رئيس مجلس الادارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

رئيس مجلس الإدارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

علاقات و مجتمع

أول وزيرة عربية مسلمة بأستراليا في حوار لـ«الوطن»: منصبي جاء نتاج سنوات من التعب.. ومصر بقلبي

كتب: عبدالله مجدي -

05:56 م | الأحد 05 يونيو 2022

آن علي محمود سروجي أول وزير عربية مسلمة في أستراليا

للمصريين بصمة لا ينكرها أحد، يجوبون الدنيا ويضعون بصمتهم أمام العالم، يعيشون سنوات في الغربة ولا ينسون وطنهم ولذة شرب المياه من نيله، يدفعهم ذلك دفعا إلى النجاح، واعتلاء كل قمة متاحة، يسقطون وينهضون من جديد رافعين شعارا واحدا.. سننجح وسنستمر.

أن تنجح في مهنة بعيدا عن وطنك ليس بالأمر الهين، لكن أن تتبوأ منصبا في حكومة دولة أخرى فهو قمة النجاح، هدف كان الوصول إليه من أصعب ما يكون.. أن تعمل بالسياسة لسنوات ثم تصبح نائبا بالبرلمان لثلاث دورات كاملة يؤهلك كل ذلك أن تصبح وزيرا للشباب والطفولة المبكرة.

الدكتورة آن علي محمود سروجي.. المصرية التي فعلت كل ذلك، والتي ساعدتها مؤهلاتها العلمية والحياتية والسياسية أن تكون وزيرة في الحكومة الأسترالية، خبراتها في مجالات الشباب والتعليم ومكافحة التطرف والإرهاب أهَّلتها إلى أن تكون أول وزيرة مصرية عربية مسلمة في تاريخ أستراليا، تروي في حوار خاص لـ«الوطن»، كواليس توليها المنصب ورحلتها في العمل السياسي وأبرز المحطات في حياتها وجانبا من حياتها الشخصية، وإلى نص الحوار:

في البداية.. حدثينا عن نشأتك في مصر ومتى سافرتِ إلى أستراليا؟

أنا وُلدت في مصر، في 29 مارس عام 1967، في مدينة الإسكندرية، وعشت بها حتى سن العامين، بعدها انتقلت للعيش في أستراليا مع أسرتي، كان ذلك في حوالي عام 1969، وقضيت هناك فترة الطفولة والشباب، لكنني أيضا قضيت في مصر فترة دراستي في الجامعة.

ما هو سبب سفر العائلة إلى أستراليا؟

قرر والدي السفر إلى أستراليا، فتقدموا بطلب إلى الهجرة، وتم قبول الطلب وبعدها انتقلنا للعيش هناك واستقرينا في أستراليا حتى ذلك الوقت.

كيف جاء ترشيحك لمنصب وزيرة الشباب والطفولة المبكرة؟

ترشيح جاء نتاج سنوات من العمل السياسي، أبرزها الفوز بعضوية البرلمان الاسترالي لثلاث دورات متتالية، 2016 و2019 و2021، ويمكن لأي نائب أن يتولى منصب وزير، ولكن بشرط هو موافقة رئيس البرلمان والحكومة على هذا القرار، وبعد فوزي جاء ترشيحي لوزارة الشباب والطفولة المبكرة وذلك لخبرتي الطويلة في مجال الشباب والتعليم، كذلك لامتلاكي خبرات في مجال مكافحة التطرف والإرهاب.

كما حصلت في 2009 على «جائزة النشر» من المعهد الأسترالي لمحترفي الاستخبارات المهنية، وأسست بعد تعييني في «مجلس العلاقات العربية- الأسترالية» التابع لوزارة الخارجية، «منظمة الأشخاص ضد العنف المتطرف»، كل ذلك ساهم في ترشيحي لذلك المنصب.

حدثينا عن دراستك الأكاديمية؟

حصلت على العديد من الدرجات العلمية، ففي 1990 تخرجت في بكالوريوس في الفنون من الجامعة الأمريكية بالقاهرة، وبعد عودتها إلى أستراليا حصلت في 2008 على جائزة العميد لأفضل باحث جديد من جامعة سبق وتخرجت منها في 1994 بالأدب الإنجليزي، ثم ماجستير في 1996 بالمادة نفسها، وبعدها بعامين بدكتوراه في الفلسفة، وهي جامعة Edith Cowan University الأسترالية.

