ساعات من يومها تقضيها بصدر رحب أمام موقد ساخن في مطبخها الخاص بها، تبدع في إعداد الأطباق السورية الشهيرة التي لا يخلو الواحد منها من نكهة خاصة تميزها عن غيرها، مذاق مميز ورائحة لا تُقاوم تأسر بهما قلوب زبائنها، تبدع دائما في المزج بين الأصناف العربية والغربية بطريقة مختلفة، فبالأمس كانت طاهية ماهرة قبل وصولها إلى ألمانيا، واليوم أصبحت نجمة بين الآلاف من اللاجئين في برلين، وبات مطعمها الخاص وجهة للعرب والألمان المقيمين هناك.

ربما كانت المحنة في باطنها منحة للطاهية السورية ملكة جزماتي وأسرتها الصغيرة، فبعد أن تركت بلادها سوريا في 2012 إلى المملكة الأردنية التي كانت أولى محطاتها للشهرة والنجاح، التحقت للعمل بأحد برامج الطهي في التليفزيون الأردني، فازدادت شغفاً بعالم الطبخ وانخرطت في اكتشاف أسراره، وحسب روايتها، فبعد أن انتقلت بصحبة زوجها للاستقرار بألمانيا في 2015 ساعدتها خبرتها السابقة في هذا المجال لأن تصبح واحدة من أشهر الطاهيات في العاصمة برلين، حتى وصلت أطباقها إلى المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل.

ملكة: انتقلت إلى برلين 2015 وافتتحت مطعهمها الخاص.. وزبائنها مشاهير السياسة

مزيج من الأصناف العربية والغربية بطريقة عصرية، استطاعت بها السورية ابنة مدينة دمشق البالغة من العمر 32 عاما، أن تحتل شهرة كبيرة في عالم الطبخ بألمانيا، وأضحى مطعمها الخاص Malakeh restaurant بالعاصمة برلين، مكانا مفضلا لكثير من المهاجرين العرب والألمان على حد سواء، وحسب وصفها خلال حوار "الوطن" معها، تحرص على إبقاء هوية بلادها بالمزج بين الأصناف السورية والغربية بطريقة محببة إلى زبائنها، فالمطبخ من وجهة نظرها جزء أساسي من هوية الدول وتراثها.

أطباق ملكة السورية التي تقدمها لزبائنها في المطعم الخاص بها لا تقتصر على المطبخ الدمشقي فقط، بل تقدم أكلات من كافة محافظات سوريا، كـ"المشمشية" وهي أكلة دمشقية معروفة، و"لحمة بكرز"، أكلة شهيرة بحلب وإدلب، وغيرها من الوصفات السورية، وحسب تعبيرها: "أكلاتي من كل المحافظات السورية، باخد الجزء الحلو من كل أكلة، عم حاول اشتغل خارج الصندوق مثل ما بيقولوا".

في 2017 أكلت ميركل من يد ملكة في البرلمان الألماني وسألتها عن طريقة إعداد الشاورما

"ملكة ووصفات حنين للوطن".. عنوان الكتاب الذي أصدرته الطباخة السورية باللغة الألمانية 2017، قدّمت فيه معلومات ووصفات للأطباق السورية التقليدية المختلفة، وارتباط كل أكلة بمناسبات مختلفة في المجتمع السوري، ما ساعد على إكسابها مزيد من الشهرة في العاصمة الألمانية.

بخلاف زبائنها الألمان وأصحاب الجنسيات المختلفة المترددون عليها كل يوم، كانت أطباق ملكة على موعد خاص في 2017 مع كبار مسؤولي الدولة الألمانية وعلى رأسهم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، فرائحة ومذاق مأكولاتها وحرصها على التجديد والمزج بين الوصفات العربية والغربية بطريقة مميزة كانت سببا لاختيارها للمشاركة في إعداد "البوفيه" الخاص بحدث كبير داخل البرلمان الألماني، بحسب وصفها، تم إبلاغها بذلك وبدأت في الاستعداد للحدث دون علمها بأسماء الحضور.

أصناف مختلفة تزيّنت بها مائدة طعام الحضور بالاجتماع المنعقد داخل البرلمان الألماني، إلا أنّ مذاق "شاورما" ملكة استحوذت على اهتمام "ميركل" للدرجة التي دفعتها إلى أن تسأل الطباخة السورية عن كيفية إعدادها: "قالتلي إنّها مو دايقة شيء قبل هيك وسألتني عن الوصفة شو حاطة فيها"، وحسب روايتها، قدمت لها الشكر والتحية على اجتهادها وسعيها للنجاح في بلدها الثاني ألمانيا.

تجمع ملكة الأطباق العربية والغربية بطريقة عصرية وتحرص على إحياء المأكولات الشعبية في سوريا

مشاهير السياسة في ألمانيا والسفراء والدبلوماسيين، كانت أرجاء مطعم "ملكة" ذات الطابع العربي شاهدة على زياراتهم على فترات متفاوتة، الكل ينجذب نحو الرائحة والنكهة المميزة، ويوما بعد يوم تزداد مهارة وتمتلك سرا خاصا في أطباقها، وبات حلمها الآن أن يأكل من يديها كل شخص سياسي صاحب قرار بالعالم: "بحلم أوصلهم رسالة إن إحنا كشعب سوريا وشعوب عربية عندنا حب، وبتمنى مثل ما إحنا بنطبخ ليهم بحب يردولنا الجميل ويعطونا سياسية مليانة سلام".