رئيس مجلس الادارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

رئيس مجلس الإدارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

علاقات و مجتمع

طفلتا "شهيد طرة".. 10 أعوام من "الحنان" تنتهي بالدموع: "عايزين بابا" 

كتب: دينا عبدالخالق -

06:37 ص | السبت 26 سبتمبر 2020

شهيد طرة

 منذ حوالي 5 أعوام، اقتصرت رؤيتهن له على مرة واحدة كل شهرين فقط، يتمكنّ فيها من احتضانه والبقاء بقربه لفترة قليلة، ينعمن بالحب والحنان الأبوي، ما يجعلهن أكثر اشتياقا للمرة المقبلة، لكنهن هذه المرة لن يقدرن على رؤيته أو سماع صوته مجددا، بعد أن شيعوه بدموعهن الطفولية الصادقة.

يوم الأربعاء الماضي، تبدلت حالة الطفلتين "جودي وجومانة" تماما، من طفلتين مرحتين تستمتعان مع والدهما المدلل لهما، رغم انفصاله عن والدتهما، وذلك باستشهاد العقيد عمرو عبدالمنعم، حينما كان يؤدي عمله في سجن طرة برفقة عدد من رجال الأمن، ليتفاجأ بمحاولة 4 إرهابيين تابعين لتنظيم "داعش" المحكوم عليهم بالإعدام يحاولون الفرار من السجن، ويتصدى لهم مع أصدقائه بجسارة، ليودعوا الحياة أثناء أداء الواجب، ليترك العقيد الشهيد خلفه طفلتين في عقدهما الأول من العمر، وأسرة بسيطة كانت تعتمد عليه في المقام الأول.

منذ ميلاد "جودي" قبل 10 أعوام، ارتبطت مع والدها الشهيد الراحل بعلاقة قوية "كانت أول فرحته وحبيببته بجد"، وفقا لحديث شقيقه ماجد عبدالمنعم، لـ"الوطن"، ولم يفرق أيضا في علاقته مع ابنته الثانية "جومانه" 7 أعوام، بل كان أبا حنونا من الدرجة الأولى، رغم حدة عمله كضابط بقطاع السجون.

استمرت علاقة الأب ببناته، حتى مع انفصاله عن زوجته بعد فترة بسيطة من ميلاد نجلته الثانية، وزواجها من آخرا، فظل حريصا على الاهتمام بهم في كل ما يخصهم، ومنحهم الهدايا المختلفة، والتنزه معهم في مختلف الأماكن "كان مدلعهم جدا"، بجانب إلحاقهم بمدارس إنترناشونال في منطقة التجمع الخامس، التي بها منزله الخاص.

حرص الأب الشهيد على زرع الصفات الحميدة في بناته وحب الرياضة، على غراره، حيث كان يحب ممارسة كرة القدم ورفع الأثقال والشيش والبوكس، لذلك ألحق ابنته الكبرى برياضة "الجمباز"، وكان يحب مشاركتها بالتمرين، فضلا لعبهم مع الكلب الذي كان يملكه في أوقات زيارتهم له كل شهرين، على حد قول شقيقه.

قبل 25 يوما، وتحديدا في 1 سبتمبر الجاري، كان اللقاء الأخير بين الأب وبناته، كونه كان عيد ميلاد "جودي"، فأقام لها والدها حفلا خاصا وأعطاها هدية موبايل، حتى يتمكن من الحديث معها عبر مكالمات الفيديو، وتلبية لرغبتها في الحصول على هاتف جديد، حيث "كان مش بيتأخر عنهم في أي طلب، والمسئول الأول عنهم".

لم تكن الطفلتان تظنان وقتها أن ذلك سيكون اللقاء الأخير بوالدهما، أو أنهن لن يتمكنا من احتضانه وطبع قبلة رقيقة على وجهه والحديث معه، لذلك ظللن يرددن "عايزين نشوف بابا، هاتولنا بابا، بنحبك أوي يا بابا" بدموع غزيرة بدلت طفولتهن بعقدهن الأول من العمر، أثناء مراسم الجنازة بالأمس في مسجد الشرطة بالقاهرة الجديدة، عقب استشهاده.

حضرت الطفلتان خلال الجنازة أمس، ليعايشن موقفا مريرا، فلم يعرفن معنى فقدان الأب والسند في تلك السن المبكرة، ليجدن أنفسهن أمام نعش يحتضن جثمانه قبل نقله إلى مثواه الأخير، ويودعوه بحرارة وحزن بالغ، يرويه عمهن: "مبطلوش عياط ومش مصدقين اللي حصل أو أنه مش هيبقى معاهم تاني، واحنا حضناهم وحاولت أعرفهم أنه بقى فيم كان أحسن وأنه شهيد بس هيفضل حي معاهم ويشوفهم".

الحصول على هاتف والدها الشهيد، هو الطلب الأخير الذي طلبته ابنته الكبرى "جودي" من عمها، حتى تتمكن من رؤية صورة وأن تظل قريبه منه بعد رحيله، وهو ما سيحرص ماجد عبدالمنعم من تنفيذه بعد إتمام كافة الإجراءات، رغم القلق الكبير الذي يسيطر على عائلة العقيد الراحل تجاههن في الفترة المقبلة وخشيتهم من عدم قدرتهم على رؤية الطفلتي.