كتب: يسرا محمود -
08:37 م | الأربعاء 15 أبريل 2020
ثقتها بنفسها تتقلص كلما ازداد حجم جسدها، مسببا لها آلاما نفسية وتنمرا مُوجعا غير محتمل، لا تملك حيلة سوى السعي الممزوج بالتخبط والإحباط بحثا عن طوق نجاة من السمنة، الذي لم يسبب لها سوى المتاعب والوهن، حتى انتهى المطاف بالشابة إسراء محي والتي تخطى وزنها 220 كيلو جراما، بتبرع أحد الأطباء بإجراء عملية جراحية لها بدون مقابل مادي.
أمام عتبة منزل والد اللاعب محمد صلاح بقرية "النجريج"، بدأت رحلة صاحبة الـ24 ربيعا منذ عامين، للبحث عن وسيلة تخلصها من ضخامة هيئتها الناتجة عن إصابتها بخلل في الغدة الدرقية منذ الصغر، طامحة في استقبال والد اللاعب الدولي لها، وتقديمه مساعدات مادية تعينها على التخلص من السمنة المفرطة.
وتحكي "إسراء" لـ"الوطن" أنها فوجئت بتوافد المئات من مختلف القرى محملين بذلك "الأمل الزائف" في العون، إلا أنه لم يتمكن من التواصل مع الحشود المتناثرة أمام بيته.
بعد خيبة أملها، عادت "إسراء" إلى محافظتها بني سويف، لتكتب منشورا عبر "فيس بوك" توثق فيه مأساتها، وسط تفاعل واسع من رواد منصات التواصل الاجتماعي، ولتفاجأ بإعلان طبيب تغذية شهير بالتبرع بعلاجها، ووعدها بحصولها على الجسد المثالي الذي تحلم به، إلا أنه تخلى عنها عقب أشهر معدودة.
"الوعد الكاذب" للطبيب تسبب في زيادة وزنها من 170 لـ223 كيلو جراما، في ظل توقفها عن تناول عقار علاج الغدة الدرقية، "مابقتش عارفة أخد جرعات قد إيه، والغدة نسبتها عليت من 23% لـ66%، والطبيعي تكون 5%"، ليتبع ذلك التضخم صعوبة شديدة في التنفس والحركة، والاختناق خلال النوم.
زيادة وزنها وإخفاقها في الحصول على وظيفة تناسب مؤهلها دبلوم صنايع، جعلها تشعر بأنها "عبء" على أسرتها، وسط الدخل المحدود لوالدها الذي يعول 4 أفراد، دفعها لترك بيت العائلة والإقامة عند إحدى صديقاتها، محاولة الهرب من الانكسار والضعف، إلا أنها لم تستطع فراق أسرتها وعادت إليهم مجددا، وسط استسلامها لما يحيطها، حتى اقترحت عليها صديقتها المقربة تدوين مشكلتها عبر الصفحات والمجموعات الخاصة بالفتيات، لتحصل على أكثر من 20 ألف تسجيل إعجاب، ومئات التعليقات الداعمة لها، وتلقيها العديد من عروض العلاج مجانا من عدة جراحين، لتختار الطبيب محمد مختار.
الحيوية دبت في عيني الشابة العشرينية، التي تتابع بانتظام ملحوظ تعليمات الطبيب، ملتزمة بالوجبات المحددة، "بفطر ٣ بيضات وخس وجبنة لايت، والغدا سمك مشوي وسلطة، والعشاء كوباية زبادي بس"، في ظل متابعة سكرتيرة الطبيب "ضياء" لها بدأب، "بتصحيني علشان أخد الدوا.. وبتخليني أصور لها أكلي كل يوم"، وسط تفاؤل "إسراء" بإمكانية التخلص من الدهون الزائدة، والاستماع بشبابها.
"نفسي أبقى زي بقية البنات، واشتري لبس كتير حلو، وأحط مكياج، أنا كل دفعتي اتجوزت ما عدا أنا".. كلمات مقتضبة اختلط بها الحزن بالتمني، تلخص ما يجوب بخاطر "إسراء" من أحلام بسيطة تسعى لتحقيقها، بعد سنوات من البكاء تألمنا من عبارات التنمر، "مرة حد من مشاهير سوشيال ميديا، اتأسف للناس علشان دخلت معاه لايف بالغلط، وقالهم معلش على المنظر البشع اللي شوفته"، فضلا عن رفض كافة الشركات عملها معهم لمظهرها، دون النظر إلى سيرتها الذاتية أو سؤالها عن مهاراتها، إلا أنها قررت تخطي كل ذلك والاستعداد لـ"حياة جديدة كلها حياة".
