رئيس مجلس الادارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

رئيس مجلس الإدارة:

د. محمود مسلم

رئيس التحرير:

مصطفى عمار

علاقات و مجتمع

سودانيات يروين معاناتهن مع التنمر بسبب اللون واللهجة: كلامهم بيقتلنا

كتب: إسراء قشطة -

02:50 م | الخميس 19 ديسمبر 2019

لولة

في عرض تكليف جماعي للفرقة الأولى كلية الإعلام بجامعة القاهرة في أحد المواد جذبت فتاة ملفتة الطلة، سمراء البشرة، نظر زملائها حين كانت تحكي عن تنمر البعض بها وبزميلاتها، وقادها تملك التجربة منها إلى أن تدير وجهها مجهشة بالبكاء تتأوه حتى أصبحت تتنفس الصعداء بصعوبة، فتلمس ببساطة كلماتها مشاعر الطلبة، فضجت القاعة تصفيقا لها وإعجابا بها.

من هنا أصبح "التنمر" بالسمراوات غير المصريات جليا، سواء بسبب لون البشرة، أو طريقة النطق، وحتى الملابس.

رويدا: التنمر بيقتلني

الطالبة السودانية بالفرقة الأولى كلية الإعلام جامعة القاهرة، "رويدا محمد"، 19 عاما، روت مواقف تعرضت خلالها للتنمر والسخرية بسبب لونها بشرتها ولهجتها سواء بالكلمات أو الضحكات أو حتى النظرة التي تصيبها بالصدمة والغضب،  كلامهم بيقتلني ويوجعني جامد واقعد اسأل نفسي وأقول ليه كده؟! ليه أنا ربنا خلقني كده دونهم.. بعدين أقعد استغفر".

 صورة عبر موقع تبادل الصور والفيديوهات "إنستجرام"، نشرتها رويدا فرحة بشكلها، ولكن تعليقا من أحد الشباب جعلها تستنكر ما تتعرض له من "تنمر"، تقول في تصريحات لـ"هن"، "الصورة عجبت صحابي لكن شاب مصري قعد يتريق عليا ويسخر مني ومن لوني"، أغضبها التعليق فقررت أن ترد عليه، "انا قلتله راضية بشكلي وعاجبني لوني".

"التنمر" الذي تتعرض له رويدا لا يقف عند اللون، بل اللهجة السودانية الواضحة التي تتحدث بها، تجعلها كذلك مثار سخرية، فتضطر غالبا لتتحدث باللهجة المصرية حتى تتجنب السخرية وحتى يفهمها من تخاطبه، وأشارت إلى أنها تتعجب من عدم فهم بعض الزملاء حديثها السودانية، لأن اللهجة واضحة عربية تشابه المصرية كثيرا.

لولة: إحنا اتخلقنا عشان نتهان

"ليه ربنا جابنا كده.. هو إحنا مش بني آدمين.. إحنا اتخلقنا عشان نتهان"، بهذه الكلمات استهجنت الطالبة "لولة فاولوا" 21 عاما، طالبة كلية الحقوق الفرقة الأولى بجامعة القاهرة، تنمر الشباب والأطفال بل والشيوخ كبار السن بسمرتها وتجعد شعرها.

وأكملت حديثها قائلة: "لما أكون عاملة مثلا ستايل في شعري.. اللى ماشي يسأل إيه ده.. ده مش شعر ده بروكة"، وأضافت "في ناس أول ما يشوفوني يتخضوا، ويقولوا ده إيه العفريت اللي طالع الصبح ده" وعن أثر تلك المواقف عليها قالت، "بيخلوا الواحد يسأل نفسه هو في إيه، إحنا عملنا إيه عشان كده.. هو لوني عيب".

عبارات التنمر ببشرتها وشعرها لم تقف عند هذا الحد، بل إن السخرية من لونها وصل حد التلميح إلى قلة النظافة، "بيقولوا إيه ده إنتوا مبتستحموش ولا إنتي محروقة، بتدبحني نظرتهم ليا".

نشر التوعية والتربية السليمة تراها "لولة" هي المخرج من مأزق التنمر الذي يحيط بالسمراوات، "أهاليهم لازم يربوهم كويسعشان نظرتهم المش حلوة لينا دي بتدفعهم إنهم يتجاوزوا حدود التنمر باللفظ ويزيد لمحاولات تحرش لفظي وجسدي".

روعة: المتنمر جاهل لا عقل له

"روعة محمد" الطالبة السودانية، بجامعة القاهرة كلية الإعلام، رغم ما تتعرض له من تنمر، إلا أنه كانت لها وجهة نظر متباينة عن وجهة نظر صديقتها "رويدا"، إذ تتجاهل كل من يحاول التنمر بسمرتها، وتثق بذاتها وجمال خلقتها وقالت إن كل من يؤذينا بحديثه أو يسخر منا هو ليس إلا جاهل غير مثقف لاعقل له ليدرك به طبيعة عدم التماثل في الشكل، فهي تعتز كثيرا بشكلها ولونها "لو مكنش ربنا خلقني سمرا كنت أتمنيت أكون سمرا زيادة".

ورغم ذلك تتعرض روعة للتنمر، والذي يؤثر عليها بشكل أو بآخر، وكان من بين تلك المواقف بحسب ما روت، "مرة واحدة قالتلي إيه لون المانيكير اللي إنت حطاه ده.. على فكرة ده عايز واحدة بيضة، مش لايق عليك إنت سمرا"، بالإضافة إلى عبارات عنصرية أخرى مثل، "انتوا مليتوا البلد، وروحوا بلدكوا أحسن"، وبالإضافة إلى التنمر بسبب الزواج بالبقر.

