يفتضح أمره، حسبما أوضحت الفتاة "أ. ح" في بلاغها.

ورفض الطبيب الإدلاء بأقواله في محضر القسم، وانتظار العرض على النيابة، وتحرر محضرًا برقم 13066 إداري أول طنطا، وأخطر اللواء أسامة بدير مدير أمن الغربية بالواقعة.

«قم للمعلم وفِّه التبجيلا.. كاد المعلم أن يكون رسولا»، بيت امتدح فيه أمير الشعراء أحمد شوقي، المعلمين منذ قرن من الزمان، ساهمت عدد من وقائع التحرش بالأعوام الأخيرة في التشكيك بصحة مضمونه، كانت أحدثهم في سبتمبر الماضي حينما أوقفت النيابة الإدارية بمركز ملوي في محافظة المنيا، أحد المعلمين بمدرسة ابتدائية تابعة لإدارة ملوي التعليمية، عن العمل واستبعدته نهائيًا عن أي أعمال تربوية بكافة المراحل التعليمية، بعد أن أثبتت التحقيقات ارتكابه جرائم التحرش الجنسي والانتهاك الجسدي والتعدي بالضرب والإهانة بالألفاظ النابية على عدد من التلاميذ.

وكانت النيابة الإدارية بملوي تلقت بلاغًا من مديرية التربية والتعليم بالمنيا، بشأن شكوى ولي أمر إحدى التلميذات بالصف الرابع الابتدائي، ضد مدرس رياضيات بالمدرسة، لقيامه بالتحرش الجنسي بنجلته والتعدي على عدد من التلميذات بالألفاظ النابية والخادشة للحياء، وانتهت التحقيقات برئاسة المستشار ناصر إبراهيم، نائب رئيس الهيئة، بقرارها المتقدم لثبوت قيام المتهم بالتحرش الجنسى بأشكال وطرق مختلفة بعدد من طالبات الصف الرابع الابتدائى، وإجبارهن على القيام بـ"حركات غير أخلاقية".

لم يقف الأمر عند بعض المعلمين بالمدارس، إذ كشفت النيابة العامة عن اتهام أستاذ جامعي بالتحرش بسيدة داخل أتوبيس نقل عام على خط "أكتوبر- الجيزة"، في سبتمبر الماضي أيضًا، وأفادت صاحبة البلاغ أن المتهم لم يتحرش لفظيًا فقط بها، بل حاول ملامسة بعض المناطق الحساسة بالجسد، مستغلًا حالة الزحام داخل الحافلة، وهو ما نفاه المتهم مدعيًا كذب روايتها، وقررت النيابة حبسه على ذمة التحقيقات.

من جانبه، أوضح الدكتور محمد هاني استشاري الصحة النفسية، أن المسميات والصور النمطية المأخوذة عن بعض المهن في غاية الخطورة، إذ تنطوي كافة الفئات على بعض «أصحاب النفوس الضعيفة»، الذين تسيطر عليهم عشوائية التفكير وتحكمهم الغرائز والشهوات الجنسية.

وأكد "هاني"، أن المتحرشين من تلك الفئات غير مستقرين نفسيًا، ويجهلوا التوابع النفسية والجسدية التي يمكن أن تلحق بضحاياهم من الصغار والكبار، مشيرًا إلى أن العقوبات القانونية الصارمة بحقهم ستكون رادعًا لغيرهم من «ضعاف الأنفس».