ماذا عن دورك في إطلاق جمعية الصداقة البرلمانية المصرية الأسترالية؟

عندما خطرت لي هذه الفكرة كنت في أول دورة لي بالبرلمان الأسترالي، وكنت أنا و«بيتر» مصري آخر في البرلمان، لذلك فكرت في فكرة تهدف لتعاون البرلمانات مع بعضها البعض، وترسيخ للعلاقات بين مصر وأستراليا، فكانت فكرة جمعية الصداقة البرلمانية، لتفعيل بروتوكول التعاون وبحث مواجهة التحديات المشتركة خاصة في مجال مكافحة الإرهاب، ودعم العلاقات الثنائية بين البلدين.

واقترحت تكوين مجموعة عمل تعمل على تفعيل جمعية الصداقة البرلمانية الأسترالية المصرية، لتشجيع المستثمرين باستراليا على الاستثمار في مصر، خاصة في مجالات الزراعة والري وتربية المواشي، وتعهدت حينها بطرح أجندة التعاون على البرلمان الأسترالي، كما تقدمت باقتراح تنظيم ملتقى للسيدات البرلمانيات على مستوى العالم للاستفادة من تجارب البرلمانيات في الدول المختلفة.

كيف كانت مشاركتك في مؤتمر مصر تستطيع بالتاء المربوطة؟

سعدت جدا بالمشاركة فيه التي حضرتها في عام 2017، كانت فكرته رائعة، المرأة المصرية تستحق أكثر من ذلك، ومن بينهن المصريات في الخارج فهناك الكثيرات استطعن تحقيق نجاحات كبيرة في مجالات متعددة، وساهموا في إعلاء راية مصر عاليا، وذلك المؤتمر يُعد تقديرا لهم لنجاحتهن في الخارج، ومؤتمر مصر تستطيع بالتاء المربوطة سيكون منصة لتعريف المصريين بنجاحات وإنجازات المصريات في الخارج.

في مشاركتي بالمؤتمر سعدت جدا بعقد لقاء مع مجموعة من عضوات مجلس النواب المصري وبحثنا سبل التعاون، ومواجهة التحديات المشتركة وتقديم دعوة لوفد من النائبات المصريات لزيارة البرلمان الأسترالي.

حدثينا عن دور وزارة الشباب والطفولة المبكرة في أستراليا؟

دور وزارة الشباب في أستراليا، هو معرفة مشكلات الشباب ومساعدتهم على التعامل مع هذه المشكلات وإيجاد حلول لها ويصبحون قادرين على مواجهة تحديات الحياة، كذلك المساهمة في أن يكون لدى هؤلاء الشباب صوت في البرلمان لكي يكون ما تنفذ أو تخططه الدولة مفيدا لهم على كل المستويات، والتخطيط لمستقبل أفضل للشباب الأسترالي.

أيضا مهمة الوزارة الالتزام بدعم الشباب في القضايا التي يواجهونها من خلال تدابير عملية تعكس أولوياتهم، دعمهم لتنمية المعارف والمهارات والقدرات ليكونوا ناجحين في التعليم والعمل والحياة، والتشاور مع الشباب من خلال الفعاليات المختلفة للوصول إلى إطار يلبي احتياجاتهم ومطالعاتهم وآمالهم.

قضيتِ سنوات طويلة في العمل السياسي.. كيف كانت بدايتك السياسية في أستراليا؟

بعد إنهاء دراستي الجامعية عملت في الجامعة أستاذة جامعية وأكاديمية في أستراليا، وممارسة في مجالات مكافحة الإرهاب ومكافحة الأصولية، حيث نشرت أكثر من 50 مقالة عن الإرهاب والقضايا التي لها صلة به، كما أنها كتبت وحررت خمسة كتب في مجالات مختلفة، بالتزامن مع ذلك كنت عضوة في الأمم المتحدة وكان لي نشاط جيد في مكافحة الإرهاب.

وكنت عضوة ناشطة في حزب العمال الأسترالي، حتى طلبوا مني الترشح لانتخابات البرلمان الأسترالي، ووافقت حينها، وتمكنت من الفوز في الانتخابات، وكانت نقطة تحول كبيرة في مسيرتي السياسية.

منذ بداية عملك في العمل السياسي وحتى وصولك لمنصب وزيرة الشباب.. ما هي أبرز التحديات التي واجهتك؟

في الحقيقة أنا أحب العمل السياسي والعام، وكل التحديات التي تعرضت لها كنت أتعامل معها بمنطق حب العمل، ولكنني واجهت صعوبات تطلبت مني الكثير من العمل، أبرزها أن كل نائب في أستراليا يكون مسؤولا عن منطقة، وكنت منطقة في الغرب، وتطلب مني ذلك التدرب كثيرا والعمل كثيرا لمعرفة كيفية التعامل مع المواطنين، والطرق العلمية لحل مشكلاتهم، والتدريب على الحديث في البرلمان لعرض مشكلات الناس والتوصل إلى حلول لها، كل ذلك كان يحتاج مني لاجتهاد شخصي كبير حتى أصل إلى المستوى المطلوب.

