كتب: نهال سليمان -
03:26 م | الأحد 03 نوفمبر 2019
حلم طفولي أن تصبح يوما ما أستاذة جامعية ثم وزيرة السياحة، صاحبة اجتهاد مدرسي وتفوق بالمراكز الأولى على أقرانها منذ التحاقها بثانوي السياحة والفنادق رغم مجموعها الذي يؤهلها للالتحاق بالثانوي العام، مرورًا بالحصول على المرتبة الأولى في البكالوريوس، حتى بعد أن رفضت الجامعة التحاقها لإكمال الماجستير أكملت المسيرة التعليمية في جامعة في محافظة أخرى، رافضة أن يقف أمامها أي عائق، لتقتني موتوسيكل "سكوتر" تستخدمه كمورد رزق تنفق منه على دراستها العليا التي تحتاج لكثير من النفقات.
حصلت إيمان أسامة، 24 عاما، على بكالوريوس السياحة والفنادق هذا العام من معهد المريوطية، بعدما لم يجرى قبولها سوى في جامعة المنصورة، وبعد رفض قبول رغبات تقليل الاغتراب من جامعة حلوان رغم كونها الأولى لمدة 5 أعوام في الثانوي الفندقي، لتعود مرة أخرى بعد الحصول على بكالوريوس بدرجة امتياز، وكونها الأولى على الدفعة للتقديم على الماجستير لترفضها حلوان مرة أخرى بداعي أن الدراسات العليا بها لا تسمح سوى لخريجي الثانوية العامة "المفروض إن اللي اتشرب التخصص 5 سنين زيادة عن الثانوي العام هو الأولى بس رفضوني زي ما المعهد رفض أتعين معيدة وقالوا هنعينك سكرتيرة.. دورت واتقبلت في الفيوم وهبدأ الماجستير السنة دي على طول بعد ما تخرجت وأوصل لحلمي".
الحصول على "سكوتر" أمنية راودت الفتاة العشرينية منذ ستة أعوام، وبات تحقيقها أمرا ضروريا للوصول إلى الحلم الأكبر: "أمي اتحملت كتير وتعبت معايا وصرفت على تعليمي والماجستير تكلفته عالية، وكل يوم مصاريف، قررت أجيب الموتوسيكل اللي نفسي فيه من زمان واستخدمه للمشاوير ووسيلة للشغل علشان أصرف على نفسي"، وذلك بحسب إيمان في حديثها لـ"الوطن".
حصولها على البكالوريوس كان من الممكن أن تحصل من خلاله على عمل، لكن حلم إيمان في العمل كأستاذة جامعية جعلها تبحث عن وسيلة لا تعارض الدراسات العليا، لتجد ابنة بولاق الدكرور في الإسكوتر وسيلة للعمل في أوقات فراغها، وخصوصا أن هذا العام ممتلئ عن آخره: "عندي خدمة عامة وتمهيدي ماجستير في جامعة الفيوم وبرضو أكون مع ماما.. الإسكوتر هنزل اشتغل في الوقت اللي يريحني وأزود الوقت أو أنقصه على حسب اليوم".
من أمام جامعة القاهرة تبدأ إيمان رحلات نقل زبائنها عبر التطبيق الإلكتروني، رغم التعليقات الساخرة الكثيرة التي تواجهها كل يوم إلا أنها لا ترى أمامها سوى أحلامها البعيدة، بين أناس يهزأون من كون الفتاة تمتطي الدراجة البخارية وبين ركاب يقومون بإلغاء الحجز عندما تظهر صورتها على تطبيق التوصيلات لمجرد أنها فتاة فقط، إلا أن دعم والدتها لها يدفعها نحو الاستمرار "ناس كتير بتتريق وناس بتقفل عليا في الطريق بس فيه ناس بتوسع لي في الطريق وتساعدني وتشجعني وصحابي نفسهم يتعلموا زيي لكن أهلهم خايفين عليهم رغم إن القدر ممكن يجي وأنا على سريري زي ما أمي بتقول.. نفسي الأمهات كلهم يكونوا زي أمي الحلوة بتاعتي يقفوا في ضهر بناتهم طالما الحاجة اللي بيعملوها مش حرام علشان البنات بتعمل كل حاجة من ورا أهلها لو رفضوا".
موقف تعرضت له سائقة الاسكوتر أمس، جعلها تقرر أنها ستعمل لنقل الإناث فقط، حيث تحكي أنها بدأت في خدمات توصيل الركاب منذ شهرين، ولم تتوقع أبدا أن يقوم شخص ما بالتحرش بها، وهو ما لم يحدث حتى أمس: "كنت دايما متوقعة إن الحركة دي ممكن تيجي من سواق في موقف وكنت بحاذر إنما من حد راكب معايا صعب جدا اللي اتعرضت له وماكنتش عارفة اتصرف"، لذلك قررت هي ووالدتها أن يكون كل عملائها من الإناث وأن جامعة القاهرة هي مقرها الرئيسي حتى لا تبتعد عن المنزل مع رفض تام لتوصيلات المنازل، ومن ثم شجعتها والدتها على نشر صورها ورقم هاتفها على مجموعات موقع التواصل الاجتماعي الخاصة بالبنات كي تأمن عليها وكي تبحث عن عملاء يبحثون عن توصيلة أرخص ثمنا وأكثر أمانا مع بنت جنسهم.