ملكة جمال الكون تثير فخرهن

اختيرت زوزيبيني تزنزي ملكة جمال الكون 2019، في المسابقة التي أقيمت في أمريكا مؤخرا، وهي فتاة من جنوب أفريقيا لها بشرة سمراء، وشعر مجعد قصير، وهو ما اعتبره كثيرون انتصارا للسمراوات على مستوى العالم، وهو نفس الشعور الذي شعرت به رويدا وروعة ولولة، وعبرن عن مدى فخرهن بملكة جمال الكون لهذا العام التي تشاركهن اللون والمنشأ وكيف كان تقدمها على أكثر من تسعين امرأة من مختلف دول العالم داعما لاستمرار اعتزازهن  بأنفسهن، وهو ما أكسبهن الثقة التي كانت بمثابة إقرارا للعالم أجمع بوجودهن والاعتراف بجمالهن دون عنصرية أو تنمر.

أستاذ الصحافة بجامعة القاهرة: يجب محاربة التنمر إعلاميا

ومن جانبها، أوضحت الدكتورة "نرمين الصابر" أستاذ قسم الصحافة  بجامعة القاهرة، أن وجود التنمر ليس حديثا، لكن المستجد هو اهتمام الإعلام بشتي وسائله بالتحدث عنه وعن أشكاله وأوضحت أن السبب الرئيسي في شيوع تلك الظاهرة هو تراجع الأخلاق.

وأسندت هذا أيضا إلي التربية وأشارت إلي أن للإعلام دورا في مجابهة تلك الظاهرة، وكشفت لـ"هن"، عن جهود الجامعة لدحض تلك الظاهرة أو التخفيف من عواقبها إذ أوضحت أنه من المستحيل أن يتم اقتلاع المعضلة  من جذورها، وذكرت من تلك المبادرات وحدة "مناهضة العنف ضد المرأة" بالجامعة، والتي أطلقت تحت شعار" نحو بيئة آمنة للجميع.

آليات دمج السمراوات لمناهضة التنمر

أوضحت الدكتورة  نرمين الصابر، أستاذ الصحافة، بعض آليات التي يمكن من خلالها مجابهة ما يتعرضن له الفتيات السمراوات من تنمر.

أولها دمج هؤلاء الفتيات الموهوبات في بعض البرامج التلفزيونية التي تهتم بالمرأة وأمورها حتي يعتاد المشاهد علي رؤيتهن من ثم يدرك وجودهن ويوقن بقدراتهن.

كما اقترحت أيضا أن تشارك تلك الفتيات كعارضات أزياء، أو وجوه لدعايا إعلانية  فيألف الجمهور اختلافهن في اللون.

استشاري نفسي يحلل التأثيرات النفسية للتنمر على السمراوات

أوضح الدكتور" جمال فرويز " استشاري الطب النفسي، مساوئ ظاهرة التنمر، والتي تحدث عادة نتيجة  العنصرية وقلة الثقافة، وكذلك قلة الوعي الديني.

وقال فرويز إنه من آثار التنمر أنه يؤدي إلي الشعور بالدونية  والنقص أو العجز العضوي أو النفسي أو الاجتماعي، بطريقة تؤثر علي سلوكه، مما يدفع بعض الحالات إلي التعصب والانكفاء والضعة وقد يؤدي أيضا إلي الجريمة.

وأكمل "التنمر قد يكون سبيلا للاكتئاب ومنه إلي الانتحار" وأضاف أن بعض الفتيات قد يلجأن لعمليات التجميل التي ربما تضرهن، وقد يصل بهن التأثر إلي إيذاء الذات أو الغضب من ثم الحقد والكره للمجتمع بأعضائه مما يجعل من تأثيرات ذلك التنمر تربة خصبة للاستغلال في الإجرام وهدم كيان المجتمع.

كيف يمكن تخفيف حدة التنمر

أكد الدكتور "جمال فرويز" على ضرورة الدعم النفسي لهن، ومعاونتهن في قضاء حوائجهن ، ومحاولة دمجهن  ومشاركتهن المناسبات الخاصة بهويتهن السودانية الإفريقية، بمساندتهن، وجعلهن معتزات بلونهم ، راضيات، واثقات من جمالهن أيا كان اللون.

كيف تتعامل مصر مع ضحايا التنمر؟

وفي سياق متصل، تحرص مصر على دحض التنمر، ومعاقبة مرتكبيه، وظهر ذلك جليا في واقعة التنمر على الطالب السوداني "جون منوت شول"، والذي تعرض للتنمر، وألقت القوات المصرية القبض على 3 مراهقين مصريين، وأحيل المتهمون إلى النيابة العامة لمباشرة التحقيق.

كما تلقى الطالب السوداني، دعوة رسمية من رئاسة الجمهورية المصرية، للمشاركة في منتدى شباب العالم، بشرم الشيخ، وظهر الطالب بجوار الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال فعاليات المنتدى؛ لترسل الدولة المصرية رسالة سلام للعالم كله، مفادها لا تفرقة بين أسود وأبيض. وقال "جون" عن تلك الجلسة، "مصر بلدي واللي فات مات".