مستعدة للتعاون مع الوزير المصري في المجالات المتعددة بين البلدين

مع توليكِ منصب وزيرة الشباب هل هناك أي خطط للتعاون مع وزارة الشباب المصرية في أي بروتوكول أو برنامج؟

أنا من أصل مصري ولم أنسَ ذلك أبدا، ومصر ستظل في قلبي دائما، وإذا أتيحت أي فرصة للتعاون مع وزير الشباب بالتأكيد سوف أقدم على هذه الخطوة، فهناك الكثير من الشباب المصريين في أستراليا انتقلوا إلى هنا وهم أطفال ولا يعرفون الكثير عن وطنهم الأم، بل وبعضهم أيضا لا يمكنه الحديث باللغة العربية، وأي تعاون سوف يكون في مصلحة البلدين وفي مصلحتهم بالطبع بتعريفهم أكثر عن جذورهم وثقافتهم ولغتهم.

بعد هجرة أسرتي إلى أستراليا عشنا فترة صعبة لكننا تمكنا من الصمود

بعد انتقال أسرتك أستراليا.. كيف كانت السنوات الأولى للعائلة المصرية في الهجرة؟

كانت السنوات الأولى صعبة جدا، ليس كما يتخيل الكثيرون أن الهجرة والحياة في الخارج سهلة ومرفهة، والدي كان مهندسا ووالدتي كانت ممرضة، لكن في البداية كان الوضع صعبا وقرر والدي العمل كسائق لحافلة، لتوفير النفقات لنا، وبعدها بفترة كان هو ووالدتي يعملان في مصنع، حتى تحسنت الأوضاع كثيرا، وتمكنا من العمل في تخصصاتهما الحقيقية التي كانا يعملان فيها.

خلال تسلمك مهام وظيفتك كوزيرة للشباب.. ما هو أول ما شعرت به؟

شعرت بالفرحة والفخر بما وصلت إليه، وأيضا تذكرت والدي الذي توفي عام 2015، الذي كافح كثيرا من أجلي، لكنه رحل قبل أن يرى نجاحاتي في البرلمان لدورات متتالية، وكذلك وصولي لمنصب الوزيرة، كنت أتمنى أني يكون معي ليشاركني فرحة ما وصلت إليه.

بعد الوصول لكرسي الوزارة.. ما هي طموحاتك خلال الفترة المقبلة؟

لا أفكر حاليا في مزيد من المناصب أو الترقيات، كل تركيزي وتفكيري خلال الفترة المقبلة سيكون منصبا على أداء واجبي في الوزارة، وأن أقدم أفضل مستوى من العمل وحل مشكلات الشباب وتطوير تعليم الأطفال، وتحقيق أهداف الوزارة وإنجاز أهداف المهمة التي توليتها، فهناك الكثير من الخطط التي أسعى لتنفيذها لتلبي متطلبات واحتياجات الشباب في المجالات المختلفة.

من مبادرتك السياسية تأسيسك أول منظمة غير حكومية في أستراليا لمكافحة التطرف.. حدثينا عنها؟

أسست «أشخاص ضد عنف التطرف People Against Violent Extremism (PAVE، ومعها دشنت حملة عبر مواقع التواصل الاجتماعي لمكافحة التطرف، وتهدف المنظمة إلى دراسة العوامل التي تسبب التطرف والعنف في العالم، ومعالجة قضية التطرف العالمية من خلال دراسة أسبابها الجذرية والعوامل الدافعة، وذلك استنادًا إلى نهج تشاركي وأقاليمي، بهدف تعزيز قدرة صانعي السياسات وقادة المجتمع من أجل استراتيجية وقائية فعالة بين الاتحاد الأوروبي وجواره.

أخبرينا أكثر عن تشكيل الحكومة الأسترالية الحالية؟

تمكن حزب العمال من أن ينال الحكم منفردا بعد حصوله على 77 مقعدا في مجلس النواب المؤلف من 151 معقدا، ما يعني أن يسمح له بتشكيل حكومة أغلبية دون دعم المستقلين، الحكومة الحالية هي مشكلة من 23 وزيرا، من بينهم 10 نساء، ووزير مسلم أيضا وعمره 52 عاما، إلا أنه وهو من البوسنة أصلا، وعضو أيضا بحزب العمال، ويشغل في الحكومة منصب وزير الصناعة.

