رئيس مجلس الادارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

رئيس مجلس الإدارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

علاقات و مجتمع

ضحايا "المرض اللعين" لـ"الداعمين": بدونهم.. لن نصمد

كتب: آية المليجى -

12:35 م | الجمعة 19 أكتوبر 2018

ضحايا

أوجاع داهمت جسدها الضعيف، وجلسات داومت على حضورها بروح متعبة تحمل معها أعباء تساقط خصلات شعرها بغزارة كلما تحسست رأسها، ليزيد بداخلها الرعب والفزع من تحول ملامحها لوجه لا يشبهها، يشعرها ببشاعة مرض خبيث اعتراها كلما نظرت إلى المرآة، لكن يداً حانية ظلت تساندها وتسير معها خطوات رحلة قطعتها منذ أشهر، ربما كان لوجودها دافع قوى فى تحسن حالتها المعنوية، ما ساهم فى مواصلة علاجها من مرض سرطان الثدى.

فمنذ أشهر قليلة أدركت إيمان سامى، سيدة خمسينية، أنها تحمل أوراماً داخل ثديها، وانتابتها حالة من البكاء والانهيار، حاول زوجها تهدئتها وظل محتفظاً بنوعية الأورام «الخبيثة»، ولم يخبرها بشىء، لكن الدموع الحبيسة التى رأتها «إيمان» فى عينى زوجها، كانت كفيلة بمعرفة أنها مصابة بسرطان الثدى: «جوزى انهار فى المستشفى وفضل يعيط بصوت عالى».

اتخذت المريضة الخمسينية قرارها بإجراء عملية لاستئصال الورم، وسط دعم كبير تلقته من أسرتها، التى التفت حولها قبل دخول غرفة العمليات، بوجوه حزينة وتلاوة بعض آيات القرآن الكريم، خرجت «إيمان» من العمليات بعدما استأصلت الورم الخبيث محتفظة بثديها المصاب، لتجد زوجها ممسكاً بيديها ويقبلها «كان قاعد جنبى طول الوقت وماسك إيدى وبيشكر ربنا».

«زوجى أكتر شخص بيساندنى»، هكذا وصفت السيدة الخمسينية شريك حياتها، الذى يلقى بداخلها كلمات الصبر كلما تحسست ثديها المصاب، ما زالت «إيمان» فى رحلة علاجها، حيث حصلت على أولى جلسات الكيماوى، لتطلب من ابنتها مساعدتها فى قص شعرها قبل أن يوقعه «الكيماوى»، وهو ما رفضه زوجها قائلاً: «مش مهم أى حاجة، وكل حاجة بتمر».

أشياء كثيرة يحاول الزوج المسن فعلها لدعم زوجته، فهى شريكة عمره التى أنجب منها 5 أولاد، فيصر على اصطحابها خارج المنزل للترفيه عن نفسها، لكن الآلام التى تلحق بجسدها عقب جلسات الكيماوى تمنعها من ذلك: «دايماً بيطبطب عليا وواقف جنبى، ربنا يباركلى فيه وفى أولادى».

لم تعلم «ن. ع» أن الورم الذى ظهر بشكل مفاجئ فى ثديها هو بداية لانتشار أورام خبيثة، ليصبح استئصال الثدى الأيمن هو الخيار الوحيد، رحلة شاقة قطعتها المرأة الثلاثينية بروح منهكة، اكتشفت خلالها بأن الزوج كان الأقرب إليها من أسرتها التى تخلت عنها بسبب مشاكل نشبت بينهم وبين زوجها. ورغم الحادث الذى تعرض له زوجها خلال رمضان الماضى، الذى أفقده الحركة وجعله قعيد المنزل، لكنه ظل الشخص الذى يقف بجانبها، فاقترض المال بسبب ضيق ذات اليد رافضاً أن تُجرى العملية فى مستشفى حكومى.

لم يكن ذلك الموقف الوحيد الذى رأته المرأة الثلاثينية من زوجها، فمع تساقط شعرها بسبب جلسات الكيماوى أراد هو الآخر أن يزيل شعر رأسه ليشابهها، لكن الإصابة التى حدثت برأسه منعته من ذلك. ومع ذهاب المصابة الثلاثينية لجلسات الكيماوى برفقة صديقاتها، كانت تتلقى مكالمات هاتفية على فترات قصيرة من زوجها للاطمئنان عليها.

«بيهون عليا كل حاجة، ودايماً معايا»، هكذا وصفت مواقف زوجها، الذى يحاول التخفيف عنها كلما نظرت تجاه الجرح الذى خلفته عملية استئصال الثدى «مش هقدر أوفيه حقه على كل حاجة عملها معايا». «ورم فى الثدى الأيسر»، كانت نتيجة الفحوصات التى خضعت إليها آمال عثمان، حينما ذهبت لإجراء عملية الفتاق، تبدلت الأمور وازدادت تعقيداً حينما اتضح أنها أورام خبيثة ويلزم استئصال الثدى بالغدد الليمفاوية.

أجرت السيدة الخمسينية العملية واستأصلت ثديها الأيسر، لتبدأ جلسات الكيماوى المرحلة الأصعب التى واجهتها لكن وقوف شقيقتها وزوجها بجانبها كان عاملاً أساسياً فى التخفيف من حدة الكابوس المزعج الذى عاشته.

فحينما علمت شقيقة السيدة الخمسينية بالأمر، كان قرارها أن تمكث معها بمنزلها، لم تفارقها طيلة رحلتها، فكانت رفيقتها حينما خضعت لجلسات العلاج الكيماوى، ورغم حرارة الجو وتزامن هذه الجلسات مع شهر رمضان، لم تتخلَّ شقيقتها عنها «عمرها ما سابتنى لوحدى».

لم يكن زوج السيدة الخمسينية بعيداً عن هذه المشاهد، فكان دائماً ما يساندها بكلماته الحانية، ومواقفه التى لن تنساها فكثيراً ما ساعدها فى ارتداء ملابسها «كان بيوطى عشان يساعدنى ألبس الشراب، كان بيجبلى أى حاجة عاوزها».

وربما كانت مساندة زوج «آمال» وشقيقتها هى الداعم الأساسى فى مواصلة رحلة علاجها من مرض خبيث، لكنها ما زالت خائفة من عودته إليها مرة أخرى: «بقيت أخاف أحط إيدى على صدرى اليمين وخايفة يجيلى تانى».

لكن شعورها بالخوف لم يمنعها من مساندة باقى المريضات اللاتى قابلتهن أثناء علاجها «بقيت عاوزة أزور أى حد عنده المرض، عشان أشجعه وأقوله دا كابوس وهيعدى».