على كورنيش الإسكندرية، تقف أمام قطع الأخشاب التي أوقدت فيها النار، والفحم، لشواء الذرة، وبجانبها «سبرتاية» شاي، لا تطمح سوى في مكسب جُنيهات قليلة تساعدها على استكمال يومها بصحبة والدتها، واستكمال مصاريف دراستها، قبل أن تذهب للنوم لساعات قليلة لتبدأ رحلة المشقة مُجددًا في اليوم التالي. 

آية رجب، صاحبة الـ 24 عامًا، اختار الموت والدها وهي في الـ16 من عمرها، دون ميراث أو مال تعيش منه، أصبحت صحتها هي مصدر رزقها، باتت تتكئ عليها، لتبدأ حياة المشقة مُبكرًا ببيع الذرة المشوية، وأكواب الشاي لزوار كورنيش الإسكندرية. 

الالتحاق بالمعهد الفني التجاري لمدة عامين، ومن ثم كلية التجارة بجامعة الإسكندرية، مشوار «آية» التي خاضته بالتوازي مع عملها، بائعة ذرة وشاي. 

من الصباح الباكر تذهب لحضور محاضراتها، حتى وقت آذان العصر، لتبدأ يومها مُجددًا على الكورنيش، بصحبة والدتها. 

ساعات طويلة للفتاة العشرينية بالشارع تنتهي قبل الفجر، وفقًا للموسم قبل أن تعود مُجددًا لمنزلها لراحة جسدها مما عانته طوال اليوم. 

لما أبويا مات مكانش عندي اختيار تاني

بنبرة صوت راضية، وهادئة تحدثت الفتاة عما مرت به عقب فقدان والدها، وعدم قدرتها المادية على إعانة والدتها: «لما أبويا مات في 2015 مكنش عندي اختيار تاني، نزلت الأول أبيع إكسسوارات، وساعات تين شوكي، بس مكملتش فيهم، لأنها حاجات موسمية مش دايمة طول السنة». 

مشوار طويل خاضته، «آية» الطالبة بالفرقة الثالثة بكلية التجارة جامعة الإسكندرية، لتحسين المستوى المعيشي: «درست في المعهد الفني التجاري، لما جبت تقدير عالي موقفتش نفسي ودخلت الكلية، كل ده من البيع على الكورنيش».

مش بخجل من مهنتي أبدا

لا تخجل الفتاة من مهنتها التي يعرفها بها زملاؤها وأساتذة جامعتها: «الناس بتعاملني عادي، وأنا بكسب لقمة العيش، ودي حاجة مش مخجلة، كل صحابي وأساتذتي عارفين أني بياعة درة مشوي وشاي».

دي مهنة أمي في الأساس

ربما عمل الأم بالمهنة من قبل زواجها ساهم في مساعدة الابنة، لتبدأ رحلتها من جديد: « دي مهنة أمي في الأساس قبل ما تتجوز من بابا، برجع من الكلية اشتغلها، وفي وقت دراستي أمي اللي بتقف عليها».