رئيس مجلس الادارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

رئيس مجلس الإدارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

علاقات و مجتمع

صاحبة أول دار للمرأة المعنفة بمصر تكشف عن واقع أصعب من فاتن أمل حربي: تعذيب عجوز

كتب: سمر صالح -

05:17 م | الأربعاء 20 أبريل 2022

بيت حواء أول دار للمرأة المعنفة في مصر

مع بداية عرض حلقات مسلسل فاتن أمل حربي، تتعرض «فاتن» التي تجسد شخصيتها الفنانة نيللي كريم، لتهديد من زوجها بحرمانها من بناتها بعدما لم يصبح لها مكانا تعيش فيه عقب طردها من المنزل، وكحال الملايين من السيدات المعنفات، لم يعد أمام «فاتن» إلا حل وحيد لجأت إليه بعد نصيحة المحامي، وهو اللجوء إلى مجمع الخدمات المتكاملة أو ما يعرف بمركز استضافة المرأة المعنفة.

الكثير من السيدات لم يعرفن من قبل أي شئ عن مراكز استضافة المرأة المعنفة، بحسب ما دونته تعليقاتهم الشخصية على الصفحة الرسمية للمسلسل، وعبر الصفحات المعنية بالمرأة عبر موقع فيس بوك، وفي هذا الصدد «الوطن» حاورت الدكتورة إيمان بيبرس رئيسة مجلس إدارة جمعية نهوض وتنمية المرأة، ومؤسسة أول دار لاستضافة المرأة المعنفة في مصر عام 2005، وأشارت خلال الحوار إلى أصعب الحالات التي استقبلها الدار الخاص بها، وعن طبيعة الحياة دار المكان للأم وأطفالها.

الفكرة جاءت في مطلع الألفينات، بحسب الدكتورة إيمان بيبرس، من خلال العمل الميداني لجمعية نهوض وتنمية المرأة بين النساء، استمعت كثيرًا إلى تجارب نساء تعرضن للعنف في بيوتهن، وعرفت منهن مدى العواقب التي واجهتهن عند طلبهن للمساعدة، وما نتج عن ذلك من إحساسهن بعدم امتلاكهن لأي بدائل في مواجهة هذا العنف، ومن هنا كان من الضروري إنشاء تلك الأماكن الآمنة للسيدات المعنفات.

كما كشفت رسالة الدكتوراه الخاصة بـ«بيبرس» والتي قمت خلالها بإجراء مقابلات شخصية مع 444 سيدة معيلة، أن 96% منهن تعرضن للعنف الجسدي أو الجنسي، ومن هنا جاءت فكرة إنشاء دار الضيافة الذي أطلقت عليه اسم «بيت حواء» من خلال برنامج العنف ضد المرأة أحد برامج الجمعية الخاصة بها، ويعتبر أول دار للنساء المعنفات في مصر في هذه الفترة.

وفي وصف «بيت حواء» قالت «بيبرس» في حديثها لـ«الوطن»، أنه مكان آمن ومحل ثقة بالنسبة للسيدات والأطفال الذين لا يملكون مكانًا للذهاب إليه، ويستضيف الدار السيدات بأطفالهن كي يعشن سوياً، ويوفر حياة مشتركة بين هؤلاء السيدات ويشجعهن ويشعرهن بالمساندة والتضامن المتبادل فيما بينهن ليبنين المجتمع الخاص بهن بعد الأزمة.

شروط محددة لاستقبال السيدات

مع فتح «بيت حواء» أول مركز لاستضافة المرأة المعنفة في مصر، تم وضع شروط محددة لاستقبال السيدات، أولها، بحسب الدكتورة إيمان بيبرس، يتم الاستماع إلى تجربة السيدة المعنفة، وبالتأكد من مدى صحتها والتي في الغالب تظهر معالمها عليها وعلى أطفالها، «أغلب السيدات تم معرفة تجربتها من خلال عملنا الميداني وسط السيدات، أو سيدات محولات من مراكز أخرى وسيطة»، بحسب قولها.

أول حالة لجأت إلى مركز استضافة المرأة المعنفة في مصر

أول حالة جرى استقبالها في أول دار لاستضافة المرأة المعنفة في مصر «بيت حواء»، كانت لسيدة تبلغ من العمر 60 عاما لديها 4 أبناء، وتواجه ضرب عنيف من زوجها وقررت بعد تزويجها للبنات أن تترك المنزل:«زوجها كان بيضربها وبيشغلها وبياخد فلوسها مقدرتش تحوش أي مبلغ».

وبحسب وصف «بيبرس» اتضح على جسدها علامات التعب من الضرب حتى أنها حاولت إنهاء حياتها ذات مرة «جوزها كان مكسر لها سنانها وكسرلها إيدها ورجليها كذا مرة لحد ما قابلت ست نصحتها بالتوجه لمقر الجمعية عندنا».

