رئيس مجلس الادارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

رئيس مجلس الإدارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

أخبار من الوطن نيوز

«رابعة» و«المنوبية» و«النيسابورية».. حاملات قناديل «الزهد»

كتب: آية المليجى -

10:49 ص | الإثنين 18 ديسمبر 2017

احتفال الطريقة الزينبية بمولد فاطمة النبوية

رابعة العدوية وعائشة المنوبية وفاطمة النيسابورية، وغيرهن من السيدات العابدات اللاتى ابتعدن عن زينة الدنيا وزهدن فى ما أقبل عليه البشر، اتجهن بقلوبهن إلى الله وعكفن على العبادة، حتى أضاء الله طريقهن بنوره وأصبحن ذوات أثر فى التصوف الإسلامى منذ قرون مضت، تتلمذ على أيديهن كبار العلماء، وخلدن بألسنتهن جُملاً تخطف قلوب المحبين، قدمت «الوطن» مقتطفات من أثر بعض هؤلاء النسوة.

«نحب من أحبنا أولاً وهو الله».. رسالة إنسانية تركتها رابعة العدوية، العابدة الصوفية، بعد أن عاشت حياة مليئة بأزمات عسيرة بعد وفاة أبيها وخطفها من اللصوص وبيعها لأحد التجار، إلا أن النور الإلهى تسلل داخلها فأنار ظلمة حياتها، وأصبحت من أشهر شخصيات التصوف الإسلامى واقترنت سيرتها بألقاب عدة، أشهرها «أم الخير».

مذهب «الحب الإلهى» بصمة إيمانية تركتها «رابعة» بين قلوب العاشقين، بحسب حديث حياة الجيلانى، من كبار المريدات بالطريقة القادرية الجيلانية فى تونس، حيث أسست رابعة العدوية هذا المذهب، ليتشرب على يدها علماء كثر، فقال عنها ابن خلكان، من أعلام دمشق وقاضى القضاة آنذاك: «كانت رابعة العدوية من أعيان عصرها وأخبارها فى الصلاح والعبادة مشهورة».

«ذكاء وجمال وحرية» صفات «عائشة».. و«فاطمة» كانت أستاذة «البسطامى» سلطان العارفين

«المؤدبة».. هكذا كان يصفها الحسن البصرى، فكان يقول لصحبه: «هيا بنا إلى المؤدبة»، وذكر الجيلانى كيف كان يجلس سفيان الثورى، وهو من أعلام الزهد ومن أئمة الحديث النبوى، بين يديها ويقول لها: «علمينا مما أفادك الله من طرائف الحكمة».

«ذكاء وجمال وحرية».. صفات عدة تميزت بها السيدة عائشة المنوبية، إحدى السيدات البارزات فى تاريخ التصوف، وُلدت فى تونس فى القرن الثالث عشر، وهى ابنة الشيخ عمر المنوبى ووالدتها فاطمة عبدالسميع المنوبى، لذلك عرفت بـ«المنوبية». ثلاث شخصيات من أعلام التصوف تعلمت المنوبية على أيديهم، وهم الشيخ أبوسعيد الباجى، والأمير أبومحمد عبدالواحد والشيخ أبوالحسن الشاذلى، حتى أصبحت من تلاميذه الأوفياء وتربت فى كنفهم وشغفت بحب الله وحب رسوله.

تحولات سياسية وصراعات دينية، سمات الفترة الزمنية التى نشأت بها عائشة، لتحرم بنات عصرها من التعليم، لكنها أبت أن تخضع لهذه الظروف، فحينما سمعت عن الشيخ أبى الحسن الشاذلى وبمكان خلوته صارت تخرج من منزل والدها ليلاً بعد أن ينام أهل بيتها وقريتها متجهة إلى المغارة التى يمكث فيها الشيخ الشاذلى، لتتعلم على يديه وتعود قبل صلاة الفجر. أدعية كثيرة تركتها السيدة الصوفية تضرعت بها إلى الله، منها: «أنت يا دليل الحيرانين، أنت يا مطمئن الوجلانين، أكرمنى برؤيتك، واجعلنى أدرك يقين وجودك»، وتوفيت فى عام 665 هجرياً. وتعتبر المنوبية مثالاً حياً للمرأة التى حملت مشعل النضال والمجاهدة من أجل المعرفة والحرية، لذلك أطلق اسمها على أحد أحياء تونس وهو حى المنوبة، الذى يوجد به ضريحها.

امرأة صوفية تتلمذ على يدها كبار العلماء المسلمين.. هكذا كانت فاطمة النيسابورية، التى حكى عنها الشيخ علاء أبوالعزائم، شيخ الطريقة العزمية، مؤكداً، لـ«الوطن»، قلة المعلومات المتاحة عن السيدات المتصوفات اللاتى فضلن الابتعاد عن الحياة العامة. وعن فاطمة النيسابورية، قال أبوالعزائم إنها من قدماء نساء خراسان فى إيران، وكانت أستاذة أبويزيد البسطامى، الذى لقب بـ«سلطان العارفين» فقال عنها: «ما رأيت فى عمرى إلا رجلاً وامرأة، فالمرأة كانت فاطمة النيسابورية ما أخبرتها عن مقام من المقامات إلا وكان الخبر لها عياناً».

أما ذو النون البصرى، فكان له موقف معها حيث ذكر أبوالعزائم فى حديثه لـ«الوطن» أن فاطمة النيسابورية جلست معه فى بيت المقدس فقالت له «الزم الصدق وجاهد نفسك فى أفعالك وأقوالك لأن الله تعالى قال {فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ}». ومن أقوالها الخالدة: «الصادق والمتقى اليوم فى بحر يضطرب عليه أمواجه ويدعو ربه دعاء الغريق يسأل ربه الخلاص والنجاة»، وتوفيت فاطمة النيسابورية فى مكة عام 223 هجرياً، بحسب حديث أبوالعزائم.

الكلمات الدالة