أحرص على زيارة مصر دائما وفي أول فرصة سأذهب إليها في أول فرصة

متى كانت آخر زيارة لكِ في مصر؟

أنا أحرص على زيارة مصر في كل مرة تتاح لي الفرصة لزياراتها، وآخر زيارة لمصر كانت في حوالي عام 2017، خلال مشاركتي في مؤتمر مصر تستطيع بالتاء المربوطة، وبالتأكيد كنت في جولة لعدد من الأماكن السياحية والتاريخية، وما زالت مصر تتمتع ببريق خاص من حضارة وشعب، وفي أي فرصة ستتاح لي سأحرص على زيارة مصر.

المرأة المصرية تشهد أزهى عصورها في عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي.. كيف ترى تمكين المرأة خلال السنوات الماضية؟

مصر بذلت جهودا كبيرة لتواجد المرأة في البرلمان من حيث زيادة عدد النائبات، وتم الاهتمام بتمكين المرأة في الكثير من المجالات المختلفة، وإعداد أول نموذج إحالة وطني للإبلاغ عن حالات العنف ضد المرأة، - وصلت المرأة المصرية لكثير من المناصب التي لم تصل لها من قبل، فتجاوز تمثيل المرأة فى مجلسي النواب (28%) والشيوخ (14%) الحدود الدنيا المنصوص عليها فى الدستور (25% و10%)، وفي الحيز التنفيذي بلغت حصة المرأة 25% من الوزراء و27% من نواب الوزراء و31% من نواب المحافظين، ذلك التمكين الذي يحدث في مصر مهم جدا لزيادة فرص المرأة في الحياة السياسية والعملية، وأيضا في أستراليا نعمل على كثير من الخطط لتمكين المرأة، وذلك التمكين الذي يقوم به البلدين، يجعل الكثير من الشباب والشابات أن يروا أهمية دور المرأة في المجتمع وفي الحياة السياسية والعملية، وزيادة فرصة الإبداع لدى المرأة ما يعني تقدم وازدهار أكثر للمجتمع.

أي مسؤول يمتلك فريقا من المتخصصين.. هل أي منهم يحمل الجنسية المصرية؟

نعم، يعمل معي في المكتب فتاة مصرية اسمها «إيمان»، وأنوي الاستعانة أيضا بشاب مصري للعمل معي، دائما يوجد مكان للشباب المصري في فريقي أو من أي بلد عربي، فيسعدني جدا التعاون معا من أجل تحقيق المهام التي نكلف بها في المناصب التي نتولاها، وعلى مدار سنوات عملي كنت ألتقي بالكثير من المصريين، وتعاملت معهم في مجالات العمل والسياسة وهم رائعون جدا في العمل مجتهدون ومبدعون أيضا.

حدثينا عن علاقتك بالسفيرة نبيلة مكرم وزيرة الهجرة؟

هي شخصية رائعة، حظيت بلقائها عدة مرات في مناسبات مختلفة، وكانت دائما داعمة ومشجعة لي، وكذلك مهنئة لي في المناسبات المختلفة، وسعدت جدا بتهنئتها لي بعد قرار تعيني وزيرة للشباب، وأكدت لي أنها دائما فخورة بما أقدمه.

وعلى المستوى المهني هي تقوم بدور ممتاز كوزيرة للهجرة، وعلى تواصل جيد بالمصريين في الخارج، فهي دائما مشجعة للنوابغ وأصحاب الإنجازات والنجاحات، وتحرص على لم شمل المصريين في الخارج من خلال الاجتماعات والمؤتمرات المتعددة التي تعقد بصفة مستمرة.

خلال السنوات الطويلة من العمل.. من كان أبرز الداعمين لكِ في عملك؟

هناك العديد من الأشخاص الذين كانوا داعمين لي سواء في الحزب، أو رؤسائي، كذلك كانت أسرتي داعمة لي في كل الأوقات وحريصة على مستقبلي المهني والسياسي، فكانوا السند لي في أوقات الأزمات، وأبنائي وزوجي كانوا يساندونني باستمرار في عملي ونجاحاتي، فمن خلال المناقشة معهم كنت أصل إلى أفكار ورؤى جديدة.

ما الرسالة التي تحبين أن توجهيها للفتاة المصرية؟

أود أن أقول لكل فتاة مصرية وكل امرأة في العالم أن كل شخص قادر على تحقيق أحلامه والوصول إلى هدفه، أنا لم أكن أتخيل يوما أنني سأصل إلى هذا المنصب، وخاصة مع بداية أسرتي المتواضعة في أستراليا، لكنني كنت أحب عملي ولدي هدف هو النجاح فيه، وفي النهاية تمكنت من الوصول إلى هذا المنصب، «قد أكون أول امرأة مسلمة في الحكومة، لكنها مسؤولية كبيرة أن أضمن ألا أكون الأخيرة، وألا أغلق الباب خلفي».