وتابعت الدكتورة إيمان بيبرس في وصف أول حالة استقبلها مركز «بيت حواء»، بأن السيدة الستينية طلبت الاستمرار في المركز بعد مرور 3 شهور، وهي المدة المحددة للسيدة حتى تبحث عن حياة جديدة أو تعود إلى منزلها ولكنها طلبت أن تستمر في «الشلتر» الخاص بالجمعية دون معرفة أحد، «لأنها كانت مريضة قدمنا طلب مد ليها كل 3 شهور، بعدها في متبرع وفر لها حجرة وهو بيدفع إيجارها ووفرها لها دخل شهري وبناتها كانوا بيشوفوها بدون معرفة والدهم لحد ما اتوفت».

شكل اليوم داخل مراكز استضافة المرأة المعنفة

كيف تقضي السيدة يومها داخل المركز؟ السؤال الأشهر بين السيدات المعنفات بعد عرض أحداث مسلسل «فاتن أمل حربي» تجيب عليه صاحبة أول مركز لاستضافة المرأة المعنفة في مصر، بأن الخدمة فيه تستمر على مدار24 ساعة يوميا دون توقف، وذلك من خلال العاملين بالجمعية وكذلك من خلال المستشارين، كما أن الدار تقدم وبشكل مباشر خدماتها إلى أطفال السيدات أيضًا الذين عانوا أيضا من العنف سواء من مروا بالتجربة أو شاهدوها.

محو الأمية وتعليم حرف يدوية

وما تميز به «بيت حواء»، الذي أغلق أبوابه قبل عامين فقط بسبب توابع أزمة جائحة كورونا، هو المجموعة المتكاملة من الخدمات التي تقدم للسيدة حيث يعاد تأهيلها وتدريبها من خلال الاستفادة من قروضنا الصغيرة وذلك عن طريق محو أميتها في القراءة والكتابة والمعاملات المالية، هذا إلى جانب تقديم المساعدة القانونية لهن.

إلى جانب ما سبق، قام المركز بتدريب السيدات على حرف وأشغال يدوية من خلال مدربات متخصصات كنوع من أنواع الترفيه وإكسابهن مهارات جديدة، هذا إلى جانب الترفيه عن الأطفال من خلال حديقة ملحقة بالشلتر بها العديد من الألعاب التي تقوم بالترفيه عنهم.

جلسات دعم نفسي للسيدات

لم يغفل مركز«بيت حواء» عن تقديم الدعم النفسي للسيدات في المركز، فكان الهدف الأساسي هو إعادة بناء حياة هؤلاء السيدات وكذلك بناء قدراتهن على الاستقرار واستعادة ثقتهن بأنفسهن من خلال خدمة الإستشارات النفسية أو وحدة الإستماع، والجلسات الجماعية، إلى جانب لقاءات للمؤازرة وتقوية النساء بالتعبير عن أنفسهن، إذ كان يجرى توفير معالج نفسي مرتين أسبوعيًا للاستماع إلى قصصهن ومساعدتهن على اجتيازها.

من أصعب الحالات التي استقبلها أول مركز لاستضافة المرأة المعنفة، كانت لسيدة من إحدى القرى وجاءت مع 3 من أبنائها ومشكلتها كانت مع زوجها فكان يضربها هي وأولادها فلم تستطيع تحمل الضرب والإهانة فتركت المنزل وأخذت أولادها إلى الجمعية هربا من الحياة مع زوجها، بحسب رواية الدكتورة إيمان بيبرس.

إلى جانب المصريات، فتح «بيت حواء» أبوابه للسيدات اللاجئات في مصر: «كنا نستقبل اللاجئين اللي اتعرضوا لصعوبات مختلفة زي العنف والاغتصاب» فكانت الجمعية تقدم لهن كافة أشكال المساعدات النفسية والعلاجية والمادية.

وتابعت «بيبرس» في حديثها عن «بيت حواء» بالإشارة إلى أن الدار لم يترك أي سيدة وأطفالها إلا بعد التأكد تمامًا من قدرتهم على مواجهة الحياة بمفردهم، وقدرة الأم على إعالة نفسها أو بعد التصالح مع زوجها.

وفي ختام الحوار، علقت الدكتورة إيمان بيبرس على أحداث مسلسل فاتن أمل حربي، بقولها، منذ سنوات وكثيرًا ما كنا نطالب المسئولين في المؤسسات الإعلامية والقائمين على الأعمال الدرامية بعرض ومناقشة قضايا المجتمع خاصة قضايا المرأة، حتى يجرى طرحها للنقاش المجتمعي، وللأسف ولسنوات عديدة تم التركيز في الدراما المصرية على عرض صورة المرأة بوصفها سلعة لإرضاء الرجل، وعُرضت أعمال درامية عديدة لم تكن منصفة للمرأة.

القضايا المعروضة في المسلسل ليست بعيدة عن الواقع

وتابعت بيبرس بالإشارة إلى أن ما جرى عرضه من خلال مسلسل فاتن أمل حربي من مشاكل وقضايا العنف ضد المرأة وغيرها من قضايا الأحوال الشخصية ليست ببعيدة عن الواقع الذي تعيشه سيدات مصر:«إذا كنت تريد أن ترى الواقع فاذهب إلى محاكم الأحوال الشخصية فسوف ترى الأصعب الذي لا يقبله عقل ولا واقع»، لافتة إلى أن ما يجرى عرضه ومناقشته في الدراما حاليًا خطوة للأمام حتى تحصل كل سيدة مصرية على حقوقها كاملة.