رئيس مجلس الادارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

رئيس مجلس الإدارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

علاقات و مجتمع

«على بلاط الحمام».. نوال السعداوي تسرد تجربة ختانها: ذبحوني

كتب: آية أشرف -

11:29 م | الأحد 21 مارس 2021

نوال السعداوي

ظلت تحارب ختان الإناث طيلة حياتها، فربما كانت التجربة المؤلمة التي عاشتها وهي في السادسة من عمرها، حيث اقتطعوا قطعة من جسدها أمام عينيها لم تغب قط عنها، فأصبحت سببًا لمناهضة تلك الجريمة.

الطبيبة والكاتبة نوال السعداوي، التي رحلت عن عالمنا اليوم في عمر ناهز الـ 90 عاما، تاركة العديد من الآراء الجدلية والجريئة، والحديث عن الكثير من الموضوعات التي اتفق واختلف معها الكثير.

وكانت الراحلة والناشطة النسوية، نوال السعداوي، وصفت في كتابها «الوجه العاري للمرأة العربية» تفاصيل جراحة الختان المؤلمة التي تعرضت لها على بلاط الحمام، وأمام والدتها، فضلًا عن ذكرها بالتفاصيل في أحد لقاءاتها الصحفية، والتي جاءت في سطور تحمل الألم والحسرة.  

«كنت في السادسة من عمري، نائمة في سريري الدافئ أحلم أحلام الطفولة الوردية، حينما أحسست بتلك اليد الخشنة الكبيرة ذات الأظافر القذرة السوداء، تمتد وتمسكني، ويد أخرى مشابهة لليد السابقة خشنة وكبيرة تسد فمي وتطبق عليه بكل قوة لتمنعنى من الصراخ، وحملونى إلى الحمام».. هكذا بدأت الراحلة سرد القصة، التي تعرضت لها في طفولتها. 

تواصل الكاتبة سرد الجزء المظلم من حياتها الذي لم تستطع نسيانه: «لا أدري كم كان عددهم، ولا أذكر ماذا كان شكل وجوههم، وما إذا كانوا رجالا أم نساء؟، فقد أصبحت الدنيا أمام عيني مغلقة بضباب أسود، ولعلهم أيضا وضعوا فوق عينى غطاء، كل ما أدركته فى ذلك الوقت تلك القبضة الحديدية التى أمسكت رأسي وذراعي وساقي حتى أصبحت عاجزة عن المقاومة أو الحركة، وملمس بلاط الحمام البارد تحت جسدي العاري، وأصوات مجهولة، وهمهمات يتخللها صوت اصطكاك شيء معدني ذكرني باصطكاك سكين الجزار حين كان يسنه أمامنا قبل ذبح خروف العيد،  وتجمد الدم فى عروقى، ظننت أن عددا من اللصوص سرقونى من سريرى، ويتأهبون لذبحى، وكنت أسمع كثيرا من هذه القصص من جدتى الريفية العجوز».

مشاعر من الخوف والرعب عاشتهما الفتاة، تسردها قائلة: «أرهفت أذني لصوت الاصطكاك المعدني، وما أن توقف حنى توقف قلبي بين ضلوعي، وأحسست وأنا مكتومة الأنفاس، ومغلقة العينين أن ذلك الشيء يقترب مني، لا يقترب من عنقي، وإنما يقترب من بطنى، من مكان بين فخذي، أدركت فى تلك اللحظة أن كل فخذ قد شدت بعيدا عن الأخرى بأصابع حديدية لا تلين، وكأنما السكين أو الموس الحاد يسقط على عنقي بالضبط، أحسست بالشيء المعدني يسقط بحدة وقوة ويقطع من بين فخذي جزءا من جسدي».

وتسرد الطبيبة الراحلة مشاعرها في هذا الوقت: «صرخت من الألم رغم الكمامة فوق فمي، فالألم لم يكن ألما، وإنما هى نار سرت فى جسدي كله، وبركة حمراء من دمي تحوطنى فوق بلاط الحمام، لم أعرف ما الذى قطعوه مني، ولم أحاول أن أسأل، كنت أبكي، وأنادي على أمي لتنقذني، وكم كانت صدمتي حين وجدتها هي بلحمها ودمها واقفة مع هؤلاء الغرباء تتحدث معهم وتبتسم لهم وكأنهم لم يذبحوا ابنتها منذ لحظات، وحملوني إلى السرير ورأيتهم يمسكون أختي التى كانت تصغرني بعامين بالطريقة نفسها، فصرخت وأنا أقول لهم لا، لا، ورأيت وجه أختى من بين أيديهم الخشنة الكبيرة، كان شاحبا كوجوه الموتى، والتقت عيني بعينيها فى لحظة سريعة قبل أن يأخذوها إلى الحمام، وكأنما أدركنا معا فى تلك اللحظة.. المأساة.. مأساة أننا خلقنا من ذلك الجنس، جنس الإناث الذى يحدد مصيرنا البائس، ويسوقنا بيد حديدية باردة إلى حيث يستأصل من جسدنا بعض الأجزاء».