أسباب نفسية عدة ربما تدفع الآباء لاتباع هذه الأساليب الخاطئة فى تربية بناتهم، عدّدها الدكتور محمد هانى، استشارى الطب النفسى، فى تحليله لشخصية هؤلاء الآباء، وكان أولها ارتكاب الآباء لسلوكيات خاطئة فى فترة المراهقة، لينتابه شعور بالخوف على ابنته من تكرار هذه الأخطاء، فيعمل على تعنيفها،وتابع هانى لـ«الوطن»، أن هؤلاء الآباء ربما يعانون من اضطراب نفسى بسبب مشاكل تقابلهم فى العمل أو داخل الأسرة، تدفعهم لاتباع العنف كمنهج فى تربية بناتهم.

ومن الأسباب الأخرى التى تطرق إليها استشارى الطب النفسى، أن هؤلاء الآباء يرون أن هذه هى الطريقة الصحيحة فى تربية بناتهم باعتبارهم الآمر الناهى عليهن، ولا يحق لأحد التدخل فى تربيتهن.

أما رابع الأسباب التى طرحها هانى، فكانت اتباع الآباء للعادات والتقاليد المجتمعية فى تربية البنات، فمنهم من يرى أن منزل الزوجية هو المكان الطبيعى لابنته، ليحرمها من ممارسة حياتها بشكل طبيعى.

وأوضح استشارى الطب النفسى الآثار النفسية السيئة التى تقع على الفتيات من واقع المعاملة القاسية التى يتلقينها من آبائهن، حيث يشعرن بفقدان جزء كبير من حقوقهن، وغير مسموح لهن بممارسة حياة طبيعية مثل غيرهن من الفتيات، وربما تفكر بعضهن فى اتباع سلوكيات معينة تخلصهن مما هن فيه، مثل المحاولات المستمرة للهرب من المنزل، أو الإقبال على الانتحار لإنهاء حياتهن البائسة، بينما تحاول أخريات التخلص من الإذلال الأسرى عن طريق الاستقلال المادى والبحث عن فرصة عمل تمنحهن مصدر رزق.

ومن الناحية الدينية، ذكر الدكتور يسرى عزام، إمام وخطيب مسجد صلاح الدين بالقاهرة، أن اتباع العنف فى تربية الأبناء مخالف للشريعة الإسلامية، فضلاً عن أنه من مناهج الجاهلية قبل الإسلام، واستشهد «عزام» فى حديثه لـ«الوطن»، بالآيات القرآنية التى ذكرها الله فى كتابه الشريف مكرماً الفتاة، ومنها ما ورد فى سورة الشورى: «يَهَبُ لِمَن يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُ الذُّكُورَ»، وأيضاً معاملة رسول الله لابنته فاطمة، فكلما دخلت عليه كان يقبلها ويجلسها بجانبه، حتى لقبت بـ«أم أبيها».

إمام مسجد: اتباع العنف فى تربية الأبناء من مناهج الجاهلية ومخالف للشريعة

وفيما يخص إجبار الآباء على ممارسة العبادات مثل الضرب لأداء الصلاة أو ارتداء الحجاب، فأوضح عزام أن من حق ولى الأمر تعويد أبنائه على الصلاة وأمر البنات بارتداء الحجاب بعد بلوغهن، لكن دون إجبارهن بالقسوة أو الضرب، مستنداً على الحديث الشريف «كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته».